| القرية الالكترونية
بالرغم من انتهاء الاستعمار بشكله المعروف والتقليدي في العالم تقريباً ما عدا بعض الشعوب المستضعفة كدولة فلسطين وجمهورية الشيشان وكشمير الا انه يبدو في الأفق استعمار من نوع آخر قادم الى دول العالم الثالث والعربي بشكل خاص في المستقبل القريب وهو الاستعمار الالكتروني هذا الاستعمار الالكتروني هو عبارة عن فخ وكمين منصوب لتلك الدول بقصد أو بدون قصد اذا لم تتدارك الأمر هذه الدول وتفلت من قبضته تلك الدول بسرعة، كما فعلت بعض الدول الأخرى.
هذا الاستعمار الالكتروني قد بدا واضحاً عند الكثير من المهتمين بالحاسب والانترنت في احتكار شركة مايكروسوفت لبرامج التشغيل والتطبيقات في البلدان العربية من جهة، ومن جهة أخرى ظهور بعض المنظمات أو التنظيمات ذات الصبغة الدولية والعالمية في مجال المعلوماتية والأمن المعلوماتي وهذه المنظمات والهيئات وان تلبست بالزي العالمي الا انها موجهة لخدمة فئة معينة أو دول معينة على حساب الدول العربية والاسلامية تماما، كما تحرص هيئة الأمم ومجلس الأمن بالمصالح الغربية والاسرائيلية على حساب العرب والمسلمين.
وفي هذا المقالة سنتطرق الى المخاطر التي ستنتج من استمرار احتكار شركة مايكروسوفت لأنظمة التشغيل في البلدان العربية من الجوانب الاقتصادية والتقنية والعسكرية والأمنية والحل المقترح للخروج من هذا الفخ.
فان السير باتجاه التقنية والمعلوماتية الحديثة هو شيء طيب جداً ويجب الحث عليه ولكن السير في الطريق الذي رسمته شركة مايكروسوفت قد يؤدي الى فخ كبير وخاصة ان شركة مايكروسوفت هي أكبر منتج لبرامج التشغيل والتطبيقات بدون منافس على الاطلاق في البلدان العربية, وهذا بخلاف الدول الأخرى غير العربية التي يتوفر لديها أنظمة تشغيل منافسة لنوافذ المايكروسوفت كنظام لينكس Linux المجاني ونظام صن sun وغيرها.
أضف الى ذلك ان شركة مايكروسوفت تقوم بإخفاء واحتكار الطريقة التي تبني بها برامجها, أي ان الشركة تقوم بعمل هذه البرامج التشغيلية ببرمجة معينة code واخفائها عن الآخرين واظهار البرامج المشغلة فقط executable للمستخدمين وان كان لها الحق في اخفاء هذه الشفرات فانه في المقابل هناك أخطار كثيرة وكبيرة على المستخدمين دولاً وشعوباً في اخفائها, فمن الناحية الاقتصادية فان الشركة تستطيع فرض السعر الذي تريد, كما تقوم مع منظمة حقوق الملكية الفكرية، بمحاربة أي محاولة لنسخ البرامج التي ليس لها منافس, أما مع البرامج التي يوجد لها منافس فتقوم ببيعها بسعر مخفض مؤقت لطرد المنافسين من السوق ثم بعد موت المنافس وطرده من السوق تعود مرة أخرى وتفرض السعر الذي تريد.
ولمعرفة مدى التكاليف التقديرية التي ندفعها سنوياً مقابل الحصول على برنامج النوافذ فقط للأجهزة الموجودة في المملكة فانه يمكن تقدير أعداد الأجهزة التي سيتم تحميلها برنامج النوافذ - وفي الواقع أغلبها ان لم يكن كلها في الأجهزة الحكومية والشركات الوطنية والجهات التعليمية وضرب هذا العدد في سعر الحصول على رخصة البرنامج, أفترض انه يوجد مليونا جهاز في القطاع العام والشركات ومليونا جهاز في الجهات التعليمية فان التكلفة المقدرة للحصول على رخص هذا البرنامج ستكون أكثر من ملياري ريال سنويا, هذا بافتراض 900 ريال تقريباً سعر الرخصة في القطاع الحكومي للجهاز الواحد و250 ريالا تقريباً للجهاز في القطاع التعليمي, مع ان الرقم قد يكون أكبر من ذلك وخاصة اذا عرفنا أولاً ان الأسعار التي تم تقديرها تمثل أقل تقدير وان مشروع الأمير عبدالله للحاسب الآلي لوحده يهدف الى توفير أكثر من نصف هذه الأجهزة تقريباً, هذا في الوقت الحالي ولكن في المستقبل فإن أعداد الأجهزة ستتضاعف والاعتماد على الكمبيوتر سيزداد وسنتوغل في أعماق التقنية بشكل أكبر, وأفترض انه في المستقبل وبعد اعتمادنا على الكمبيوتر اعتماداً كلياً رفعت الشركة سعر رخصتها الى أضعاف مضاعفة فما العمل؟
هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية الأمنية والعسكرية فموعدنا الأسبوع القادم ان شاء الله.
alsallom@ksu.edu.sa
|
|
|
|
|