| مقـالات
تعتبر الأمثال الشعبية من أهم أدوات القياس التي يوظفها علماء الاجتماع بغرض قياس الظواهر الاجتماعية وتحليلها، وهي اللغة السرية التي يتحدثها المجتمع ويستعملها في المناسبات ليتم من خلالها سن القوانين ووضع الحدود وتوضيح المساحات المسموحة والتي من الممكن التحرك بداخلها دون سواها من الأمكنة.
وهناك مثل شعبي يختص في المنطقة الوسطى من الجزيرة العربية يقول مصورا العلاقة المتوترة المستريبة والغامضة في الوقت نفسه بين الرجل والمرأة (يصبح ممنيها,, ويمسي مخليها) أي أن من الممكن أن يعطي الرجل أنثاه كومة من الأماني في الصباح، ومن ثم من الممكن أن يتركها ويغادرها في المساء؟!
ومن خلال التأمل الاستقرائي للمثل السابق، لابد أن يتضح أمامنا الكثير من ملامح الأرضية التي انطلق منها وعبر عنها وهي تتلخص فيما يلي:
يحكم علاقة المرأة والرجل كم وافر من الغموض والاسترابة بالشكل الذي يجعلها عاجزة عن تفسير أطواره وأمزجته، وبالتالي لا ترجع في التعامل وإياه إلى خبرتها اليومية أو ما يسمى بالعشرة، بل هناك مساحة واسعة من القلق والتوقع.
عدم حصول المرأة على الأمان والاطمئنان النفسي في ظل علاقة تتحكم بها قوانين غامضة وخفية وبإمكان الرجل أن يفجرها في وجهها في أي آن.
هناك مساحة واسعة يتحرك فيها الرجل ما بين الصباح والمساء، وبداخل هذه المساحة المقبولة بل والمباركة اجتماعيا، باستطاعته أن يتخذ جميع القرارات، حتى ولو كانت قرارات عشوائية وغير مدروسة وتخضع للمزاج إلا ان المجتمع يبيح له أن يتدله بزوجته صباحاً وأن يفارقها مساء, وهكذا كأنه يمثل سلطة علوية صارمة لا تخضع للمساءلة أو الاستجواب.
هناك روح تآمرية خفية في المثل السابق بين الرجل وسلطة المجتمع التي تستلب من المرأة جدارها الأخير ومن ثم تطلب منها أن تدخل معركة قد تحدد فيها المنتصر سلفا.
وبامكاني أن أستمر إلى ما لا نهاية لكن بالتأكيد لن اضيف الكثير إلى هذه الخطوط العريضة لما سبق.
وعلى الرغم من ان المثل السابق ما برح يتداول بين الكثير من الفئات في المجتمع على اختلافها وتنوعها إلا أن العزاء الوحيد للسيدات هو أن المثل يعود إلى حقبة زمنية قديمة، فلعله قد فقد قدراً من سطوته وتأثيره مع تقادم العهد وتباعد مسافات الزمن.
ردود :
الأستاذ سامي السديس:
اشكر لك متابعتك وحماسك تجاه الموضوع، ولكن هذا الموقف يحدث للأمة وهي في أحلك انكساراتها وخذلانها، وإن كان الجهاد خياراً مطروحاً، فهو أيضاً أنواع ودرجات حقنا لدماء المسلمين، الذين حتما يعون تماما موازين القوى في هذا العالم وإن مع العسر يسرا إن شاء الله.
omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|