| الاقتصادية
على الرغم من الدور الكبير الذي تلعبه المعارض الوطنية في التعريف بالمنتجات الوطنية من خلال تجميع تلك المنتجات تحت سقف واحد مما يسهل من عملية المقارنة ويساعد المستهلك على صياغة قراره النهائي، إلا أن الزائر لتلك المعارض يشاهد العجب العجاب ولعل من أبرز عجائب معارضنا الوطنية اعتمادها الكبير على العمالة الأجنبية في تقديم المعلومة عن المنتجات المحلية حتى صار يخيل للزائر أن هذه المعارض معارض أجنبية تقام على أرض المملكة العربية السعودية, بل إنه في حالات كثيرة يصعب على المواطن الذي لا يجيد اللغة الانجليزية تكوين معلومة شاملة لعدم قدرته على التفاهم مع العارضين الأجانب مما يضطره إلى مغادرة المعرض دون تحقيق الهدف المنشود كما يحدث كثيراً في معارض الكمبيوتر, وفي هذا الخصوص أذكر أنني كنت مع أحد الزملاء في زيارة لأحد المعارض التي نظمت حديثاً في مدينة الرياض ولم نشاهد إلا مايقل عن عدد أصابع اليد الواحدة من السعوديين الذين يقفون خلف معارضهم مما دفع بهذا الأخ الكريم إلى إطلاق آهات معبرة يتأسف بها على الحال ويعاتبني بها على التركيز الدائم على السعودة ومجالاتها, بل إنه قال لي بعد مغادرتنا للمعرض: أسألك بالله ألا تتطرق للسعودة بعد الآن ! ألا يكفي ما يحدث في هذا المعرض ليكون دليلاً قاطعاً على عدم الجدية في الدعوة العامة للسعودة؟
وعلى الرغم من الجهد الذي بذلته لإقناعه بضرورة الاستمرار وعدم الاستسلام لأهواء أصحاب المصالح الخاصة، إلا أنني في قرارة نفسي أوافقه في بعض ماذهب إليه, فلا أحد ينكر أن الدعوة لتوطين فرص العمل لاتزال تراوح مكانها ولايزال أصحاب المصالح الخاصة يضربون بها جهاراً نهاراً عرض الحائط دون خوف من مسؤول ودون حياء من مواطن غيور, وإلا ماذا يعني الاعتماد على العامل الأجنبي حتى في عرض المنتجات المحلية؟ ألم يكن بالإمكان توظيف عامل سعودي يقوم بهذه المهمة؟ ثم هل هذه المهنة تحتاج إلى تدريب معقد لايستطيع العامل السعودي إتقانه؟ ومن هو المسؤول عما حدث ويحدث باستمرار في معارضنا الوطنية؟ أعتقد أنه كان بالإمكان إلزام المؤسسات والشركات الراغبة في الاشتراك في المعرض بالاعتماد الكامل وليس الجزئي على العمالة الوطنية لأن الذريعة التي يتشبث بها القطاع الخاص دائماً والمتمثلة في نقص التدريب لاتتحقق في هذا المجال, وهنا أرى أن اللوم يجب ألا يقع على القطاع الخاص لكونه دائماً يسعى إلى ما يحقق مصلحته الخاصة بغض النظر عن جنسية وهوية عنصر الإنتاج المستخدم ولكن اللوم في الواقع يقع على الجهات الحكومية المعنية بالاشراف على ومراقبة هذه المعارض فإذا لم تكن حريصة على المصلحة الخاصة, بقي أن نقول أنه في حالة عجزنا عن فرض مضمون الوطنية على الاقل في الشكل الخارجي على هذه المعارض، فإن من الوطنية ألا نستخدم هذه الكلمة إلا في المجالات التي تحترم فيها الوطنية.
* استاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|