| عزيزتـي الجزيرة
قد يحجم الإنسان في بعض الأحيان عن التصدي لعمل نافع كدعوة أو تعليم أو إغاثة أو كتابة مع قدرته عليه وحاجة الأمة إليه، وسبب هذا الإحجام، والتهيب من الإقدام، ما يُرى من تقاعس القادرين المؤهلين عن هذه الأعمال، الذين أغلقوا على أنفسهم مساكنهم، أو تقوقعوا في مكاتبهم، وتركوا أمر هذه الأعمال للمتقدمين لها، من المؤهلين وغيرهم، فلا تستفيد الأمة من مؤهلاتهم، ولا تنتفع بقدراتهم وما منّ الله به عليهم من الصفات التي ربما لا تتوفر في غيرهم.
وقد يبطن هذا الإحجام بتواضع مزعوم، وهو تقاعس مذموم وليت نتيجة هذا التقاعس، تقدم القادر المفضول، مع وجود الفاضل، إذاً لهان الأمر, لكننا نجد من نتائج هذا الإحجام في أحيان كثيرة، خوض كثير من الناس فيما لا يحسنون فيفسدون وهم لا يشعرون ويسيئون من حيث أرادوا الإحسان وصدق الشاعر إذ يقول:
ومن يثني الأصاغر عن مرادٍ إذا جلس الأكابر في الزوايا؟ |
فجميع الآثار السيئة المترتبة على دخول غير القادرين فيما لا يحسنون إنما لهؤلاء منها النصيب الأكبر.
فتعطيل الإمكانات وإهدار الطاقات جناية على صاحبها وعقوق منه لمجتمعه فيتحول هذا الموهوب إلى شخص يعيش على هامش الحياة مع أنه مؤهل للصدارة والقيادة لكنه كما يقال: يرى الحبة قبة، يستصعب شرب الماء وشم الهواء.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم |
فترى الرجل موهوباً ونابغة فيأتي الكسل فيخذل همّته ويمحق موهبته ويطفئ نور بصيرته ويشل طاقته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز رواه مسلم, قال الفرّاء رحمه الله : (لا أرحم أحداً كرحمتي لرجلين: رجل يطلب العمل ولا فهم له ورجل يفهم ولا يطلبه وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العمل ولا يتعلم).
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام |
فمن استطاب مجالس الراحة والبطالة واستلان فراش العجز والكسل ليس كمن ألزم نفسه بالمعالي وسعى لبلوغ الأماني.
الذلّ في دعة النفوس ولا أرى عز المعيشة دون أن يشقى لها |
د,عبدالله محمد الرميان جامعة أم القرى
|
|
|
|
|