| الفنيــة
* حوار/مشعل فرحان العنزي
الفنان السوداني عبدالكريم الكابلي من رواد الأغنية السودانية الحديثة,, رجل مبدع,, يتميز بشخصية متفردة وانتاج غزير ورائع,, حمل لواء الفن في بلاده دهراً طويلاً,, بُح صوته من أجل الوصول بالأغنية السودانية الى الريادة,, وفوق ذلك فهو أديب يهتم بالأدب والتراث العربي عمل سلسلة من المحاضرات والندوات في ا لسودان وخارجه في ذات المنحى,, التقته فن الجزيرة وجاذبته الحوار فماذا قال.
** حدثنا في البدء عن سبب زيارتكم للرياض؟
* هي دعوة كريمة من رابطة الصحفيين الرياضيين المقيمين بالرياض وبعض رجال الأعمال السعوديين لإحياء حفلات غنائية في بعض مدن المملكة الرياض، جدة، أبها.
** بماذا تفسر اختفاء الأغنية السودانية من أجهزة الاعلام العربية خاصة الفضائيات؟
* المسؤول الأول هو اختلاف اللونية الموسيقية والغنائية عما ألفته الأذن العربية لأن الموسيقى السودانية موسيقى خماسية، أما الموسيقى العربية باختلاف مقاماتها تعتبر موسيقى سباعية، وأعتقد بأن هذا هو السبب الأساسي، ويأتي بعد ذلك القصور الاعلامي كسبب ثان لأن للتعود السمعي دور كبير والانسان ابن عاداته كما يقولون، فالأغنية السودانية لم تصل لأذن العرب بصورة متكررة الشيء الذي أدى لنفورهم منها لأن أذنهم لم تتعود عليها.
** ألا تعتقد بأن هناك تشابه بين الأغاني السودانية؟
* ان تتعامل من خمسة أصوات لا يمكن أن تقارنها بسبعة أصوات, فمساحة الملحن عندما يتعامل مع خمسة أصوات تعتبر ضيقة اذا ما قورنت بتعامله مع سبعة أصوات.
** بعد التجربة الناجحة للفنان السوداني الراحل العاقب محمد حسن في تغنيه برائعة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل الصخرة هل هناك اتجاه تعاون يجمعك مع أحد الشعراء السعوديين؟
* أتمنى أن تتاح لي فرصة التعاون مع أحد الشعراء السعوديين وحقيقة هناك الكثير منهم يعجبني شعره وتأسرني لغته في التعبير.
** كيف ترى الفن السعودي الآن؟
* الفن السعودي فن أصيل ومتميز بشخصية متفردة تتمثل في الايقاع الذي لا تخطئه الأذن وأعتقد بأنه قد حقق طفرة كبرى في السنوات الأخيرة لتهيؤ الامكانيات وتواصله الايجابي مع الموسيقى العربية خاصة المصرية منها، وهذه الأسباب في أعتقادي دفعت الفن السعودي ليتخطى المحلية والخليجية الى العربية.
** فنان سعودي يأسرك ابداعه؟
* فناني الأول الذي أعجب به ايما اعجاب هو الراحل طلال مداح رحمه الله الذي نشأ فناناً بطبعه وفطرته وعندما استمع لطلال تسوقني الذكرى الى محمد عبدالوهاب في صباه، كما لا يفوتني بأن أذكر الفنان الذكي محمد عبده الذي أكن له كل الحب والتقدير لما ظل يقدمه من فن راق وجميل.
** أين الفن السوداني من قضية فلسطين وما دوركم كفنانين تجاه هذه القضية؟
* الفن السوداني سجل حضوراً قوياً تجاه هذه القضية وكل القضايا العربية منذ زمن بعيد, وسبق أن تغنيت في منتصف الستينيات الميلادية بأغنية لفلسطين يقول مطلعها:
بدمي سأكتب فوق ارضك يا فلسطين اسلمي وأموت يا يافا شهيد الوعد واسمك في فمي |
وهذا يؤكد تفاعل الفن السوداني مع قضية فلسطين ووقوفنا بجانب هذا الشعب المناضل.
** ترى ما هو سر اهتمامك بالتراث العربي والسوداني على وجه الخصوص؟
* التراث هو الجذور وهو امتداد الحياة ولا يمكن ان ننكر تراثنا الذي يحمل تاريخنا, وإذا تأملنا التراث نجد ان فيه الكثير من القيم الجمالية السامية التي للأسف الشديد بدأنا نفقدها مع تعقد الحياة وزحمتها وضجيجها.
وسأضرب مثلاً بسيطاً (وساذجاً) عن أهمية التراث ويجب باختصار عن سؤالك وهو ان الذي لا يعرف السراب سيقتله,
فإذا لم تجد من يقول لك هذا سراب ستتبعه وستموت عطشاً.
** عولمة الفن في رأيك هل تمثل مصطلحاً عاطفياً أم تحمل فعلاً سمات المعنى الجوهري للفظ؟
* العولمة قضية نافذة اردنا أم لم نرد ولا تمثل مصطلحاً عاطفياً على الإطلاق, والغرب بدأ يعد عدته لهذه المرحلة منذ زمن بعيد بتبنيه لكل الأفكار والأطروحات التي تؤدي الى عولمة كافة القضايا التي تهم العالم وليس الفن وحده, وأدرك الغرب قبل غيره أهمية الفنون لاتصالها المباشر بالوجدان, اعتقد بأن العلاج لهذه المعضلة يتكمن في القول لا يفل الحديد إلا الحديد أي بتعميق جذور التراث بما يحمله من مضامين جمالية راقية وسامية كذلك الاهتمام بالفنون كقيمة رسالية تحمل في معيتها الموروثات والتقاليد الأصلية.
** هناك اتهام للأغنية السودانية مفاده بانها تحمل مفردات ومضامين موغلة في العامية السودانية يصعب فهمها ما رأيك؟
* على العكس تماماً فالأغنية السودانية لا تستخدم سوى المفردات والمضامين العربية الفصيحة كما أني اجدها اللغة العربية الجاهلية القديمة وكمثال لدى أغنية يقول مطلعها:
ماهو الفافنوس ما هو الغليد البوص ود المك عريس خيلا بجَن عركوس |
واعانوا على استخدامي لكلمة عركوس وعندما بحثوا في المعجم وجدوا ان هذه الكلمة من عكرس يعكرس أي تجمع.
** تميز الكابلي بالغناء الكورالي في إلبومه وأمطرت لؤلؤاً هل هناك ادنى محاولة لتكرار هذه التجربة؟
* حقيقة لقد دفعني نجاح هذا الالبوم الى انتاج إلبوم جديد نزل الى الأسواق مؤخراً يحمل اسم سعاد كررت فيه ذات التجربة الكورالية.
** برأيك هل حافظت الأغنية الحديثة الشبابية على نسيج الأغنية الطربية الأصيلة أم أرخت لتدهورها؟
* أنا لا أومن ولا أتعامل مع الحكم الواحد والسمين والغث موجود في كل زمان ومكان ولكني أرجو كغيري ان يرجح السمين على الغث لذلك فلا استطيع ان اطلق حكماً عاماً,
وهناك الجيد من الغناء الحديث ولكنه قليل اذا ما قورن بمثيله من الردئ وقليل ان تجد فيه المضمون وتفتقد للكلمة التي تجعلك تتأمل وتقف عندها.
** البعض يرى أن الأعمال الحقيقية لا تتناسب مع اسلوب وقدرات الكابلي,, ما رأيكم؟
* الأغنية تعبير يأخذ اشكالاً متعددة من حيث الايقاع والكلمة وإحساس الفنان هو الذي يحدد هوية مضمونها ويعطي لكل مذهب في الأغنية اراك عصى الدمع أمام السيدة أم كلثوم سألني بعدها الاستاذ احمد بهجت في لقاء اجراه معي: لماذا غيرت ايقاع الأغنية في المذهب الأخير؟ فكان ردي بأن في بداية الأغنية احسست بان الشاعر كان جاداً يحمل حزناً عميقاً وعندما وصلت في (النص) الى فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى غيرت الايقاع الى ايقاع راقص لأني شعرت بأن الجدية قد انتفت من النص.
** هل تغنيت بهذه الأغنية بلحن رياض السنباطي؟
* لا فأنا قدمتها قبل ان تغنيها أم كلثوم.
** إذن كيف ألحان السنباطي؟
* رائعة وتعجبني كثيراً وخاصة الحانه مع أم كلثوم التي أكاد اشم رائحة التراب المصري عبرها.
** كنت تقيم قبل عشرين عاماً بالرياض والآن تأتيها للزيارة ما الفرق بين الرياض اليوم والأمس؟
* هناك فرق كبير وشاسع بين الفترة التي كنت مقيماً فيها واليوم انفتاح كبير وحركة عمرانية ضخمة غيرت ملامحها تماماً.
** كلمة أخيرة.
* امنياتي الطيبة لكم وكلي امتنان لهذه المساحة الكريمة وأهدي أمنياتي للقراء الكرام الذين أتمنى ان اكون ضيفاً خفيفاً عليهم.
|
|
|
|
|