تعدي جريدة أم القرى منذ صدورها سنة 1343ه وعاءً حقيقياً لتاريخ الأدب السعودي، إذ حفلت بكثير من نتاج أدباء هذه البلاد، وإسهامهم الشعري وبخاصة الشعر الذي قيل في مواسم الحج، ونحو ذلك من المناسبات الاجتماعية الأخرى، ولعل رصد هذا العطاء الأدبي يزيد في قيمته، ويظهر أهميته، إذ الحاجة ماسة لرصده وتدوينه.
ولعل أبرز ما أفاض به الشعر في هذه الصفحة من عطاءٍ أدبي يتمثل في تصوير حال هذه البلاد السعودية، وقد اكتمل عقدها، وانتظم شأنها، حيث أسعد أولئك الشعراء واقعها السياسي الذي غدا مثلاً للهدوء، والاستقرار السياسي بعد فرقة، وخلاف مستمر، ولم تكن شخصية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بقليلة الشأن في معاصريه من الشعراء، وإنما كانت ذات اعتبار سياسي كبير، ومكانة علية مشرقة.
أقول عندئذ انظر على سبيل المثال لحقيقة تلك الشخصية السياسية في شعر علي بن محمد السنوسي 1315 1363ه شاعر تهامة يؤمئذ وهو يقول في موسم حج عام 1356ه.
يا أيها الملك العظيم والذي
كرمت عناصره وطاب المحتد
فليهنك الحج الذي لك نسكه
نفل به تقوى الإله تؤكد
وليهنك العيد الذي أضحت به
قدداً قلوب الحاسدين وأكبد
وليهنك الملك الذي من دونه
بيض على الباغي تسل وتغمد
وليهنك المجد الذي ما بعده
يُهدى المديح ولا قصيد ينشد
بخ بخ لسكان البلاد وأهلها
في ظل ملك ما أضاء الفرقد
أنعم بمجد لا يبيد ودولة
تبقى على مرّ الزمان وتخلد 1
الحواشي
1 أم القرى، ع 643، س 13، يوم الجمعة 20 المحرم 1356ه .