| الثقافية
يتناول المفكر اللبناني مسعود عبدالله ضاهر، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في بحثه آفاق العلاقة ما بين المثقف العربي والتطورات الثقافية في عصر العولمة نافياً أن تكون ورقته من شأنها الدخول في مجال عقيم حول تعريف الثقافة والمثقف بعد أن امتلأت المكتبات العربية بآلاف الكتب والمقالات والدراسات حول هذا الموضوع! معتبراً أن ما يعنينا هنا الثقافة الانسانية من حيث هي رؤية شمولية للعالم, وكل إبداع ثقافي، فردياً كان أم جماعياً، يشكل رافداً من روافد تلك الثقافة الإنسانية التي تتفاعل فيما بينها باستمرار عبر مختلف الحقب التاريخية.
فالقيم الثقافية هي بالضرورة قيم إنسانية، وهي تختلف جذرياً عن مظاهر السلوك الاجتماعي التي ترتدي أشكالاً خاصة في التطبيق العملي داخل كل مجتمع وذلك تبعاً لتقاليده وقيمه الثقافية الموروثة، ثم عدد ضاهر بعض مشكلات المثقف والثقافة عبر النقاط المنهجية التالية: المثقف العصري والتراث العقلاني العربي، التنمية البشرية كنقطة انطلاق للاستنهاض الثقافي في الوطن العربي، واقع الثقافة العربية في المرحلة الراهنة، المثقف العربي وهاجس البحث عن حلول عملية لمشكلات الوطن العربي، المثقفون العرب في مواجهة المركزية الثقافية لعصر العولمة، المثقف العربي والتطورات الثقافية المرتقبة في مطلع القرن الحادي والعشرين.
مشيراً إلى أن التنمية تنظر إلى الإنسان ككائن متجدد فإن أفضل أشكال التنمية الملائمة لتجدده هي التنمية الثقافية التي تساعد على التواصل العقلاني ما بين الأجيال المتعاقبة، فالتنمية الشمولية لا تقف عند تلبية الاحتياجات المادية للناس بل تتعداها لتلبية حاجاتهم الروحية والثقافية والفنية، وتعميق القيم الإنسانية التي تؤمن التواصل الحضاري عبر مختلف المراحل التاريخية.
, لذلك تبدو الحاجة ملحة إلى خطط علمية مدروسة للتنمية الثقافية لأنها المدخل الموثوق لا بل الوحيد القادر على إطلاق مشروع نهضوي في جميع المجالات، مع الحرص على إبقاء الطاقات الإبداعية العربية داخل الوطن العربي، والسعي إلى استعادة قسم من الأدمغة المهاجرة والمستقرة في الخارج.
ويسعى مسعود ضاهر خلال ورقته إلى تسليط الضوء على مقولات التنمية الثقافية التي تساهم في التخفيف من الاستغلال البشع للموارد الطبيعية من طريق تطوير للمهارات البشرية بشكل مستمر، وتحرير الطاقات الخلاقة لدى الإنسان العربي لكي يوظفها في الإنتاج والإبداع، والتساؤل المشروع في نهاية الدراسة عما إذا كان العرب مستعدين لأخذ الدروس والعبر من نماذج التحديث الناجحة لدى النمور الآسيوية والدول الاسكندنافية لإطلاق مشروع نهضوي جديد يقوم على المثقف الحر، والتنمية الثقافية المستديمة، والابداع الثقافي في عصر العولمة وثورتها العلمية والتقنية والبيولوجية والإعلامية المتسارعة.
|
|
|
|
|