| وطني
* استطلاع صالح العمري ونايف الحسين
الصورة لغة عالمية، والصورة تعتمد في ملامحها على الشكل وفي فهمها على الاستبصار كواحدة من أعلى المهارات وأرقى خبرة في مخرجات التربية والتعليم، كما انها وسيلة فعالة من وسائل الملاحظة والاختبار والفحص في مجالات كثيرة, وتعد الوسيلة الثالثة من وسائل التربية عموما بعد اللفظ والرمز أو الرقم، وحيث انها الوسيلة الاقل حظا بين الوسائل الثلاث في التربية والتعليم فقد أخذت وسيلتا اللفظ والرمز/ الرقم نصيبا وافراً في التربية منذ العصور الوسطى، لكن وسيلة الشكل بقيت مهضومة ومازالت كذلك في كثير من الانظمة التربوية المتخلفة.
وقد أثبتت التجارب التربوية والنفسية والاجتماعية ضرورة توفر الوسائل الثلاث وتكاملها في المنهج التربوي لبناء شخصية المتعلم من جميع النواحي الأمر الذي تنبه إلى أهميته المخططون في الانظمة التربوية الحديثة، فوضعوا له أولوية عند رسم الخطط والاهداف.
حول هذا الموضوع التقينا عدداً من الرموز في مجال الفن التشكيلي في المملكة والذين قدموا آراء هامة ومتخصصة.
* الشكل أو الصورة وسيلة تربوية هامة
في البداية يعيد الدكتور محمد الرصيص المحاضر بقسم التربية الفنية بجامعة الملك سعود أهمية الصورة إلى احتضانها لمعظم عناصر العملية التربوية على مساحة واسعة في بعض المناهج التعليمية في عدد من الدول الغربية واليابان, وقد وصلت إلى تلك الاهمية لما تتصف به من مميزات وامكانيات فاعلة متعددة مثل: الثبات والنقل التصغير والتكبير، الصامت والناطق، الثابت والمتحرك، الملون وغير الملون، المنتج آلياً ويدوياً، التسطيح والتجسيم، الليونة والصلابة، الاعتام والشفافية.
ولكي نفعّل دور الصورة لدينا كوسيلة تربوية هامة لابد من تحقيق ومراعاة الامور التالية:
القناعة التامة فكريا وعلميا بأهمية الصورة في العملية التربوية، والعمل على زيادة مساحة انتشارها في المناهج والبيئات والمناسبات التعليمية.
توفير الاجهزة والأدوات والخامات اللازمة للاستفادة بشكل اكبر من امكانيات وأنواع الصورة حسب الاهداف والاغراض المرجوة منها.
العناية الجيدة بتوظيف الصورة في العملية التربوية، وهذه تتضمن حسن الاعداد والتنفيذ والاخراج من النواحي الفنية كالرسم والتصميم والتلوين وتقنيات الطباعة.
تحري الدقة في اختيار الصورة المناسبة للموضوع التعليمي المراد ايضاحه او شرحه او الاعلام عنه، وبالتالي اختيار الطريقة او الاجهزة او التقنية المساندة لذلك.
ومن وجهة نظر خاصة يرى الفنان التشكيلي الاستاذ عثمان الخزيم أن الشكل ليس الوسيلة التربوية الثالثة بل هو الاولى لانه هو الاساس فاللفظ مثلا يمثل تفسيرا لما هو امام العين والرقم كذلك يمثل عدة اشياء مرئية بالعين ومن هنا فالشكل اولا ثم ينطلق منه اللفظ والرقم.
تفعيل دور الشكل في حياتنا ينطلق من تكثيف وجود الشكل الجميل,, الشكل المنظم,, الشكل الواعي في كافة اوجه حياتنا العامة بدءاً من البيت وعودة اليه.
ويرى رسام الكاريكاتير الاستاذ عبدالرحمن هاجد ان الشكل والصورة هما من الوسائل التربوية المغمورة في العملية التربوية رغم انهما طريقة فعالة في توصيل المعلومات والافكار الى عقل الطالب بطريقة يكتشفها الطالب بدون معلم وبطريقة محببة لنفسه من خلال استمتاعه بمشاهدة الشكل أو الصورة الفنية.
برناج لوحة وطني سيسهم في تحسين ثقافة الطالب
ويؤكد الفنان فهد الربيق رئيس لجنة الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون ان تبني مشروع عبدالله بن عبدالعزيز وأبنائه الطلبة للحاسب الآلي توزيع عدد من الجداريات من لوحات الفنانين السعوديين في مدارس المملكة في مختلف المناطق والمحافظات من خلال برنامج (لوحة وطني) سيكون له فوائد لا تكاد تنحصر حيث يقول:
برنامج لوحة وطني يمثل هاجسا رحبا للثقافة في هذا الوطن,, الوطن الذي يمتد بفكره ورؤيته لحضارة تنمو وتتبلور.
لوحة وطني: هي ذاك الامتداد لمستوى ما وصلت إليه مشروعية الذوق الذي ننشده ونتواكب معه على الدوام وهي: خلق للقيمة الذوقية التي نطمح لايصالها عبر اللوحة والمتلقي الذي هو امتداد للمعلم في مجال التربية الفنية وإيجاد قاعدة لأسلوب متميز في الذوق العام.
إن الرؤية الثاقية لمثل هذه الحقيقة لوحة وطني تمثل واجهة حضارية تكون بداية لامتداد يتواصل ويتطور من حيث الجاهزية لتكون الصورة واضحة حضاريا, إن العين التي ترى,, هي العين التي تتعلم واللوحات الفنية حيث يكون لها امتداد ستخلق للطالب هاجس التعلم وكسب ثقافة واعية ترجع لحس الاختيار الذي يواكب المستوى الذي نتعارف معه.
ولعل من القيمة الذوقية اسهامها في تنمية مثل هذه المهارات لتوالد عطاءات تتزايد في مراحل الطالب, ان هذا المشروع الوطني الذي تبناه سمو ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز,, اشارة لتطلع جديد يخدم التربية الفنية في تنمية الرؤية الذوقية وايجاد الربط العلمي بين الشكل والصورة وتحسين ثقافة الطالب وتحديد موقعه الثقافي وتنمية مهاراته, ان الامنيات تتحقق لتطلع الحركة التشكيلية من واقع المبدأ لإثراء قيمة الوعي للطالب وتنمية مواهبه الذوقية التي سيكون لها انعكاس واضح على مدى المراحل.
ومشروع الجداريات في المدارس هي نقطة البداية لخير قادم سيكون واضحا على مدى الاختلاف في العطاء الذي نشاهده يتوازع وأمنيتي كفنان تشكيلي ان يصل مثل هذا العطاء من الفنانين المبدعين الذين اثروا الحركة التشكيلية.
وأنا أحد الذين يتمنون المساهمة في مثل هذا المشروع الوطني,, وان يكون الاختيار يمتد برؤية ثاقبة لكل عطاء ابداعي نتحرى دوامه فالقصور مشترك في حالات عدم معرفة الفنان التشكيلي اسس التحضير وتواجد الفنانين المعروفين من هذا المنطلق الذي نتحاور معه ونتمنى تواجدنا في حدود مملكته وواقع فرح المشاركة فيه.
وفي نفس السياق يتحدث الدكتور الرصيص ويقول: لدي تعليق بسيط يتضمن الشكر والتقدير لجميع المسؤولين في مشروع عبدالله بن عبدالعزيز وابنائه الطلبة للحاسب الآلي، على تبنيهم تنفيذ عدد من اللوحات الجدارية من اعمال الفنانين السعوديين من خلال برنامج (لوحة وطني) والحديث عن اهمية اللوحة الجدارية في نشر الوعي والتذوق الفني، حديث يطول شرحه، ولكن يمكن ايجاز ما يخص ذلك في العصر الحديث فيما يلي:
1 لم تعد اللوحات الجدارية حبيسة على الجدران والسقف الداخلية للمباني المختلفة بل ظهرت على الواجهات الخارجية لتلك المباني، وانتقلت إلى واجهات اخرى مثل المصانع، والجسور، ومحطات المواصلات، والانفاق وحتى أرصفة الشوارع.
2 تنوعت الخامات والأدوات التي تنفذ بها اللوحات الجدارية لمواجهة عوامل الزمن والمناخ الخارجي والمؤثرات الجانبية الاخرى, وأصبح هناك خامات صلبة وقوية الاحتمال وسهلة التحضير والاعداد مثل: الحجارة بأنواعها ومشتقاتها، والزجاج بأنواعه، البلاطات الخزفية، المعادن والاخشاب بأنواعها، وكذلك الالوان الزيتية.
3 اصبحت اللوحات الجدارية تغطي مساحات اكبر بكثيرمن ذي قبل، وأصبح من المألوف الآن ان نرى لوحة جدارية واحدة تغطي احدى الواجهات لمبنى مكون من عشرة أدوار أو أكثر مثلا.
ويعتقد الاستاذ عثمان الخزيّم أن مشروع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وابنائه الطلبة من خلال لوحة وطني من اهم المشاريع الواعية التي تساعد الطالب في بنية ثقافته الشكلية أو البصرية ويشكر جميع القائمين على هذا المشروع الكبير.
يتبع الأسبوع القادم
|
|
|
|
|