| العالم اليوم
بالذي شهده قطاع غزة يوم الاثنين الماضي دخلت الانتفاضة الفلسطينية المباركة مرحلة نوعية جديدة، ستكون بداية لحرب التحرير العسكرية، فقوات الأمن الفلسطيني والعناصر الفلسطينية التي تمرست في العمل الفدائي والتي أريد لها أن تكون حارسة للوجود الاسرائيلي في فلسطين من خلال جملة اتفاقيات كبلت من خلالها السلطة الوطنية الفلسطينية سواء تلك التي تضمنتها اتفاقيات أوسلو، أو ما نصت عليه اتفاقيات واي بلاتشين التي التزم الفلسطينيون بتنفيذها والتي جعلت المخابرات الأمريكية والأجهزة الأمنية الفلسطينية شريكة في حماية الاسرائيليين في حين لم تنفذ اسرائيل أي بند من تلك الاتفاقات.
واذا كان الاسرائيليون قد عجلوا بتفجير الغضب الفلسطيني بترتيب عملية اقتحام أريل شارون للمسجد الأقصى فإن ذلك قد أشعل الانتفاضة الفلسطينية التي أخذت تتصاعد بحيث أصبح من المتعذر إيقافها حتى وإن ضغط على السلطة الفلسطينية التي لا يمكن أن تغامر بالوقوف ضد رغبة الشعب الفلسطيني إلا إذا نفذت اسرائيل الاتفاقيات التي تحمل جملة استحقاقات لا يمكن أن ينفذها الاسرائيليون خاصة أنها تعني خروجهم من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
وهذا الخروج لا يمكن أن ينفذه الاسرائيليون دون أن يذيقهم الفلسطينيون مثلما أذاقهم اللبنانيون في جنوب لبنان، فالاسرائيليون مثل غيرهم لا يمكن أن يعطوا أرضا ومدناً دون أن يجبروا على ذلك، وإذا كان الفلسطينيون قد توقعوا أن الاتفاقيات ستعيد لهم أرضهم ومدنهم ووطنهم السليب والقدس الشريف، فإن الأحداث قد أثبتت أن الاسرائيليين سواء حكموا من قبل ما يطلقون عليهم بالمتشددين أو المعتدلين كلاهما في الحقيقة ناهبين للأرض الفلسطينية لن يخرجوا منها إلا بالقوة، ولذا فإن الخيار اللبناني المتمثل بالمقاومة الإسلامية كان العنوان الأول للانتفاضة الفلسطينية الأخيرة، وإن بدأت هذه الانتفاضة مثل سابقاتها باستعمال الحجارة، فإن تطور الأحداث وكثرة أعداد الشهداء الفلسطينيين وتزايد الإجراءات القمعية الاسرائيلية التي شملت حتى الحياة المعيشية للفلسطينيين دفعت العناصر الفلسطينية سواء تلك العاملة ضمن الأجهزة الأمنية أو العناصر المرتبطة بالفصائل والأحزاب الفلسطينية، أو حتى الأشخاص العاديين، قد وصلوا الى قناعة بأن لا فائدة من التفاوض مع الاسرائيليين.
ولهذا فقد كان لا بد من التحول الى استعمال السلاح الفلسطيني المتوفر الاستعمال الذي يجب أن يكون لاسترجاع الحقوق الفلسطينية وليس لحراسة المحتلين الاسرائيليين.
وإذ بدأ التحول في العملية التي نفذها عنصر الأمن الوقائي الضابط بهاء والذي نتج عنه مقتل جنديين اسرائيليين لحقهم ثالث توفي في المستشفى ثم تبع ذلك العملية التي تعرضت لها الحافلة الاسرائيلية التي رغم نقلها لطلبة مدارس فإن المهاجمين الفلسطينيين قتلوا الجنديين الاسرائيليين مما يعني أن الفلسطينيين ينتقون أهدافهم وهذا مؤشر على تحول في عملية الانتفاضة الفلسطينية التي يتوقع أن تشهد عمليات مماثلة تنقلها من العمل العفوي الى العمل العسكري المنظم الشبيه بما حصل في جنوب لبنان، حيث سيكون المنتصر فيها من يستطيع أن يصمد أكثر ويصبر أطول، ورغم أن الذي نقوله سيكون مكلفا للشعب الفلسطيني إلا أنه وفي ظل الهمجية والوحشية الاسرائيلية فإنه لا خيار أمام الفلسطينيين سوى سلوك هذا المسلك الصعب.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|