| ملحق المائدة
لقد خلق الله الإنسان وأودع فيه أنماطاً من السلوك تتبدى بآليات تفضي إلى غاية حفظ النوع البشري والتشبث بالحياة,, وقد اصطلح لهذه الآليات تسمية الغرائز,.
ولعل من أكثر الغرائز مرافقة للإنسان طول عمره دافع الجوع الذي يحرضه للسعي نحو الطعام, وقد نالت غريزة الجوع حظها من التهذيب شأنها شأن الغرائز الأخرى التي اتخذت أشكالاً راقية تليق بإنسانية البشر,, على أن التهذيب أو الرقي يخضع لمفاهيم نسبية ترتبط بالزمان وبالمكان، فلكل أمة أنماط غذائية تتميز بها عن غيرها سواء من حيث أصناف المأكولات أو من حيث توزيع الوجبات، وضمن دائرة الأمة تبرز حسب الإحداثيات الجغرافية أنواع من المأكولات تطغى على سواها, فالمقدم لدى سكان الجبال قد يكون متأخراً لدى سكان الصحراء وكلاهما قد يكون في الوسط لدى سكان السواحل, من ثم فالمائدة ليست أواني يملؤها الطعام إنما هي مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية تتجلى فيها عادات وثقافات هي الطوابع المميزة لكل أمة.
وإذا التفتنا إلى المائدة العربية فإنها قصة تطول تفاصيلها ولعل العنوان يغني في هذا المقام,, الكرم: وهو العادة الحميدة بغض النظر عن دوافعها التي أرجعها بعضهم إلى خوف العربي من الوصف بالبخل فبالغ ليوصف بالنقيض وهو الكرم, ويرجعها بعضهم إلى ظروف الصحراء التي تجعل الإنسان أكثر تفهماً لحاجة الجائع ,لأنه كثيراً ما يقع تحت هذا الوصف والغريب أن تلك الدوافع والموجبات قد انحسرت في حياتنا الراهنة ولكننا على الرغم منها لانزال كرماء ففائض الولائم يرجح بكفته على ما يأكله الضيفان, وجزى الله رمضان خيراً لأنه يذكرنا بما كانت الصحراء تذكر به وهو الإحساس بجوع الآخرين.
غير أن الكرم على كثرة التأويلات صفة حميدة، ونحن -العرب- شيوخه بلا منازع ويشهد على ذلك حاتم الطائي، كما تشهد بذلك لغتنا التي احتوت مفرداتها على 10 من الأسماء والصفات للولائم والمناسبات، وهي:
القِرى: طعام الضيفان
التحفة: طعام الزائر
الخرس: طعام الولادة
المأدبة: طعام الدعوة
الوليمة: طعام العرس
العقيقة: طعام المولود
النديرة: طعام الختان
الوضيمة: طعام المأتم
النقيعة: طعام القادم من سفره
الوكيرة: طعام الفراغ من البناء
|
|
|
|
|