| الاقتصادية
إنها شهوة قراءة الأرقام مرة أخرى، وقد ثارت ثائرتها هذه المرة ليلا.
وشهوة قراء الأرقام حين تثور وتتمدد من رأس المرء إلى بطنه وتستقر فيه، فإن لها جوعا ليس قبله جوع ولابعده جوع, جلست أتلوى وأتوجع وأفرك بطني بيدي، وأنا أسمع صوت أمعائي تقرقر وتتجاوب مع ضجيج شهوة قراءة الأرقام في رأسي وهي تتضور من الجوع, بدأت أبحث عن الأرقام التي لها معنى في كل مكان، بحثت في الصحف اليومية وغير اليومية لكنني لم أجد مايسمن أو يغني من جوع، استمعت إلى نشرة الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية، نفضت مكتبتي بحثا عن الأرقام في الكتب، وجدتها خاوية إلا من بعض الكتب المليئة بالشعر ولا شيء سوى الشعر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بحثت فيما هو فوق، بحثت فيما هو تحت، ذهبت يمينا وذهبت شمالاً، ولكني لم أجد شيئا,فجأة وأنا أبحث في كل شيء، فجأة وقعت بين يدي ملزمة دراسية جامعية بعنوان الأسرة وترشيد الاستهلاك , كدت أطير من الفرحة وأنا أرى أرقاما متنوعة ونسبا تتقافز أمام عيني وكأنني وجدت مأدبة عامرة مما لذ وطاب من أرقام المعيشة، فقبضت على تلك الملزمة بيدي الاثنتين وكأنها طير يتفلت مني ليطير بعيدا.
تكورت حول نفسي مثل جنين في بطن أمه وأنا أقول لنفسي: سأنام الليلة وأريح رأسي وغدا عند الصباح سأبدأ بقراءة أرقام تلك الملزمة، ولكن شهوة قراءة الأرقام تلك الذئبة الشرسة بقيت مستيقظة في رأسي.
فجأة,, عوت شهوة قراءة الأرقام في وجهي عواء جعل جميع عضلات وجهي تقفز من مكانها، وبدأت أتصارع أنا وتلك الذئبة الشرسة على أمر قراءة هذ الملزمة، ثار غبارنا بين كر وفر، تمسك هي بتلابيبي مرة فتصرعني، وأمسك أنا برقبتها مرة وأصرعها، غلبتني شهوة قراءة الأرقام وحملتني بين يديها مثل طفل صغير مسلوب الإرادة وأجلستني لقراءة الأرقام، وضعت الملزمة بين يدي وبدأت أقرأ في أرقام ونسب مصروفات ومدخولات المعيشة، برقت عيني في بنود إنفاق ميزانية الأسرة، قلت: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم بدأت.
بنود إنفاق ميزانية
الأسرة ونسبها
ميزانية إنفاق الأسرة هي الكيفية التي تتصرف الأسرة بدخلها الصافي وتوزيعه بين مختلف السلع والخدمات التي تحتاجها الأسرة، وبنود الإنفاق المختلفة في هذه الميزانية موزعة كالتالي:
المواد الغذائية، ومقدار الإنفاق كنسبة مئوية من إجمالي الدخل هو 43%.
الملابس والأحذية، مقدار الإنفاق 5%.
السكن وتوابعه، مقدار الإنفاق 30%.
الرعاية الطبية، مقدار الإنفاق 2%.
النقل والمواصلات، مقدار الإنفاق 12%.
التعليم والثقافة، مقدار الإنفاق 3%.
النفقات والخدمات الأخرى 5%.
إجمالي بنود الإنفاق هو 100%.
هذه هي البنود الرئيسية في ميزانية إنفاق الأسرة ونسبها كمتوسط عام لجميع الأسر، وهذه النسب تتغير وتتبدل حسب تغير أحوال كل أسرة على حدة, والأرقام لا تتحدث ولا تعلن عن نفسها إلا وهي ترتدي تعاريف الأشياء التي تتحدث عنها، لذا ألبستها التعاريف الخاصة بالأسرة، فما هي الأسرة وما هي متعلقاتها، وما هي حقائق أحوال معيشتها؟؟؟
الأسرة التقليدية، الأسرة التعاونية والأسرة الفردية
التعريف السائد لدى الكثيرين للاسرة هو ان الأسرة عبارة عن عائلة مكونة من أم وأب وأولاد تربطهم رابطة الصلة الرحمية بالأم والأب, وهو تعريف صحيح من الناحية الاجتماعية، أما من الناحية الاقتصادية فإن تعريف الأسرة هو أي مجموعة أفراد يعيشون تحت مظلة داخل مادي واحد، فإذا كان هناك أب وأم وطفلان مثلا ويتم الصرف عليهم من دخل واحد هو دخل الأب فهذه أسرة، وإذا كان الأب مرتبطا أيضا بالصرف على والده ووالدته مثلا فإن هذه الأسرة تتكون من الأفراد السابقين بالإضافة إلى الجد والجدة، ويدخل في الأمر السائق والعاملة المنزلية وجميع من يعيش معتمدا على ذلك الدخل الواحد، وهذا التعريف مهم وضروري لمعرفة ودراسة الواقع المعيشي للأسرة.
والأسرة في الماضي البعيد كانت أسرة تقليدية تنتج كل ما تحتاجه من احتياجات زراعية بطرق بسيطة وتقوم بتخزين جزء مما تنتجه لاستخدامها الذاتي، وتقوم ببناء مسكنها بمجهود يكاد يكون ذاتيا معتمدا على الأقارب والمعارف، والأصدقاء وما توفر من مواد البناء البسيطة المحلية، وتشتري هذه الأسرة ما تحتاج من أدوات ومعدات بسيطة من إنتاج بعض الحرف المهنية البسيطة التي يقوم بها أفراد من أبناء المجتمع بشكل فردي ويدوي، وكانت هذه الأسرة تمثل وحدة اجتماعية واقتصادية في آن واحد، ثم مع استمرار الدولة السعودية في عهدها الحاضر الميمون على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه وقبل فترة الطفرة الاقتصادية المعروفة صار هناك تحول نوعي في وظائف الأسرة إلا انه تحول بسيط ومحدود وبقيت الأسرة تتكون في أغلبها من أفراد ينتمون إلى بعضهم البعض بصلة القرى ويعيشون تحت سقف منزل واحد، ويساهمون مع بعضهم البعض في دفع تكاليف المعيشة بما يحصلون عليه من مدخولات بسيطة كافية لواقعهم المعيشي البسيط وهذه هي الأسرة التي أسميها الأسرة التعاونية على طريقة الجمعية التعاونية, ومع النهضة الاقتصادية الحديثة والتطور الصناعي الذي حدث في المملكة العربية السعودية، تحول الإنتاج من إنتاج على مستوى الأسرة والأفراد إلى إنتاج على مستوى وحدات صناعية كبيرة ممثلة في المصانع الضخمة المتنوعة المتطورة وهو ما أحدث التحول الخطير والمهم فتحولت الأسرة التعاونية الكبيرة تدريجيا إلى أسرة فردية صغيرة تعتمد على نفسها في إيجاد دخل تعيش منه، وتعتمد على السوق في الحصول على كافة احتياجاتها من غذاء وملبس وأثاث وتعتمد على الأيدي العاملة المتواجدة في السوق في بناء منزلها، وتحولت الأسرة إلى أسرة استهلاكية تعتمد على السوق وتتأثر بما يحدث في السوق من تقلبات وتغيرات في أسعار السلع والخدمات وندرتها ووفرتها.
وأهم مسؤولية للأسرة الفردية أو غير الفردية هي توفير وضمان مصدر ثابت للدخل لكي تتمكن الأسرة من تحقيق وتوفير كافة احتياجاتها من السلع والخدمات، وهذا الدخل المادي للأسرة يرتبط بمفاهيم اقتصادية واجتماعية معقدة ومفهوم معنى الدخل ومحدودية الحصول عليه تساعد في توظيفه على الوجه الأكمل فما هو مفهوم الدخل المادي للأسرة؟
الدخل الموجود، الدخل المحدود، الدخل المنقوص، الدخل المفقود
دخل الأسرة هو كل ما تملكه الأسرة وتتمتع بحق التصرف فيه ويتكون من:
الدخل النقدي وهو الأجر الذي يتقاضاه الفرد مقابل عمل معين خلال فترة زمنية معينة.
الدخل العيني وهو الدخل الذي تحصل عليه الأسرة من خدمات مجانية مثل العلاج المجاني، التعليم المجاني، الوجبات المجانية، المواصلات المجانية,,،لأنه في حالة عدم وجودها فستنفق الأسرة المال للحصول عليها.
الممتلكات التي تستخدمها الأسرة مثل السكن والسيارات,.
والدخل غير المنظور مثل الهبات والهدايا والمنح.
والدخل النقدي له قيمة حقيقية وهو ما يسمى بالدخل الحقيقي وهو قيمة ما يتقاضاه الفرد على اساس القوة الشرائية للنقود التي يحصل عليها (الراتب) أي ما يشتريه الدخل النقدي من سلع وخدمات, ودخل الأسرة له أربعة مستويات، منها مستوى الدخل الموجود وهو الدخل الشهري الذي يضمن للأسرة وجود أي سلع أو خدمات تحتاج إليها الأسرة، فمثلاً إذا كان دخل الأسرة لا يتجاوز عشرة الآلاف ريال شهرياً وهذه الأسرة تحتوي على عدد قليل من الأفراد، وتملك البيت الذي تسكن فيه، ودائما يكون احتياجها من سلع وخدمات أقل شهرياً من مبلغ عشرة الآلاف ريال فإن دخل هذه الأسرة هو دخل موجود بمعنى انه في أي وقت تحتاج فيه الأسرة إلى خدمات أو سلع فإن دخلها الشهري يوفر لها المبلغ النقدي المطلوب لشراء تلك السلعة أو الخدمة، وهذا هو الدخل الموجود، وأسرته هي أسرة واحدة, وإذا كان دخل الأسرة الشهري مثلا محدودا بمبلغ عشرين ألف ريال وهذه الأسرة تحتوي على عدد كبير من الأفراد، وتسكن بيتا بالإيجار واحتياجها من سلع وخدمات شهريا اكثر من مبلغ عشرين ألف ريال, فإن دخل هذه الأسرة محدود بعشرين ألف ريال 20000ريال، أي أنه لا يمكن الحصول على خدمات أو منافع أو سلع تحتاجها الأسرة بمبلغ يتجاوز في قيمته ذلك الدخل المحدود، وهذا هو الدخل المحدود، وأسرته هي أسرة حادة محدودة.
وعلى ذلك، فإن الدخل الذي لا يمكنه توفير إلا عدد منقوص من الخدمات والسلع مقارنة بمتوسط أحوال الناس السائدة فهو دخل منقوص، وأسرته أسرة ناقصة منقوصة, وإذا كان الدخل لا يمكنه توفير سلع وخدمات أساسية تحتاجها الأسرة للحياة فهذا هو الدخل المعدوم، وأسرته أسرة عادمة معدومة, وهذه الفئة من الأسر فئة مهمة وخطيرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية, لماذا؟؟!
مستوى المعيشة، نفقة المعيشة
ومن المصطلحات المهمة المرتبطة بمعيشة الأسرة، مصطلح مستوى الاستهلاك وهو مقدار السلع والخدمات التي تستهلكها الأسرة بغض النظر عن مدى الفائدة أو الرفاهية المتحققة للأسرة من هذا الاستهلاك، وهو ما يقودنا إلى مصطلح مستوى المعيشة وتعريفه هو الرفاهية أو مقدار الفائدة التي تحصل عليها الأسرة من استهلاكها للسلع والخدمات، وفي بعض الأسر يكون مستوى الاستهلاك مرتفعاً لديها ولكن مستوى المعيشة منخفض، وهو ما يشير إلى عدم فهم تلك الأسرة لقضية الإنفاق ووجوه الإنفاق، وهذه تعتبر أسرة غير مثقفة اقتصاديا، فمثلاً نجد أسرة تنفق شهرياً مقدار خمسمائة ريال (500) على الكهرباء لتشغيل أجهزة مثل الغسالات ومكانس الكهرباء وأجهزة أخرى لراحة تلك الأسرة وتوفير الوقت لربتها والرفاهية لأفراد تلك الأسرة، بينما تنفق أسرة أخرى نفس قيمة فاتورة الكهرباء ويذهب أغلبها في إضاءة لأماكن لا يتواجد فيها أحد، أو تبريد لأشياء في وقت لا تحتاج فيه تلك الأشياء إلى التبريد، والمثل الواضح والصريح في هذه القضية هو مثل الإنفاق على المواد الغذائية، فنجد أسرة تنفق مثلا مبلغ ثلاثة الآلاف ريال شهريا على المواد الغذائية وتكون هذه المواد مشتملة على جميع العناصر الضرورية لصحة جيدة وتستهلك العائلة جميع هذه المواد الغذائية المشتراة بشكل منظم وصحي، بينما تنفق أسرة أخرى نفس المبلغ على مواد غذائية تم اختيارها بشكل عشوائي ولا تحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية للجسم، وتتغذى تلك الأسرة على بعض تلك المواد وبعضها يذهب إلى النفايات مشكلا هدرا واضحا، وما أكلته تلك الأسرة يعتبر فقيرا من ناحية قيمته الغذائية مما ينتج عنه أمراض سوء التغذية أي أن هناك نقصا في المال ونقصا في الغذاء دون أن تدرك تلك الأسرة جهلها في اقتصاديات الأسرة، وجهلها في الثقافة الغذائية للأسرة.
ومصطلح نفقة المعيشة هو الأعباء أو التكاليف التي تتحملها الأسرة للحصول على ما تحتاجه من سلع وخدمات ضرورية حسب الأسعار السائدة في السوق، وعند ارتفاع أسعار السلع ترتفع طبعا نفقة المعيشة، كما يحدث في فترات الحروب والأزمات الاقتصادية, وأيضا إذا بقيت الرواتب والأجور كما هي أو زادت بنسبة أقل من زيادة الأسعار فإن ذلك يعني زيادة نفقة المعيشة حيث تقل كميات السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها للأسرة وأفرادها.
تكاليف المعيشة
بدأت شهوة الأرقام تلك الذئبة الشرسة تقتصد في لقيماتها وهي تتحفز لقراءة أرقام تكاليف المعيشة، فكيف يتم تحديد تكاليف المعيشة؟
يتم تحديد تكاليف المعيشة بعد إجراء مسح شامل لما يحتويه السوق من خدمات وسلع عند سنة محددة، وتعتبر هذه السنة هي السنة الأساس والمرجع عند تقدير أحوال تكاليف المعيشة ويتم وضع أرقام قياسية لأسعار السلع والخدمات عند تلك السنة الأساس، وبعدها يمكن حساب ارتفاع أو انخفاض أسعار المعيشة بحساب الأرقام القياسية للسنة المراد تقييم وضع الأسعار فيها مقارنة بسنة الأساس، أي أن الرقم القياسي لسلعة ما هو النسبة المئوية لقيمة تلك السلعة في العام المراد قياسه إلى قيمة السلعة في عام الأساس, والأرقام القياسية التي وردت في أرقام مصلحة الإحصاء هي أرقام بسنة أساس تم اختيارها لتكون عام 1988، فما الذي حدث لهذه الأرقام القياسية خلال العشر سنوات التي تلت عام الأساس 1988م؟
شعرت بشهوة قراءة الأرقام تتراكض بين الأرقام القياسية لأسعار بنود ميزانية الأسرة، تقيس ما زاد منها وهي تكاد تميز من الغيظ، وتتراقص من الفرح والسرور لما انخفض منها.
ورد في الكتاب الإحصائي السنوي لعام 1998م الأرقام القياسية للسنوات العشر الممتدة من عام 1988 إلى عام 1998م كمتوسط حسابي لجميع مدن المملكة الرئيسة للبنود الرئيسية في ميزانية الأسرة، وسأذكر الرقم القياسي للعام 1998م مع الأخذ بعين الاعتبار ان الرقم القياسي لجميع بنود ميزانية الأسرة في سنة الأساس هو 100، والأرقام القياسية حسب بنود الاتفاق هي:
المواد الغذائية: ارتفع الرقم القياسي للمواد الغذائية إلى 122,3 في عام 1998م، أي أن الزيادة في الأسعار هي بمقدار 22,3%.
السكن وتوابعه: ارتفع الرقم القياسي للسكن وتوابعه إلى 123 في عام 1998م.
الأقمشة والملابس: انخفض الرقم القياسي لهذا البند إلى 94,4 في عام 1998م.
الرعاية الطبية: ارتفع الرقم القياسي لهذا البند إلى 102,5 في عام 1998م.
النقل والمواصلات: ارتفع الرقم القياسي لهذا البند إلى 125,7 في عام 1998م.
التعليم والترفيه: ارتفع الرقم القياسي لهذا البند إلى 108,5 في عام 1998م.
النفقات والخدمات الأخرى: انخفض الرقم القياسي لهذا البند 90,4 في عام 1998م.
والجدير بالذكر ان هذه الأرقام القياسية المذكورة هي من واقع تكاليف المعيشة لمتوسطي الدخل، وما حدث بها من زيادة ومن تغير يقرب إلى حد كبير من أرقام المعيشة لجميع سكان المملكة غنيهم وفقيرهم، والظاهر في هذه الأرقام القياسية التي ذكرت هو ان بند المواد الغذائية وبند السكن وتوابعه وبند النقل والمواصلات قد طرأ عليها زيادة ملحوظة بينما لم يرتفع الرقم القياسي للبنود الأخرى كثيرا بل إنه انخفض في بعض البنود, فقد انخفض بند الأقمشة والملابس بمقدار 5,6% وهو ما يفسر أن خفض الطلب بترشيد كمية الاستهلاك يحد كثيرا من ارتفاع الأسعار، وقد يكون لنوع اللباس الوطني البسيط بالنسبة للرجال، وعدم وجود أحوال جوية قاسية دور في خفض استهلاك الناس لهذا البند, وهو ما يؤكد اعتدال إنفاق الأسرة في هذا البند على أي حال بسبب الانخفاض في الأسعار, وليس من الغرابة والعجب في هذا الأمر ان الزيادة في أسعار المواد الغذائية والتي وصلت إلى 22,3% خاضعة لما يحدث في الأسواق من عرض وطلب، عرض المواد الغذائية من قبل التجار وجشعهم لمزيد من الكسب، وطلب المواطن السعودي لهذه السلع واستهلاكه غير الرشيد لها عند كثير من الناس، وكثيرا ما شاهدنا أنفسنا ننفق الكثير من المال على المواد الغذائية التي يذهب أكثرها إلى النفايات بعد فسادها دون أن تؤكل، وتبقى تكاليف ذلك الغذاء لترهق ميزانية الأسرة وهو أمر يبقى اللوم فيه على المواطن وحده، والدولة هي المواطن والمواطن هو الدولة، والمواطن الذي يلوم الدولة على زيادة الأسعار دون أن يدرك أنه هو من يستطيع الحد من ارتفاع الأسعار في بند المواد الغذائية بترشيد الانفاق والحد من الطلب المبالغ فيه هو مثل المواطن الذي يلوم نفسه, والارتباط بين بند الغذاء وبند السكن ارتباط واضح، ولو استرشد بند المواد الغذائية فستكون الزيادة طفيفة في البنود الأخرى, والأسواق السعودية، ولله الفضل والحمد والمنة، تحتوي على سلع تتراوح من أعلى سلعة إلى أرخص سلعة وكلها تؤدي الوظيفة المطلوبة منها، هناك السيارة التي تصل قيمتها إلى خمسمائة ألف ريال وهناك السيارة التي تصل قيمتها إلى خمسين ألف ريال وهناك الحذاء الذي قيمته خمسة آلاف ريال وهناك الحذاء الذي قيمته خمسون ريالا، وخفض الأسعار يأتي ببادرة من قبل المواطن نفسه بترشيد الإنفاق وهو الصرف في حدود بنود إنفاق ميزانية كل أسرة، والغريب ان الكثيرين منا يبالغون كثيرا في مصروفاتهم في بند المواد الغذائية، وهذه مشكلة تتمثل في أن الجوع في عيوننا وليس في بطوننا، والإنسان الجائع حسبه بضع لقيمات يقمن صلبه، ولكن كيف يشبع من كان الجوع في عينه وليس في بطنه؟ وهذه ظاهرة تحتاج إلى دراسة اجتماعية ونفسية لارتباطها بأمور نفسية واجتماعية واضحة.
ومسألة قدرة الأسرة على الشراء والإنفاق ترتبط بنوع الوظيفة ومقدار ما تحققه من دخل نقدي، والوظائف الحكومية تتبع سلما وظيفيا له درجاته وله مبالغه النقدية، وله أرقامه، فما هو السلم الوظيفي وما هي درجاته ورواتبه؟
السلم الوظيفي، الصعود هبوطا وأسرار الرقم خمسة
وضع سلم رواتب الموظفين الحالي قبل حوالي عشرين سنة، وقد تم تعديله قليلا بعد زيادة درجات السلم لبعض المراتب بتاريخ 1/1/1415ه، وقد أحتوى هذا السلم على خمس عشرة مرتبة تبدأ بالمرتبة الأولى عند الدرجة الأولى براتب مقداره 1500 ريال وتمتد درجات هذا السلم إلى الدرجة الخامسة عشرة بزيادة 100 ريال كعلاوة لكل درجة، أي أن الموظف عند تعيينه على المرتبة الأولى عند الدرجة الأولى يبدأ براتب مقداره 1500 ريال ويصل بعد 15 سنة إلى راتب مقداره 2900 ريال, وتم مراتب هذا السلم بالمرتبة الرابعة التي تبدأ بالدرجة الأولى براتب مقداره 2655 ريال وتمتد درجات هذا السلم إلى الدرجة الخامسة عشرة بزيادة 170 ريالا كعلاوة لكل درجة، وتصبح هذه المرتبة عند الدرجة الخامسة عشرة براتب مقداره 5035 ريالا, إلى أن ينتهي السلم الوظيفي بالمرتبة الخامسة عشرة التي تبدأ بالدرجة الأولى براتب مقدراه 15000 ريال وتمتد درجات هذا السلم إلى الدرجة العاشرة بزيادة 650 ريالا كعلاوة لكل درجة.
والرقم خمسة، رقم يستدير حول نفسه، وهو رقم جميل شكلا ومعنى، ويزداد جمالا كلما توهجت الأصفار عن يمينه لا عن شماله، والرقم خمسة له أسرار كثيرة، ولنقف عند الرقم خمسة حين تزينه ثلاثة أصفار عن يمينه لا عن شماله، أي الرقم خمسة الآلاف ولنفرض ان متوسط دخل الأسرة السعودية الفردية شهريا هو خمسة ألآلاف ريال (5000)، ولنأخذ هذا الرقم وندخله في نسب بنود إنفاق الأسرة المذكورة في الفقرة الأولى، فيكون بذلك الإنفاق كما يلي:
المواد الغذائية، ومقدار الإنفاق 43% X 5000 = 2150ريالا.
الملابس والأحذية، ومقدار الإنفاق 5% X 5000 = 250ريالا.
السكن وتوابعه، ومقدار الإنفاق 30% 5000 = 1500 ريال.
الرعاية الطبية، ومقدار الإنفاق 2% X 5000 = 100 ريال.
النقل والمواصلات، مقدار الإنفاق12% X 5000 = 600 ريالا.
التعليم والثقافة، ومقدار الإنفاق 3% X 5000 = 150 ريال.
النفقات والخدمات الأخرى 5% X 5000 = 250 ريالا.
إجمالي بنوك الإنفاق هو 100% ويساوي 5000 ريال.
وأهم بند في ميزانية الأسرة هو بند المواد الغذائية لعدة أسباب منها أن هذا البند يمثل ضرورة أساسية لقيام الحياة واستمرارها، ومنها أن هذا البند يمثل أعلى نسبة إنفاق في بنود ميزانية الأسرة حيث يصل إلى 43%، وجدير بالذكر أن مبلغ 2150 ريالا هو الحد الأدنى لتأمين المواد الغذائية الأساسية لمدة شهر حسب اسعار السوق الحالي لأسرة مكونة من أب وأم وطفل أو طفلين على الأكثر, ثم يأتي بند السكن وتوابعه وقيمة هذا البند تساوي 1500 ريال شهرياً أي ما قيمته ثمانية عشر ألف ريال (18000) سنويا وهو مبلغ يعتبر كافيا لإيجار شقة من غرفتي نوم مع صالة ومطبخ ومجلس للضيوف، أو لإيجار دور من فيلا صغيرة الحجم، وهذا الدور أو الشقة يعتبر كافيا لاسرة مكونة من أب وأم وطفلين على الأكثر، ثم يأتي بند النقل والمواصلات وقيمته 600 ريال شهرياً وهو يكفي لوقود سيارة واحدة فقط مع صيانتها الدورية في حال امتلاك الأسرة للسيارة، وهو يمثل ما قيمته عشرين ريالا يوميا في حال عدم امتلاك الأسرة لوسيلة النقل، وهو في هذه الحالة غير كاف لتنقلات الأسرة اليومية، ثم تأتي بقية البنود وهي ما زالت ضمن حدود إنفاق أسرة صغيرة مكونة على الأكثر من أب وأم وطفلين.
وحسب ما ظهر فإن الرقم 5000 هو حد الكفاف لاسرة مكونة من أب وأم وطفلين، وإذا زاد دخل الأسرة بنسبة 50% أي صار دخلها 7500 فإن هذا هو حد الغنى، وإذا نقص دخل الأسرة بنسبة 50% أي صار دخلها 2500 فإن هذا هو حد الفقر، وإذا كان الدخل أقل من 2500 فهو حد العدم وأسرته أسرة معدومة.
وبعض الأسر الفردية يكون لها دخل إضافي هو دخل الأم العاملة، إلا انه لا يمكن الاعتداد بهذا الدخل الإضافي خصوصا في مثل المجتمع السعودي لأن ذلك الدخل يذهب أكثره في مصاريف ونفقات إضافية يتطلبها خروج الزوجة للعمل مثل تأمين سيارة إضافية وسائق، تأمين الحضانة أو مربية للأطفال وخادمة، ملابس إضافية ومصروفات جيب لهذه الوظيفة، أي أن الزيادة في الدخل قابلها زيادة في مصاريف الأسرة، لذلك فإن هذا الدخل الإضافي ليس له كثير شأن في تعديل الأحوال المعيشية.
وعند الرجوع إلى السلم الوظيفي والوقوف على مراتبه ودرجاته فإن الموظف عند تعيينه على المرتبة الرابعة على الدرجة الخامسة عشرة يحصل على راتب شهري وقدره 5035 وهو ما يقرب من 5000 ريال, ذلك الرقم الذي هو حد الكفاف والحد بين حدود كثيرة تم شرحها, والموظف عند بدء وظيفته يكون عادة عند بدء بناء أسرة، وبناء الأسرة يمر بمراحل هي مرحلة الطفولة حيث تكون الأسرة عبارة عن أب وأم، ثم مرحلة الشباب وهي بدء الإنجاب ودخول الأطفال تحت مظلة ذلك الدخل المادي، ثم مرحلة الكهولة وفيها يزيد عدد الأطفال ويكبرون وتزيد حاجات تلك الأسرة، ثم مرحلة الشيخوخة التي يتم فيها تزويج الأبناء والركون في مرحلة التقاعد, إذن تحتاج الأسرة عند بدئها إلى دخل لا يقل عن 5000 ريال لبدء النمو الحقيقي المثمر وتأمين اكبر قدر ممكن من المال لشراء أرض وبناء البيت وغيره، والقانون الاقتصادي لنجاح المشاريع يقول ان أي مشروع في بدايته يحتاج إلى أكبر دخل ممكن في سنواته الأولى للانطلاق والاستمرار والنمو وليس هناك مشروع أهم وأخطر من مشروع بدء أسرة، وكلما كانت العلاوة السنوية لأسرة في مرحلة الطفولة كبيرة ومطردة كلما كان تحقيق تلك الأسرة لأهدافها أقرب وأكمل وكلما كان هناك استقرار ونمو اجتماعي ونفسي وثقافي في تلك الأسرة وهو ما يحتم ان تكون العلاوة السنوية في بداية حياة الموظف أعلى في السنوات الأولى.
وأما المرتبات المرتفعة فوق حدود العشرة الآلاف ريال (10000) ريال فإن الزيادة فيها خاضعة لقانون الإنفاق الأسري الذي يقول مهما ارتفع الدخل (المرتفع اصلا) تظل النسبة المئوية المنفقة على بنود السكن والوقود والكهرباء ثابتة، وبالتالي افإن زيادة الدخل تكون في زيادة الاستهلاك غير المجدي وهذه الزيادة الاستهلاكية تدخل في دورة السوق وتساهم في رفع الأسعار، إذن الزيادة في الدخول التي تكون أكبر من 10000 ريال هي زيادة غير ذات جدوى في تحقيق الرفاهية بشكل عام، والأمر عكس ذلك تماما في حالة الدخول المنقوصة والمعدومة والمتمثلة في المراتب المتدنية من السلم الوظيفي، فإنه كلما زاد دخل الموظف فإن ذلك ينتشل الاسرة من العدم وينقلها إلى حالة الكفاف، ويأخذها من حالة الكفاف لينقلها إلى حالة الغنى ويجعلها قادرة على تأمين احتياجاتها الضرورية والأساسية من مسكن وملبس وغذاء وهو ما يقلص من حدة فروق الدخل بين أفراد المجتمع ويدفع المجتمع إلى تحقيق رفاهية أكبر لجميع الأسر وهو ما يحتم ضرورة دراسة السلم الوظيفي فيما يخدم المراتب المتدنية لمعالجة مشاكل اقتصادية واجتماعية بدأت تعلن عن نفسها في صفحات المجتمع وطرقاته وبيوته.
والموظف في المراتب الأربعة الأولى المتدنية من السلم الوظيفي ذات الدخل المنخفض يمر خلال سنوات وظيفته ويصعد السلم الوظيفي بعلاوة متواضعة مما يجعله بعد مرور سنين عمره يستلم مرتبا شهريا لا يكاد يكفيه بسبب عوامل التضخم في الاقتصاد والتضخم في أعداد أسرته التي يعول وكأنه أثناء صعوده لهذا السلم هو في هبوط مقارنة بحالته الاقتصادية وأعبائه المتزايدة.
والموظف عندما يبدأ حياته الوظيفية بدخل منقوص ويتزايد دخله خلال 10 سنوات إلى مبلغ 5000 ريال مثلا فإن هذا المبلغ يعتبر أقل مما يراد له حقيقة، لأنه لا يشتري كمية السلع والخدمات التي كان يشتريها قبل 10 سنوات بل سيكون أقل قيمة من 5000 قبل عشر سنوات، والمثل الذي يقول إذا كان معك 100 ريال فأنت تساوي 100 ريال، يصير إذا كان معك 100 ريال فأنت تساوي 90 ريالا أو أقل بعد عدد من السنوات.
وقيمة وحدة النقد التي هي الريال تساوي مقدار السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها مقابل القدرة الشرائية لوحدة النقد، وإذا ارتفعت أسعار السلع تنخفض قيمة الريال، أي أنه إذا كان معك 100 ريال فإنه عند ارتفاع الأسعار ليس معك حقيقة إلا 90 ريالا أو أقل حسب نسبة ارتفاع الأسعار.
وما هو مذكور عن السلم الوظيفي والذي يشمل موظفي القطاع الحكومي العام وحدود الدخل المذكورة وتقسيماتها بين الغنى والكفاف والعدم ينطبق أيضا على دخول موظفي القطاع الخاص.
دخل الأسرة بين السلم والحرب
في حالة الحرب فإن السلع تقل في الأسواق مما يزيد في قيمتها ويصبح الدخل النقدي يشترى من السلع والخدمات أقل مما يحصل عليه في حالة السلام، وارتفاع الأسعار المفاجئ في بعض السلع والخدمات يخفض من قيمة الدخل الحقيقي للاسرة ويجعل الأسرة تعيش في سوق أسعاره في حرب مستعرة بينما البلد يعيش في خير وسلام واطمئنان وهذا الأمر هو ظاهرة عجيبة تحتاج إلى دراسة والعناية بها، ومعاقبة التجار الذين يمارسون حيل رفع الأسعار ومحاسبتهم بشدة.
عجز ميزانية المواطن
/ عجز ميزانية الدولة
عند وضع الدولة رعاها الله لموازنة مصروفات الدولة مقابل دخلها فإن الدولة تحاول جاهدة جعل النفقات مساوية للموارد وهذا الأمر يحتاج إلى حسن سياسة وحسن تدبير من جميع أفراد المجتمع، إلا أن الأسرة الفردية داخل المجتمع عند قيامها بالإنفاق المبالغ فيه وعند قيامها بتخطي حدود بنود إنفاق ميزانية الأسرة التي ذكرت فإنها تسبب لنفسها العجز مما يجعلها تتعرض للاقتراض وللأزمات النفسية والاجتماعية وتؤثر في الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر، وبطيء وغير بطيء، لكنه تأثير واضح ومؤكد، وهو الأمر الذي يؤثر على ميزانية الدولة للسنوات القادمة ويحدث تأثيرا تراكميا قد لا يكون ملموسا من قبل الأسرة الفردية، ولكنه يربك الدولة في وضع ميزانياتها لزيادة الاستهلاك غير المنظم من قبل أسر المجتمع, والغريب ان الكثير من الأسر الفردية الصغيرة التي يكون دخلها اكثر من عشرة الآلاف ريال وعندما يحدث لها خلل وعجز في ميزانياتها بسبب مصروفاتها المبالغ فيها وغير المبررة، تبدأ هذه الأسر بالتذمر من حال الاقتصاد وتتهمه بالعجز وهو منها بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب , ومفهوم الكثيرين عن ترشيد الاستهلاك فيه الكثير من المغالطة، فترشيد الاستهلاك لا يعني خفض المصروفات بل هو يعني إنفاق هذه المصروفات على الوجه التي وضعت له بنود الميزانية الأسرية وهو ما يضمن دائما الرفاهية دون أن يدخل الجميع في حمى الاستهلاك المهلك ومن ثم العجز الواضح في ميزانياتها.
الإنسان السعودي حين
ينشق إلى نصفين
إذن تلك كانت أرقام ونسب بنود ميزانية الأسرة السعودية، وكلما زاد إنفاق الأسرة وتعدى حدود دخلها الحقيقي فإن ذلك يحدث شقا في تلك الأسرة والشق يفضي إلى نفق ذي خمسة شعب، شعبة تقود إلى الاقتراض والدين ثم السجن، وشعبة تقود إلى السرقة ثم إلى السجن، وشعبة تقود إلى التسول ثم إلى السجن، وشعبة تقود إلى الرذيلة ثم إلى السجن، وشعبة تقود إلى الأمراض والأزمات النفسية ثم إلى مستشفيات الأمراض النفسية، وفي جميع الأحوال فإن الجميع من رجال الدولة ورجال الخير والإحسان وأفراد المجتمع يتراكضون و يتفازعون لرقع ذلك الشق، وهو شق يكون أحيانا أكبر من الرقعة كما يقول المثل، ويصير الأمر كأن ما نوفره بهذه اليد هنا فإننا ننفق مثله أو أكثر بتلك اليد هناك.
والأسر في إنفاقها تنقسم إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى هي من ذوي الدخول المنقوصة والمعدومة وهذه الفئة يجب مساعدتها برفع دخلها، فكيف يمكن لأسرة مكونة من أب وأم وخمسة أطفال أن تعيش على دخل شهري مقداره 1500 ريال فقط خصوصا إذا كانت هذه الأسرة تعيش في بيت إيجار، وهذه الفئة هي عبارة عن قنابل اجتماعية موقوتة متى ما انفجرت فإنها ستسبب لنا جميعا دمارا اجتماعيا وأخلاقيا واقتصاديا، لايمكن معالجته ومداراته, والفئة الثانية وهي فئة الأسرة ذات الدخل الغني ولكنها دائما تعجز عن ميزانيتها بسبب سو إنفاقها وهذه الفئة يجب عليها تثقيف نفسها وترشيد نفقاتها، وهو الأمر الذي فيه الخير لها وللجميع, والفئة الثالثة من الأسر هي فئة رضي الله عنها وعرفت كيف تنفق بيد ليست مغلولة إلى عنقها وليست مبسوطة كل البسط، وهي فئة رضيت هي عن نفسها وعرفت كيف تنفق ضمن بنود إنفاق ميزانية الأسرة، وسلمت وأسلمت.
الحمد لله رب العالمين، أنا قد شبعت من قراءة أرقام الواقع المعيشي للإنسان السعودي، وشهوة قراءة الأرقام الآن تلعق أصابعها الشعرة إصبع إثر إصبع، وشمس الشروق الآن تدخل من نافذتي وتتوارى عني ذات اليمين، وأنا أتوارى عنها ذات الشمال، وقد استلقيت واضعا رجلا على رجل وأنا أتساءل كيف لا ينشق الإنسان إلى نصفين بين مصروفات ومدخولات واقعه المعيشي وهو لا يعرف كيفية الإنفاق ضمن بنود ميزانية الأسرة؟!!!، وبدأ يغالبني النوم وقد هجعت شهوة قراءة الأرقام في رأسي وسكتت عني إلى حين.
فالحمد لله رب العالمين على ما قسم الله رب العالمين.
ص,ب 26520 الرياض 11496
|
|
|
|
|