| العالم اليوم
نطالب في كتاباتنا ويحث المتحدثون في البرامج الحوارية التلفزيونية على استمرار الانتفاضة الفلسطينية المباركة، متناسين أن الانتفاضة مثلما لها نتائج ايجابية مستقبلية كونها الأسلوب الأمثل لتحرير الوطن وطرد المحتلين، لها آثار سلبية تنعكس على الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، فالشعب الفلسطيني الذي يخوض صراعاً مع عدو شرس بلا أخلاق ولا قيم يواجه حرب إبادة لايتوانى عدوه في استعمال أشد الوسائل إيلاماً وإيذاء، فبالإضافة الى عمليات القتل العمد بالرصاص والصواريخ والقذائف المدفعية، يتعرض الفلسطينيون إلى عملية تدمير طويلة الأمد من خلال ممارسة حصار معيشي متواصل وقطع موارد الرزق وتدمير للبنى التحتية الصحية والتعليمية والسكنية وغيرها من متطلبات الحياة اليومية، بحيث تجعل السكان يعيشون في جحيم يومي متواصل، الرصاص يحاصرهم أينما يذهبون والقذائف والصواريخ تستهدف منازلهم، والأبواب مقفلة في وجوههم وحتى المبالغ القليلة التي كانوا يكسبونها أصبح متعذراً عليهم الحصول عليها، فالموظفون في السلطة الفلسطنية لايحصلون على رواتبهم لأن ما لدى السلطة من أموال قد نفد، والعمال الذين كانوا يكسبون رزقهم في وطنهم السليب الكيان الاسرائيلي متجاوزين مايشعرون به من ذل وإحباط، لم يعد في مقدورهم الذهاب الى هناك بعد أن أقفلت المعابر في وجوههم، ولأن النقود قد اختفت من الأيدي، فالمتاجر لاتبيع وتوقف حال الناس هناك بانتظار أن يجدوا من يهب لمساعدتهم.
السلطة الفلسطينية تصرخ مستنجدة، وإذا كانت المملكة وحسب تصريح الرئيس ياسر عرفات بأن سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز قد دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين الفلسطينيين، فإن الآخرين لم تصل أموالهم بعد، وحتى أموال الصندوقين اللذين أقرتهما القمة العربية لايمكن أن تصرف على الرواتب والمساعدات وإلا فإنه مهما قدمت من أموال ستنفد في الشهر، والخطة العربية أن تستثمر في مشاريع تدر دخلاً مستمراً، وتوفر فرص عمل للفلسطينيين.
وهنا يبرز دور الذين يصرخون ليل نهار مطالبين باستمرار الانتفاضة الفلسطينية، ونتساءل بدورنا، ماذا قدمتم لدعم الانتفاضة الفلسطينية وجعلها تتواصل,, هل تستمر الانتفاضة بالصراخ الذي نشهده في الفضائيات,, وبالاستعراضات التي يقيمها صدام حسين.
كنت أتحدث حول أساليب دعم أهلنا في فلسطين المحتلة مع صديق فلسطيني قدم للتو من داخل فلسطين، وباغتني بسؤال لم أشأ أن أتحدث عنه في السابق حتى لايفسر تفسيراً خاطئا، الصديق تساءل ماذا قدم الفلسطينيون الموسرون لدعم أهلهم في فلسطين، وأضاف الصديق هناك عشرات ان لم يكونوا المئات من الفلسطينيين الذين يصنفون مليونيرات هل سمعت بأن أحدهم تبرع للانتفاضة ,,؟!!
أجبت الصديق، ان من تسميهم بالمليونيرات الفلسطينيين يشككون في مصداقية الأجهزة الرسمية الفلسطينية خاصة في القضايا المالية.
رد بسرعة، لا نريد أن يرسلوا أموالهم الى السلطة الفلسطينية، ليرسلوها الى العوائل الفلسطينية, هنالك فتوى شرعية تعتبر الصرف وكفالة عائلة الشهيد الفلسطيني والأسير الفلسطيني صدقة جارية، فمن من أصحاب الملايين من الفلسطينيين ولا نقول العرب لأن العديد من العرب كفلوا العشرات من عوائل الشهداء، ولم نسمع أن فلسطينياً من الذين نسوا الوطن وأقاموا خارجه، بعضهم يحمل جنسيات عربية وأوربية وأمريكية تكفل بعائلة فلسطينية.
وأضاف صديقي، ونحن الفلسطينيين وإذا وصلنا الى اليأس من المليونيرات نطلب من إخوتنا الفلسطينيين الآخرين الموسرين أن تقوم كل عائلة فلسطينية بكفالة عائلة فلسطينية أخرى تعيش داخل الوطن، فكل من يعيش الآن في فلسطين المحتلة بحاجة الى من يساعده ويستوي في ذلك أسر الشهداء التي فقدت معيليها وأسر الأسرى التي لا تجد من يصرف عليها، وعوائل العمال الفلسطينيين الذين تقطعت السبل أمامهم لكسب رزق أبنائهم، وإذ ساهم إخواننا العرب في هذا المشروع فما عليهم سوى الاتصال بأي سفارة فلسطينية في البلد الذي يتواجد فيه المحسن، أو يطلب من أي فلسطيني تزويده بعنوان أي أسرة فلسطينية تعيش داخل فلسطين المحتلة لتقديم العون لها,, وبذلك نضمن تواصل الانتفاضة,,, أما أن ندعو لاستمرارها عبر محطات التلفاز,, وعبر المهرجانات والاستعراضات فقد شبع الفلسطينيون من كل ذلك مثلما شبع مليونيراتهم فنسوا الأرض التي أنجبتهم.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser@Al-jazirah.com
|
|
|
|
|