| ملحق جسر الملك فهد
إن تجربتي مع جسر الملك فهد تختلف عن الآخرين, لقد عاصرت الجسر قبل أن يظهر للعيان حيث كنت أسكن مباشرة على الساحل الواقع على يسار الجسر دخولاً من البحرين, عاصرنا عملية المسح وأعمال الحفر والردم ونقل قطع الخرسانة وأعمال البناء وبالطبع تقلق منامنا الأصوات المدوية التي تنتج عن إنزال الأعمدة الخرسانية ناهيك عن عرقلة السير وازدحام الطريق الضيق الوحيد المؤدي إلى الموقع حيث تعرفنا على جميع أنواع الآليات وعربات النقل التي كانت تقوم بعملية البناء ونقل الأحجار لردم شارع الجسر تجعل من غرف منامنا نهاراً على الرغم من إضافة ستائر سميكة على النوافذ واستمر هذا الوضع حتى حفل الافتتاح في عام 1986م على الرغم من جميع تلك الإزعاجات إلا أننا كنا سعداء نتوسم الخير كله من هذا المشروع المبارك, ولكم كانت الفرحة غامرة عند أبنائي وعندي عندما اصطحبتهم إلى مدخل الجسر وهم يشاهدون المواكب الرسمية للأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله وطيب ثراه وضيوفه الذين حضروا لافتتاح الجسر.
لقد تحققت تواقعاتنا فإن الجسر حقق التواصل بين الشعبين الشقيقين ووثق عرى التواصل وقوى أواصر المحبة, ومن جانبي فإن الجسر أجده نعمة أحمد الله عليها كلما مررت عليه وأدعو لمن فكر به أو أمر بإنشائه, نتيجة لوجود الجسر فلقد سهل الأمر علينا في بناء مدرستي الحكمة الدولية النموذجية فأغلب المواد الإنشائية التكميلية والأثاث المكتبي والمدرسي تم نقله عن طريق الجسر كذلك تم التعاقد مع مكاتب هندسية سعودية لتقوم بعملية تصميم خرائط المبنى.
أما الجانب التربوي فإن المدرسة يقصدها طلبة من المملكة العربية السعودية سواءً للدوام النهاري أو الانضمام للقسم الداخلي مما يربط الأجيال القادمة وبناء أواشج المحبة والتواصل ويعطيهم الشعور بأن البلدين وطن واحد يصبحون في واحد ويمسون في الآخر,
أما الجانب الاجتماعي فقد انتفع بلاشك من هذا المشروع المبارك فالتواصل بين الأسر وثّقت عراه وزاد عدد الزيجات وما ينتج عنها من تلاحم الأسر في الجانبين بالتصاهر والتراحم.
ولاننسى الجانب الاقتصادي فالمردود إيجابي للطرفين، فالتبادل التجاري ارتفعت معدلاته وبالتالي استفادت المملكة من تصريف منتجاتها كما أن البحرين استفادت من الواردات على صعيد الدولة والجمارك والشعب من جراء انخفاض أسعار الواردات نتيجة لقرب مصدر الإنتاج أو استخدام النقل البري وما يترتب عليه من انخفاض في قيمة الشحن, كما أن أسواق المنتجات الغذائية الطازجة مثل الفواكه والخضروات ازدهرت وانخفضت الأسعار فيها نتيجة إغراقها بالمنتجات السعودية المستوردة عن طريق الجسر والنقل البري كما هو الحال في نقل منتوجات النقل الأخرى فانكسر الاحتكار الذي فرضته على البحرين شركات النقل الجوي أو مجموعة من التجار، فانخفضت الأسعار بصورة قابلها المواطنون بكل ارتياح.
وكعضوٍ في مجلس الشورى أرى أن الفوائد الاقتصادية لهذا المشروع تفوق ما كان متوقعاً لها فالمستثمرون من البلدين يدفعون بثرواتهم في الجانبين للاستثمار في المشاريع الصناعية والمصرفية، ونجد العديد من الشركات السعودية والعالمية نقلت مراكزها إلى البحرين وهذا يعني تداول أكثر في البحرين للاستئجار وإنعاش السوق المحلية الاستهلاكية, كما أن الفائدة المباشرة التي يغفلها الجميع هو الازدهار والانتعاش للمنطقة الغربية فبعد أن كانت قرى صغيرة نائية تحولت إلى مناطق سكنية راقية وتم توصيلها بالطرق السريعة التي أضافت إلى دولة البحرين معلماً حضارياً مشرفاً.
ومهما تحدثت فالكلام لا يوفي هذا المشروع حقه ووصف منافعه وإيجابياته ولا أجد غير التقدم بالشكر الجزيل للقيادتين الرشيدتين في البحرين والمملكة العربية السعودية على هذا التلاحم الأخوي وهذا الإنجاز الجبار جمعنا الله دوماً على طريق الخير والمحبة والعطاء,
*رئيسة مجلس إدارة مدرسة الحكمة الدولية النموذجية وعضوة مجلس الشورى بالبحرين
|
|
|
|
|