| مقـالات
قال أبو بدر الكاتب في تعبير المنام:
وجاء إليّ رجل من أهل الجاه والمقام وانتبذني مكاناً قصياً ثم حكى لي رؤياه، قال يا أبا بدر رأيت فيما يرى النائم أنني واقف استقبل أصدقائي وهم يعطونني عطايا آكلها فيصغر حجمي وكنت أبتلع منها تباعاً بحثاً عن النجاة من تضاؤل حجمي وحقارتي في أعين الناس فما يزداد حجمي إلا نقصا,, وعندما لم يجدني هذا شيئا رأيت أعداء لي مقبلين يحملون عطايا تشتعل باللهب وكانوا يحقرون صغري ويقدمون لي عطاياهم الثمينة فما أن آخذ واحدة منها حتى يزول ما بي ويكبر حجمي فأعجبني ما يفعلون فقلت لهم إلى مزيد من العطاء يا ألدّ أعدائي فأسرفوا، فكدت أبني جبلا بكثرة ما أعطوني فما ترى يا أبا بدر؟.
قال أبو بدر الكاتب ولم أحر للأمر تأويلا فأصابني غم إلى أن سمعت رجلا يتمثل مثلا ومن فرط سروري بتعبير هذا المنام ذهبت للرجل في مكتبه المنيف ودخلت من حجابه بصعوبة وكنت ألهث من فرط التعب فهدأني وقطع اجتماعاً كان فيه، فقلت اسمع تعبير منامك لقد كان أصدقاؤك يمدحونك بالباطل فيصغر حجمك ولصغر حجمك طفق أعداؤك يلومونك ويتشفّون بك فكنت تنتبه من غيك وتصلح ما فسد من أمرك.
قال وكيف عرفت ذلك؟,, قال أبو بدر: لقد سمعت رجلا يتمثل بقوله: رحم الله من أهدى لي عيوبي وأرشدني إلى لغوبي وبئس من مدحني بغير ما بي فقد جعلني استمرئ ذنوبي وأتيه عن دروبي وتكثر عيوبي.
قال وسألني أين ذلك المتمثل؟ فأخبرته أنه رجل من ذوي المقام يقول ما لايفعل وحاله ليس خيراً من حالك مع أصدقائك ومادحيك.
|
|
|
|
|