أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 23rd November,2000العدد:10283الطبعةالاولـيالخميس 27 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

د, الهويمل
إذا مللنا لعن الظلام,, فهل نصفق له؟
الدكتور الهويمل ذلك المثقف الذي يمتطي أقلامه الرمادية قسراً ليتألق مبدعاً من عميق الوسط إلى أعلاه.
لكن مقاله في الجزيرة ليوم الثلاثاء 18 شعبان جاء بلون آخر فقد استل قلماً وردياً حاداً ليقف ضمن الداعمين ل بوش الابن وليدعو إلى أن نستغل فترة الصدمة للوبي الصهيوني وذلك حسبما يرى الهويمل إلى أن اللطمة التي وجهت للصهيونية في الانتخابات الأمريكية فرصة ثمينة فلنكن أذكياء في استثمارها ليختم المقال بدعوة إلى توحيد صفنا من العهد الجديد لمواجهة العهد القديم كخلاصة لفكرة/ المقال, ولست بصدد منافسة مفردات المقال وإنما القصد مراجعة مدى منهجية مثل تلك الدعوة التي يبشر بها بعض مثقفينا كزورق للنجاة من أمواج أزمتنا الثقافية في العلاقة مع أمم اليوم المتطرفة في العداء لنا أو من هم دون ذلك.
ولكن مراجعة بعض أجزاء المقال قد تكون مدخلاً مناسباً لمناقشة الفكرة الأساس لألخص من خلال ذلك فكرتي في طبيعة العلاقة المرجوة مع الآخر على المستوى الأممى.
يرى الهويمل أننا قد مللنا من لعن الظلام، وهو أمر حقيقي لامراء فيه، ودعوني أسطّح المثال فأعتبر ان أمريكا هي الظلام بعينه,, فهل يرى الكاتب أننا يجب ان نقدم اعتذاراتنا للظلام بمجرد ان قادة الظلام قد تغيروا,, أعتقد أننا نفعل ذلك كثيراً في تعاملاتنا مع الآخر خصوصاً على المستوى الأممي وأن الظلام يمكن أن يصبح اشراقاً مع انتخاب قائد أو آخر,, بل يذهب الفأل ببعضنا إلى اعتقاد أننا بوقوفنا مع هذا المرشح أو ذاك وتصويتنا عن بعد له سوف يجبره على الالتفات لنا ,, وبقضايانا وهمومنا.
أعلم ان الهويمل وآخرين يعتقدون انه لايمكن أن تتحول أمريكا إلى ولايات إسلامية ,, ولكنهم يغرقون في التفاؤل في قيمة وجدوى الشيء، الذي يمكن أن نحققه من علاقتنا الودية مع العهد الجديد حسب تعبير الهويمل .
إن تفاهة هذا الشيء من وجهة نظري لاتستدعي ان نغير مواقفنا تجاه الآخر مع كل صباح، متذرعين ب عسى ,, ولعل بل وتحالف قناعتنا الايديولوجية والتاريخية والواقعية لصالح وعود كاذبات وامان زائفات.
لقد مللنا لعن الظلام,, ويجب أن نشعل الشمعة,, وهذا حق ولكن هل اشعال الشموع يستلزم أن نتوقف عن لعن الظلام,, آن أن نستأذن الظلام بكل أدب ليسمح لنا بإشعال الشموع,, ببساطة: ألا يمكن أن نلعن الظلام ونشعل الشموع في نفس الوقت وبصورة احتفالية وربما درامية تعييناً.
أعتقد أن الخطأ الشائع في فهم المثل الصيني يستلزم ان نقرأه هكذا: أن تشعل شمعة بعد لعنك للظلام,, خير من أن تلعن الظلام ألف مرة,, لكن إياك أن تمل أو تعتقد أن الظلام يصبح نوراً بإرادته هو أو برغبته في ذلك!!
لقد مللنا لعن الظلام,, ولم نصل إلى شيء وهذا صحيح ولكن ألا يعتقد استاذنا الهويمل أننا يجب أن نراجع منهجيتنا في لعن الظلام فلعل الظلام يعلم يقيناً أن ثمة عدم صدق في نوايانا في لعنه,, لعل الأيام علمت الظلام أننا نلعنه ما دمنا مفتحين ولكننا نربت على كتفيه بمجرد أن نغمض عيوننا ونطلب منه أن يأخذ بيدينا نحو النور ,, فهذا الدور لايمكن أن يقوم به غير الظلام حسبما يعتقد الكثيرون.
لقد رأى الهويمل وغيره الأثر الكبير الذي أحدثته قرارات قادة الدول الإسلامية في مجتمعهم الأخير وعلى رأسهم ممثل المملكة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وكيف كان تجاوب الدوائر الغربية مع هذه القرارات التي لم تكتف بلعن الظلام,, وإنما السعي إلى إشعال شمعة.
إن الهويمل يدرك جيداً كما ذكر في مقاله أن أمريكا والغرب بصفة عامة دولة مؤسسات وأننا معشر المسلمين في الذهنية الغربية ارهابيون، متخلفون ، همجيون .
هل يستقيم هذا الفهم الواعي والواضح للآخر ولصورتنا في عقليتهم,, هل يستقيم هذا مع النص الآخر للهويمل حيث يدعو إلى أن نفتح صفحة جديدة تمتلىء بالحوار الحضاري وبطول النفس !!
لعل المسألة كما هي واضحة لهم صراع ,, أكثر منها حوار عقلاني يأمله المثقف المسلم باشتراطاته الثقافية.
وهي كما تبدو لي واضحة أيضاً صراع لم نتعرف على آليته أو حوار لم نمسك بلغته بعد.
إن الفارق الأساسي بين البنية الثقافية/ الاجتماعية للإنسان الغربي ونظيره المسلم هي ببساطة أن المثقف هناك يصنع القرار في حين أن القرار في البلاد الإسلامية يصنع المثقف!! وللقارىء أن يتخيل في مدى امكانية نجاح حوار أو صراع حضاري بين قرار يصنع الثقافة وثقافة تصنع القرار نحن أصحاب حقوق كثيرة ولكننا لانملك الآلية لطرح هذه الحقوق,, .
إذاً واجبنا كمثقفين ان نتجه إلى بناء وتنمية تلك الآلية وتربية أنفسنا وأمتنا على مفرداتها,, وإلى أن يتم ذلك فلنغف ونصبح ونحن نلعن الظلام,, دون أن نعتذر أو نأمل أن يهبنا النور قبل الانتخابات أو بعدها .
د, عبدالله بن عبدالكريم العثيم
جامعة الإمام بالقصيم
استاذ مساعد بقسم التربية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved