أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 23rd November,2000العدد:10283الطبعةالاولـيالخميس 27 ,شعبان 1421

الثقافية

لماذا يكرمون عبدالكريم الجهيمان؟
عبدالعزيز السّنيد*
إن الأستاذ الشيخ عبدالكريم الجهيمان كما عرفته شخصية كريمة أبية، عندما كان رئيساً لتحرير صحيفة أخبار الظهران كان يبحث عن الحقيقة لينشرها ويزور الدوائر الحكومية والمؤسسات الأهلية بالمنطقة الشرقية بحثاً عن موظف يمارس الظلم والعجرفة ضد المواطنين المراجعين لدائرته، راجعنا بكرة أو يجد عاملاً في مؤسسة ما تهضم حقوقه ولا تدفع مستحقاته وفقا لنظام العمل والعمال أو يجد أحدهم يتعاطي الرشوات وعرقلته لمعاملات الناس هدفها الضغط عليهم ليدفعوا له ما تيسر من الرشوات النقدية أو العينية,, وبعد أن يتأكد في الوقائع، ويقف على الحقائق يذهب الى صحيفته وله فيها زاوية ثابتة عنوانها اسرار فيفضح فيها المرتشين، هذا وله خطرات زاوية أخرى مماثلة وكنموذج عن أسرار كتب يقول: يدور على أفواه الكثيرين في الظهران أن بوادر الثراء ظهرت فجأة على موظف هناك, فقط أصبح هذا الموظف يملك البيوت الكثيرة والمتاجر المتعددة والعقارات الواسعة، ويشاع أيضا انه يتقاضى عدة رواتب منها ما هو باسمه ومنها ما هو بأسماء أخرى , العدد الخامس في 15/8/1374ه دخان ولهب وهذه خاطرة من زاويته الثانية وهي نقد اجتماعي عام يقول: الذين يقفون أمام التيار قد يصمدون للموجة الأولى والثانية ولكن هذه الموجات سوف تتوالى حتى تزيل ما يعترضها في طريقها,, ثم تسلك مسالكها الطبيعية التي سنّها لها خالق الأرض والسموات ص 159 من كتاب أين الطريق؟
وشيخنا عبدالكريم كان كاتباً وطنياً وصحفياً حراً تقدمياً ولايزال منذ كان يؤمن بتعليم الفتاة السعودية، يوم لم يكن ثمة تعليم لها أو مدارس رسمية تلتحق بها,, وقد جاءته بالبريد مقالة تدعو الى تعليم الفتيات,, ولما اقتنع بفكرة المقال نشره دون أن يعرضه على الرقابة فأثار غضب المسؤولين واستغربوا هذه الدعوة الجديدة لتعليم الفتاة,, وسألوه عن كاتبه فقال: ان اسمه محمد بن عبدالله,, وأنا لا أعرفه شخصياً,, ونشرته لاقتناعي بأهمية تعليم بناتنا,, فقالوا له: إما ان تدلنا على كاتب المقال والا فأنت المسؤول عن جميع ما ورد فيه,, وتحمل شيخنا المسؤولية وكانت النتيجة أن أوقف عن العمل وأوقفت الصحيفة عن الصدور!
وتمثلت مواقفه الوطنية في المقالات التي كان يكتبها في الصحيفة نفسها ضد الاستعمار والصهيونية والأحلاف العدوانية ويفضح المؤامرات التي تحاك ضد الأمتين العربية والاسلامية ويشهّر بعملاء الاستعمار.
وكان من أشد المناصرين للشعب الفلسطيني واللاجئين في الشتات, يقول في كتابه ذكريات باريس : في مكان يبعد من بعلبك ما يقرب من ثلاثة كيلو مترات شاهدت بعض اللاجئين العرب، وهم في قصر واسع كثير الحجر ولكنه قديم البناء كئيب المنظر وان اللاجئين قد حشروا في هذا الخباء حشراً، وهذا القصر محاط 1 بسياج وحراس لا يمكن أن يجتاز الى مداخله الا اللاجئون أو من يحمل تصريحاً من بعض الجهات المختصة,, الخ
ولكن شيخنا تمكن من اللقاء بهم خارج هذه الخرابة الكبيرة التي يسميها قصراً!!
ومجرد رؤية شكله ولحيته سألوه هل أنت سعودي؟ فقال لهم: نعم فانطلقوا يشرحون له آلامهم وآمالهم,, انهم في حالة سجن وعذاب ينتظرون الفكاك والعودة الى بلادهم وان أكبر آمالهم بعاهل الجزيرة الملك عبدالعزيز آل سعود.
نشر لي مقالاً في صحيفة أخبار الظهران عام 1376ه هجرية تحية الى ابنتي مها في السنة الأولى لميلادها والمقال خواطر اجتماعية وأفكار حرة ضد الاستعمار والامبريالية على سبيل المثال والاختصار: أنا يا طفلتي أكره الحرب وأمقت الاستعمار وأحب الحرية، وأنشد السلام، أحب جميع الناس أطفالاً ونساء وشباباً وشيوخاً,, اللهم الا هؤلاء الذين يدعون للحرب والاستعمار ويكرهون الناس ويسرقون جهود الآخرين.
يا طفلتي يا بسمة الحياة على ثغر الوجود تحيتي لك في عيدك الأول,, عدت لأمثاله أنت وجميع الأطفال في العالم كله بالخير والهدوء والسلام .
ان تكريم الشيخ عبدالكريم الجهيمان المعلم والأديب والصحفي والمؤرخ للتراث في دراسته للأمثال الشعبية من الكتب ومن أفواه الناس، وتسجيل حكايات الأطفال والقصص الشعبية والتاريخية والاجتماعية للعبرة والموعظة وتوسيع المدارك ومن أجل حفظ هذه الثروة الفكرية من الضياع والاندثار يا حبذا لو أن لجنة أدبية تشرف على اعادة طباعة كل مؤلفات الجهيمان فأنا واحد من الناس لا أملك منها الآن الا القليل ويكاد يتلف من كثرة تداولها بين الأصدقاء والمحبين ولهذا وبهذا نكرم شيخنا الكبير بحفظ آثاره الفكرية والأدبية ومواقفه الانسانية لخدمة الثقافة الوطنية ولصالح أجيالنا القادمة.
(1) القصر الكبير,, يمكن أن يطلق عليه الخرابة الكبيرة أو السجن الكبير الموحش!
* الشيخ عبدالعزيز السنيد أحد مجايلي الشيخ الجهيمان وأصدقائه الخلّص ويعيش في المنطقة الشرقية.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved