سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد
فإنه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك يشرفني ان اتقدم لعموم المسلمين بالتهنئة الخالصة راجيا من المولى عز وجل ان يهله علينا جميعا باليمن والمسرات وان يعيننا على صيامه وقيامه ويتقبله منا, وإني بهذه المناسبة الطيبة أذكر أهل الخير وهم كثر ولله الحمد في هذه البلاد المباركة حرسها الله من كل سوء ومكروه أذكرهم باخوة لهم هم بأمس الحاجة إليهم بعد الله عز وجل لسد حاجتهم وتطييب خواطرهم وادخال السرور عليهم حمداً لله وشكراً على انعامه وأفضاله الكثيرة التي ميزهم بها وقد تأذن الله بالزيادة لمن شكر ووعد بالخلف والفلاح لمن انفق فقال جل وعلا (لئن شركتم لأزيدنكم) وقال: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) وقال: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وقال عليه الصلاة والسلام: ما نقصت مال من صدقة بل تزده بل تزده وقال: مامن يوم إلا وينزل فيه ملكان يقول أحدهما اللهم اعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم اعط ممسكا تلفاً وقال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربته او تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي في حاجة أخ لي أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً الحديث.
وليكن جزءاً مما يبذله أهل الخير لهؤلاء المحتاجين عن طريق الجمعيات الخيرية التي اخذت على عاتقها رعاية الكثير من الايتام والارامل والأسر المحتاجة وغير ذلك وقد تكون أقرب لهؤلاء من ذويهم لانها جاهزة في كل وقت لتلبية طلباتهم حسب امكاناتها والجمعيات الخيرية وقد بلغت اكثر من مائة وثمانين جمعية انتشرت في انحاء المملكة وقد ترسمت لدى ولاة الامر فهي تتحمل مسؤولية تصريف الاموال التي تصل إليها من المحسنين وتبرأ ذمة المتصدق او المزكي بتسليم ماله لها فهي تتولى دراسة احوال الاسر الفقيرة وتعد لها ملفات تتضمن كافة المعلومات عنها وتقدم لها اعانات دورية نقدية وعينية وبطريقة منظمة ودقيقة ولا تقتصر خدماتها على ذلك فحسب فهي تقوم بخدمات اخرى تشمل كافة فئات المجتمع بما تبنته من مرافق عامة كالمستوصفات ورياض الاطفال والدورات التدريبية وغيرها الا يجدر بنا والحالة هذه ان ندعم تلك الصروح الخيرية ماديا ومعنويا ونقف معها ونذب عن اعراض القائمين عليها لما يبذلونه من جهود في سبيل انجاحها يبتغون بذلك وجه الله والدار الآخرة.
إن من المشاهد على كثير من الناس تعاطفهم مع المتسولين الذين يترددون عليهم في مكاتبهم ويقفون امام ابواب المساجد والبنوك متذللين لغيرالله فيبرونهم بدفع زكواتهم لهم غير مدققين في احوالهم وهذا ما يشجعهم على الاستمرار في هذه المهنة الدنيئة التي طالما بذل ولاة الامر اعانهم الله جهوداً كبيرة للحد منها خاصة وانها توفرت القنوات الخيرية التي يجدون حاجتهم بها لو كانوا صادقين كالضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية والمبرات والمستودعات وغيرها وان على ائمة المساجد منع هؤلاء المتسولين والتعاون مع ولاة الامر في نصحهم وتوجيههم وتحذيرهم من مغبة تلك الفعلة المشينة, وقد صدرت موافقة صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حفظه الله مؤخراً بتنظيم حملة لمكافحة التسول في بعض المدن والمحافظات يشترك فيها بعض قطاعات الامن العام مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووكالة الوزارة لشؤون المساجد والاعلام وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بناء على توجيه سموه وفقه الله, وستؤتي هذه الحملة ثمارها بإذن الله كلما تضافرت الجهود وتعاون المواطنون للوقوف بوجه هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا.
ان إعطاء هؤلاء المتسولين من اموال الزكاة بالذات بدون بحث عن احوالهم وكذا من يدفعون زكواتهم كعادة سنوية لقرابتهم او لمن يخافون من ألسنتهم وهم ليسوا من اهلها كما هو الحال مع بعض الناس لا تبرأ بها ذمة المزكي بعكس ما لو أعطيت الجمعيات الخيرية التي اصبحت وسيطا بين الغني والفقير وتتحمل مسؤولية انفاقها وان من الواجب البحث والتحري قبل دفع الزكاة حتى لا يعطي المال لغير مستحقيه الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز بقوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة60.
وإني أحث اخواني الموسرين ان ينتهزوا فرصة هذا الشهر الكريم بالتقرب إلى الله في مد يد العون لذوي الحاجات والعوز ما داموا قادرين والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
يقول الشافعي رحمه الله:
الناس بالناس ما دام الحياء بهم
والسعد لا شك تارات وهبات
وأفضل الناس من بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
لا تمنعن يد المعروف عن أحد
مادمت مقتدراً فالسعد تارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما تت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
هذا وأشكر الله جلا وعلا الذي منَّ على هذه البلاد بنعمة الأمن والرخاء ثم الشكر لولاة أمرنا حفظهم الله الذين لم يألوا جهدا في دعم كل عمل خيري في داخل المملكة وخارجها ثبت الله على طريق الخير خطاهم وتقبل منهم ونفع بهم الاسلام والمسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.