| الثقافية
في بداية مداخلته العلمية تطورات اقتصادية مؤثرة على مستقبل الوطن العربي ,, الحالة السعودية التي ألقاها مساء أمس في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة اختصر د, إحسان علي بو حليقة تعريف العولمة في أنها عربات تقطرها مصالح الدول الكبرى, وسيسير القطار، ما دامت القوى الدافعة له تحقق مكاسب متوازنة ومقبولة من وجهة نظر القوى الاقتصادية الكبرى.
لكن القطار عرضة دائما للتوقف، بل وللاختطاف وللتفجير إذا ما اختل التوازن في مصالح الدول الكبرى! مشيراً إلى الحلم العربي (السوق العربية المشتركة) الذي مسخ أو أجهض أو تلاشى في عصر لا يعترف إلا بالتكتلات ذات المصالح الواحدة أبرزها الاتحاد الأوروبي، والآسيان!! وأشار بوحليقة أنه ليس من الإنصاف تبسيط أمر العولمة وتغليفه بلبوس من النبيل والبراءة، وبالمقابل ليس مناسباً تقديم العولمة على أنها المؤامرة الكبرى! داعياً إلى توظيف المتغيرات من حولنا لتحسين أحوالنا.
وعن (القيمة المضافة) في الاقتصاد المحلي دعا بو حليقة إلى السير المضاد للضياع في غياهب العولمة هو الخصخصة، ولا يقصد بالخصخصة بيع ممتلكات الدولة,, بل يعني فسح المجال للقطاع الخاص دون عوائق, وفي هذا عودة لطبيعة الأشياء، فالقطاع الخاص هو بطبيعته عماد الاقتصاد، فهو منبع القيمة القائمة على الإنتاج، وهو القطاع الذي يهدف للربح والقائم على التنافس الذي يتطلب كفاءة وضخاً استثمارياً متواصلا مشيراً إلى مايقال عن أن مستقبل الاقتصاد السعودي بيد القطاع الخاص السعودي: فهو يمسك بمفاتيح إزالة التشوهات الاقتصادية القائمة في سوق المال وسوق العمل وسوق السلع والخدمات، إذا ما أزيلت العوائق والكوابح.
إذ يملك المال للاستثمار، وبإمكانه استيعاب مئات الآلاف من الوظائف للمواطنين عن طريق إحلالهم محل غير السعوديين في الأعمال القائمة والجديدة، ويمتلك فرصاً لتنمية الصادرات غير النفطية، وتخفيف الضغوط عن ميزان المدفوعات, ولا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية إيجاد منافذ لاستيعاب الموارد البشرية المتدفقة على سوق العمل المحلية، فقد تضاعفت قوة العمل السعودية خلال الفترة 1980 1996، من ثلاثة ملايين إلى ستة ملايين، إلى نحو 7,2 ملايين نهاية العام 1999 (نهاية الخطة الخمسية السادسة), ومن المتوقع أن تنمو 0,9 بالمائة سنوياً في المستقبل المنظور، لتصل لنحو 7,5 ملايين في نهاية العام 2004 (نهاية الخطة الخمسية السابعة).
ودعا إلى إزالة العوائق أمام القطاع الخاص ليأخذ الفرصة كاملة معتبراً أنها مرحلة إزالة العصي في العجلة حتى تدور دون عوائق، ما دمنا قد سلمنا أنها عجلة تسعى لخير المجتمع وأفراده, والمقصود هنا عجلة الاقتصاد السعودي على اختلاف أنشطته, وترمي هذه المرحلة إلى أن يكون كل شخص (طبيعي أو معنوي) معني بالإنتاج وبتقديم أفضل ما عنده، والسعي لنبذ الروتينية البيروقراطية التي تهدر الوقت والمال,, وهي تعني كذلك إزالة العوائق لانطلاق المنافسة المحلية حتى تتمكن المؤسسات النشطة الكفؤة من إزاحة المؤسسات الاقتصادية الهامشية والطفيلية التي تأخذ من الاقتصاد الوطني وتعطيه أقل مما تأخذ منه, وفي هذا الإطار ليس مقبولا أن يشير أحد بالاتهام للآخرين، فمسؤولية تعظيم ثروة المجتمع تقع على كل فرد فيه: باستقطاب الأصول المنتجة، وبالحرص أن ينتج أقصى ما يمكن، واعتماد أفراده أكثر فأكثر على إمكاناتهم، وسعي كل فرد لتحمل أعبائه, ولعل مزاولة أمر من هذا النوع تقلص فاتورة العجز في العمالة التي تزيد عن 15 مليار دولار سنوياً، وفاتورة العجز في ميزان الخدمات التي تتجاوز 18 مليار دولار.
وهذا أرقام فلكية كافية لالتهام أي فائق في إيردات النفط، مشيرا إلى أن مرحلة إزالة العصي قد تؤدي إلى تحقيق الاقتصاد السعودي لمكاسب في الإنتاجية تنتج عن مراجعة وتحديث النظم ذات الطبيعة الاقتصادية، وتبسيط الإجراءات الروتينية، والحد من العمالة الهامشية، وتقليص العمالة الحكومية، فضلاً عن أنها ستؤدي إلى تحقيق مكاسب منها على سبيل المثال تحسين مناخ الاستثمار المحلي بجعله أكثر تنافسية, وعن انتهازية ونفاق المؤسسات الاقتصادية الدولية، أشار بو حليقة أنها على استعداد للاصطياد في الماء العكر، وعلى استعداد لاستثمار أخطاء الآخرين.
ويبدو الأمر مخيفاً عندما ندرك أننا نحن من الآخرين إذن من المهم ألا تخطئ الدول النامية, مشيرا إلى سلوك صندوق النقد الدولي والبنك في محنة كوريا,.
كوريا، النمر النابغة، التي جعلت ومنذ الستينيات الافنتاح على الخارج هدفاً، لدرجة ان مجلس الصادرات كان برئاسة رئيس الجمهورية ويعقد اجتماعات شهرية لتنمية الصادرات.
واعتبر د, بو حليقة أن القوى الاقتصادية تكره النجاح إلا إذا كان لها فيه نصيب، وتنافق من لا تقوى على معاداته، وتقرع من يفشل حتى ولو امتلك سجلا حافلا بالإنجازات, ولعل هذا يأخذنا إلى النقطة المحورية وهي أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد إجمالا بحاجة إلى حلول محلية المنبع، ومحلية الإقناع.
وليست هذه دعوة للانكفاء على الذات، بل هناك حاجة لتعريفات جديدة لعلاقاتنا الاقتصادية مع عالم يتغير من حولنا,, عالم قرر أن تكون المنافسة قانونه وديدنه مشيرا إلى أن المبارزات الاقتصادية بين المصنعين في أنحاء العالم، حتى يستقر الحال على مصنعين كبار أقوياء يسودون السوق العالمية, ولا أحد يقول إن هؤلاء يستقرون في الدول الصناعية الكبيرة,, ليس بالضرورة، فالهدف هو القيمة المضافة للاقتصاديات والربح الصافي للشركات.
|
|
|
|
|