| الثقافية
*حوار: فوزية محمد الجلال
ما زال ملء العين,, كلما أشرق نهار؛ امتطى قلمه رشيقاً فتياً، صهوة الكلمة وغذّ المسير نحو فضاءات بكر لا تشيخ دروبها ابدا,, ورغم ما كتب عنه ورغم سيرته التي ضمت فصولها سطورا وصفحات واشرقت بها لقاءات ومنتديات ظل أبو سهيل يملك زمام الكثير من التفاصيل الحميمة التي خص الجزيرة بحديث جميل عنها تناول دون تحفظ جوانب مختلفة من مشوار بطل الاساطير استاذ الجيل الأديب والكاتب والصحفي والشاعر عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان .
* بدأتَ كاتبا صحفيا واشتهرت من خلال مقالاتك في المعتدل والمائل ثم انقطعت طويلا، وعللت ذلك بقولك جاءت فترة عزفت فيها نفسي عن الكتابة في الصحف ثم عدت مجيدا كما كنت عبر احداث واحاديث ,, فهل زال السبب أبا سهيل ,,؟ ماذا تود ان تقول؟
من الأسباب ,, انني ارسلت مقالا لاحدى الصحف فأُجل نشره، ثم نشر اخيرا بعد حذف عبارات كانت من اهم العبارات التي يتضمنها المقال، فانقطعت عن الكتابة، وفي هذه الفترة رأيت ان اوجه جهدي لجمع الأمثال الشعبية التي فيها من الحكم والتجارب الشيء الكثير,.
فاشتغلت بجمعها وشرحها وتنظيمها لأني خشيت ان ننسى هذه الأمثال مع مرور الزمان وتغير الاحوال,, مع انها ذخيرة شعبية جيدة، او قد نقول ان فيها ملامح من تاريخ بلادنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ترجمة
*تُرجمت رائعتك اساطير شعبية من قلب الجزيرة العربية مؤخرا الى اللغة الروسية فهل هناك مبادرات اخرى لترجمة المزيد,,؟
- لا اعرف شيئا عن ترجمتها الى لغة اخرى غير الروسية,, واذا كان هناك ترجمة اخرى فأنا اجهلها.
الشباب الطموح
* قلت ذات مرة ثلاثة امور طمحت اليها في شبابي وهي: الشهرة والمال والمراكز البراقة رحل الشباب ابا سهيل واستقبلت مراحل اخرى اجل واجمل، فماذا عن الطموح وهل رحل بمعية الشباب؟
هذه الأمنيات الثلاث كلها تقريبا رحلت فالطموح رحل مع الشباب، اما الشهرة فانا ولله الحمد قانع بما وصلت اليه منها بالاستقامة والاعتدال والمحبة لوطني وابناء وطني والسعي حثيثا فيما يرفع شأنهم دينا ودنيا اما المال فان عندي ولله الحمد ما يكفيني انا ومن اعول اذا احسنت التصرف فيما املك,, اما مع الاسراف والتبذير فانها في نظري لا تبقي ولا تذر ,, اما ما زاد عن حاجتي فلا اهتم به.
حنين
* أبا سهيل,, ما قصة هذه الأبيات ,, ومتى قلتها,,؟
أحبك من قلبي وارضاك موطني وما لك في قلبي الزمان نديد تغربت لا عن رغبة عنك او قلى ولكن لنيل العلم ثم اعود أأنساك والاحباب فيك تحف بي فهذا أب وذاك ودود |
قلت هذه الأبيات وانا ذات مرة مسافر,, لا اذكر الآن الى اي بلد,, لكني اشتقت الى وطني واصدقائي والى الاجواء التي ألفتها وتربيت فيها منذ نعومة أظفاري ومن المعروف ان حب الوطن من الايمان.
خفقات قلب
* احببتَ الشعر وطربت له وحفظت منه متونا كثيرة عن ظهر قلب,, ولكنك لم تقدم طوال حياتك الحافلة بالكتابة سوى 12 قصيدة,, ترى هل فتر حبك للشعر,, أم غلبه حب الاساطير ؟ وماذا عن خفقات قلب ديوانك اليتيم متى سيرى النور؟
فعلا انا منذ بدأت اقرأ واكتب احب الشعر وأطرب له واحفظ كثيرا من الابيات التي فيها امثال او شيء من الخيال الجميل الذي يحلق بي عن واقع الحياة بما فيها من مؤثرات او تأثيرات أما ديواني خفقات قلب فهو جاهز وقد يبلغ 200 الى 250 صفحة,, وفيه اكثر من 12 قصيدة ,, اعتز بأني انشأتها وسجلت فيها كثيرا من افكاري ومبادئي والرغبات التي اطمح اليها.
الأندية مقصرة
* ماذا عن الاندية الادبية وقد انتشرت فروعها الاحد عشر في مناطق عديدة من المملكة,, هل ادت دورها؟,, وما موقفك من انشطتها,,؟ وهل رؤساؤها شلليون فعلا؟
لا استطيع ان اقول ان الاندية الادبية في المملكة قد أدت ما عليها، وكذلك القائمون عليها لا يستطيعون ان يدعوا ذلك، هناك تقصير واضح من الاندية تجاه الأدباء الشباب من حيث التوجيه والتبني.
وبالنسبة لانشطتها فكما اسلفت تظل مقصرة وقد تكون لهذه الاندية اعذارها في ان التقصير بسبب انشغال المثقفين في اتجاهاتهم الخاصة.
أما الشللية فهي للأسف موجودة.
طقوس
* يحرص بعض الكتاب ومنهم مشاهير على اتباع طقوس معينة عند الكتابة,, فهل لأبي سهيل شيء كهذا؟
ليس لدي طقوس معينة,, انما اذا جالت بعض الأفكار في مخيلتي ,, اخذت القلم وكتبت ما احس به من افكار,, وبطبيعة الحال فانا اختار ما فيه المصلحة العامة سواء كانت تتعلق بهيئات او افراد أو دوائر حكومية.
فتور
* مرت علاقتك بالعلامة حمد الجاسر - رحمه الله - بحالة فتور قصيرة ترجمتها بعض الكتابات المتبادلة بينكما,, وعندما ودع هذه الدنيا,, كنت أول من رثاه حبا وفقدا,, ماذا تود ان تقول عن تلك الفترة؟
الفتور الذي حصل بيني وبين صديق العمر حمد الجاسر لم يطل,, بل استطيع ان اقول انه لم يوجد,, مجرد كلام اجبت عليه، بل رددت التحية بمثلها,, وانتهى الموضوع عند هذا الحد، فقد توسط بيني وبينه بعض الأحبة الذين كان من رأيهم ان نتوقف عن هذا الرد الذي قد يؤثر على اجواء المحبة التي كانت بيننا من اكثر من سبعين عاما.
تكريم
* يقول عنك اصدقاؤك ومحبوك ,, انك عازف عن موائد التكريم، منصرف عن امسيات الخطابة والتصفيق ,, فماذا تقول ابا سهيل,,؟
الواقع اني اكره الاضواء واكره الاحتفالات التي توجه الي الانظار لأن البروز يتطلب ضريبة قاسية وتكلفا في المظهر الاجتماعي,, لذلك فانا أحب ان اعيش بسيطا في حياتي وعلاقاتي وروحاتي (وجياتي).
أحداث مؤلمة
* وفاة اثنين من ابنائك، ثم زوجتك أم سهيل ثم رفيق دربك حمد الجاسر,, كلها أحداث مؤلمة تعاقبت على قلب أبي سهيل ماذا تقول عنها؟
لا أقول الا إنا لله وإنا إليه راجعون ,, هذا درب كلنا سوف نسلكه,, والشيء الذي اتمناه ودائما ادعو به: اللهم اهدني الى صراطك المستقيم وثبتني عليه حتى القاك .
مداعبة
* يداعبك الدكتور غازي القصيبي بين الفينة والاخرى حول الكنية المشتركة بينكما أبي سهيل فماذا تقول لتحسم هذه الاشكالية الكنيوية بينكما,,؟
هذا الذي جرى بيني وبين الدكتور القصيبي انما هو من باب المداعبات لأني كنت أرغب ان يكون بيني وبينه اتصال واخذ ورد لاعجابي به كاتبا وشاعرا وموظفا كل هذه الأسباب حفزتني ان اكون على اتصال دائم به,, لاعجابي واحترامي وتقديري لأمثاله من المخلصين الذين قدموا خدمات لبلدهم لا تزال باقية ولا تزال تنمو مع مرور الزمن.
هؤلاء
* ماذا تقول لهؤلاء,,؟
سعد البواردي: أنت مقل نريد منك نشاطا في الكتابة اكثر مما هو واقع.
حمد الجاسر: لقد قدمت لبلادك خدمات في الجغرافيا والتاريخ وكذلك في دنيا الصحافة فهو اول صحفي في المنطقة الوسطى أسس مطبعة وانشأ صحيفة وهو أول من فكر في هذا علاوة على نشاطه وما قدمه في مجال العلم والتعليم,, دعواتنا ان يجمعنا الله به في جنات النعيم.
اسحاق الشيخ يعقوب: لقد بدأت بداية مشرفة في اصدار صحيفة الفجر الجديد ثم توقفت الصحيفة لظروف نجهلها ونحن الآن نطلب ان تواصل جهودك في نشر الافكار التي تحترم أي مجال من المجالات النافعة، وان يكون لك نشاط ملحوظ كما يرغب محبوك.
عبدالله شباط: من اوائل الصحفيين في المنطقة الشرقية وقد أصدر مجلة باسم الخليج العربي استمرت فترة من الزمن ثم توقفت لظروف لا أعرفها وله علاوة على هذه الصحيفة مؤلفات عدة كلها لا تخلو من فائدة دينية او اجتماعية ونأمل ان تتواصل جهوده في البحث والتأليف والمقالات النافعة.
محمد الطيار: كاتب بليغ وله نشاط في أكثر من صحيفة، ولكنه انشغل بمجلة مع المسافر فأخذت معظم وقته وكل نشاطه الذي ارجو ان يعود جزء منه الى الصحف الأخرى كما كان سابقا.
عبدالله بن خميس: مؤلف وشاعر وكاتب من الرعيل الاول الذين شاركوا في مجال الصحافة والطباعة وقد اصدر صحيفة الجزيرة كما أسس مطابع ضخمة تسمى مطابع الفرزدق وقد خف نشاطه في كتابة المقالة كما قل نشاطه في نظم القصائد ماعدا بعض المناسبات المتباعدة وما آمله ان يستمر في نشاطه السابق، ونتطلع الى ان ينشر كتابه عن سيرة حياته المليئة بالأعمال الجليلة.
عبدالله بن ادريس: له نشاط أدبي ومقالات اسبوعية تقريبا وما ارجوه ان يعيد طباعة بعض مؤلفاته القديمة التي يبحث عنها القراء فلا يجدونها.
فهد العريفي: كاتب اجتماعي بارز وله زاوية اسبوعية في مجلتنا المحبوبة اليمامة وهو في هذه المقالة الاسبوعية يعالج الكثير من المشاكل الاجتماعية وقد يعالج بعض المشاكل الشخصية التي يرى ان اصحابها يستحقون المناصرة الذي اتمناه له دوام النشاط والتوفيق.
سهيل والثريا
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية اذا ما استقلت وسهيل اذا ما استقل يماني |
* لهذين البيتين قصة مؤلمة أبكت أبا سهيل واحزنته طويلا,, ترى ما قصة سهيل والثريا ؟
أول مولود ذكر ولد لي سميته سهيلا ثم تبعته مولودة انثى فأسميتها الثريا وعندما بلغ سهيل السنة الخامسة من عمره توفي,, ثم ما لبثت ان لحقت به ثريا بعد فترة قصيرة فحزنت عليهما حزنا شديدا وفكرت اني جنيت عليهما بجمع هذين الاسمين وتذكرت قول عمر بن ابي ربيعة في البيتين المشار اليهما ولو انى قرأتهما قبلا لما جمعت بين الاسمين فقد تشاءمت ورأيت اني جنيت على طفليَّ.
الضرة
* ذكرت مرة ان علاقتك الوطيدة بالقراءة والكتب والكتابة قد هددت استقرارك الزوجي,, كيف؟
كنت في شبابي ورجولتي واوقات نشاطي اصرف كل جهدي في القراءة ولا اترك لزوجتي واولادي الا القليل من الوقت، وكانت زوجتي رحمها الله ترى ان لها حقا عليَّ اكثر مما اعطيها من الوقت، ورأيت انها تعتبر ان كل كتاب املكه ضرة تنافسها في مكانتها لدي ولكنها رحمها الله صبرت وتحملت ولم تبد لي أي امتعاض.
دولة صغيرة
* أشرت في مذكراتك الى اهمية دور الاسرة، وانها النواة الاولى للمجتمع ,, وانطلاقا من كونك تربويا رائدا كيف استطعت ان تسوس دولتك الصغيرة كما اسميتها؟
دولتي الصغيرة أسوسها بالحلم والعدالة وحسن الخلق كنت وما زلت احرص دائما على ان اساوي اولادي في عواطفي وبما ابذله من امور مادية أو أدوات تسلية حتى يشعر كل واحد من افراد عائلتي انه اخذ حقه كاملا فلا يحسد احد منهم احدا على ما ناله من عواطفي المعنوية او نفقتي المادية.
بنت الأسد
* أبا سهيل,, ما قصة بنت الأسد ؟
كنت موظفا في وزارة المعارف فقررت الوزارة ان تقوم بحملة لجمع التبرعات لمجاهدي الجزائر ضد المحتل، وكنت من اعضاء هذه الحملة وفي احد الأيام التي انشغلت فيها بهذا المجهود ذهب اولادي الى الناصرية مقر قصر الملك سعود وكان في القصر حديقة حيوانات مصغرة عندما دخلت العائلة الحديقة، وجدت احدى بناتي الجوهرة باب الشبك الحديدي مفتوحا فدخلت منه حيث يقبع الأسد الذي ظننته قطة كبيرة ولا فاصل بينهما الا شبك آخر بفجوات واسعة قفز الاسد في ثوان على قدم الجوهرة وقضمها وكاد ان يلتهمها وفي المستشفى قرر الاطباء بتر القدم فورا لولا لطف الله ثم رفض الشيخ عثمان الصالح حفظه الله الذي كان موجودا وقت الحادثة قائلا: انا في مكان والدها لا تبتروا قدمها,, وأُبقي على ما بقي منها دون بتر وقد اسميتها منذ ذلك التاريخ بنت الأسد اعترافا مني بشجاعتها وصمودها وتحملها لذلك الموقف القاسي، ورغبة مني في ان اجعلها تتجاوز تلك المحنة بسلام دون مشاكل او عقد,, وقد افلحت والحمد لله من قبل ومن بعد.
|
|
|
|
|