| وطني
مع مطلع القرن العشرين وكما هو معروف طرأت مستجدات ومتغيرات رسمت وجهاً جديداً في خريطة العالم على المستوى الاقتصادي والتنموي، هذه المستجدات افرزتها عدة عوامل لعل من ابرزها موجة الانشطار العلمي التي انبأت بقدوم منعطف مفاجئ في حياة البشرية.
في هذه الفترة ظهرت على السطح بعض المفاهيم التي صدرتها بعض دول العالم المتقدمة تقنيا مثل ثورة المعلومات والتجارة الالكترونية والنشر الالكتروني والحكومة الالكترونية وغيرها مما يعد امتداداً للقفزات التقنية التي تحققها تلك الدول، كما تعد ادوات مساعدة لمفهوم العولمة الذي بدأ يصبح حقيقة ماثلة امام اعين الجميع، الامر الذي فرض على كل دولة من دول العالم اعادة النظر في واقعها التقني حتى لا تحلّق وحدها بعيداً خارج السرب، ولاسيما ان الأمر يتعلق بموضوع غاية في الخطورة وهو المستقبل الاقتصادي، والانعتاق من سطوة الفقر التقني الذي سيكون من اكبر معوقات التبادل التجاري في المستقبل القريب.
ومن هنا اصبح تبني الخيار التقني والأخذ بأسباب التقنية تحديا استراتيجيا لا يمكن التخلي عنه مهما كانت العقبات ومهما كلف الامر لان تجاهله يعد مغامرة لايمكن التنبؤ بمخاطرها المستقبلية على جميع الاصعدة, وقد أثبتت الدراسات ان هذا الانفجار التقني في ثورة المعلومات والاتصالات الذي يشهده العالم سيتحكم مستقبلا في مسار العقل البشري ويغير طرق تفكيره بحيث يستجيب إلى نظم جديدة ومعقدة لن تستوعبها الطرق التقليدية، كما ان هذه النقلة النوعية في تقنية المعلومات ليست كما يعتقدها البعض مجرد وسائل متطورة تخدم نظم غيرها بحيث تؤدي إلى نفس مخرجات الطرق القديمة بشكل اسهل وأوفر، بل هي مؤشر واضح لولادة نظام عقلي جديد من المفروض ألا تصبح كينونته مثاراً للجدل او الصراع او المقاومة كما حدث في القرون القديمة عندما واجه العقل الكتابي مقاومة عنيفة من انصار العقل الشفاهي الذي اثبت فيما بعد عدم ملاءمته لأسلوب المعيشة في هذا العالم المتطور بطبيعته، وهذا ما يدعو إلى القول بأنه ليس ثمة حلول لمواجهة هذا التحدي سوى ردم الهوة الفاصلة بين التقنية وبين بقية مناحي الحياة، وذلك لا يمكن أن يتأتى إلا بوجود بنية تحتية صلبة من العقول التقنية التي تفكر بنظام تقني يتلاءم مع هذا الاسلوب الحياتي الجديد والذي لن يخص دولة دون اخرى بل سيشمل جميع دول العالم في ظل هيمنة العولمة.
ان مشروع عبدالله بن عبدالعزيز وأبنائه الطلبة للحاسب الآلي الذي يسعى إلى استثمار عقول جيل بأكمله من خلال إدخال التقنية الى فصول الدراسة وبناء شبكة معلوماتية تمكن جميع طلبة التعليم العام في هذا الوطن من التعامل مع تقنية المعلومات فيما يخدم الممارسات والانشطة التعليمية وغير التعليمية لهو بحق البداية الفعلية لبناء تلك القاعدة التقنية، وهو بكل تأكيد ما سيضمن لهذا الوطن مواجهة كل هذه التحديات وربما منافسة بقية دول العالم المتقدمة مهما كانت كلفته المادية.
|
|
|
|
|