| وَرّاق الجزيرة
علم التراجم وسير الرجال علم محبوب لدى كثير من طبقات المجتمع، لأنه يحتوي على سير أبطال وأخبار علماء، ووقائع وأحداث، وهذه الأمور في الغالب لا تحتاج إلى عناء في فهمها أو معرفة معانيها، فكتب التراجم ليست كتباً معقدة الألفاظ يحتاج القارئ فيها إلى معرفة بأصول وقواعد، بل هو بعكس ذلك كله، فلهذا كان سائغاً لدى كثير من الناس، وفي الجانب الآخر فإن التأليف في هذا الفن من أصعب الأمور، لأنه علم لا مجال للاجتهاد فيه، بمعنى أن كل كلمة يريد المؤلف كتابتها فلابد أن ينقلها عن مرجع أو يستنبطها من وثيقة أو ما أشبه ذلك، وهذا غير ما في التأليف في هذا الباب من عناء البحث والسؤال والمشافهة في سلسلة من أمور لابد للمؤلف في هذا الباب من المكابدة لها، كيف وقد يجد المؤلف في هذا الفن انه أحياناً هو أول من يتحدث في هذا الموضوع مما يزيد من عنائه ومشقته، وعلى كثرة ما يؤلف من كتب في هذا الباب إلا أنه من القليل جداً ان تقول إن كتاباً يغني عن آخر، فلابد أن تجد في هذا الكتاب ما لن تجده عند غيره من الكتب.
أقول هذا الكلام بعد أن طالعت كتاباً بديعاً من تأليف أخينا الكريم الأستاذ خالد بن زيد بن سعود المانع العقيلي، هذا الكتاب يكفي في التعريف بمضمونه عنوانه الطويل كما سماه مؤلفه وهو: التحقيق في علماء الحلوة وحوطة بني تميم ونعام والحريق ، والكتاب من اسمه يتكلم عن العلماء فقط، وقد حدد المؤلف منطقة معينة لجمع علمائها والحديث عنهم وهي هذه المدن الأربع، وكان في نيته أن يصدر هذه التراجم كلها في مجلد واحد كما ذكر في المقدمة غير أن كثرتها وكي يكون الحديث عن كل عالم واسعاً فقد رأى تقسيم الكتاب حسب هذه المدن العلمية، فأخرج باكورتها وهو كتاب: علماء وقضاة الحلوة ، ولقد حرص المؤلف كما يظهر من عمله على جمع أكبر ما يمكنه الحصول عليه من معلومات عن علماء هذا البلد.
وما يذكر هنا لمؤلف الكتاب، ثم يشكر عليه: هو أنه حرص على توثيق كل معلومة يذكرها في كتابه، فمن النادر جداً أن تجد كلاماً لم يذكر في الهامش مصدره، ومما يذكر لمؤلف الكتاب أيضاً أنه نوع مصادره التي اعتمد عليها فلم يكتف بالمطبوع أو المخطوط بل اعتمد على وثائق أسرية ومشافهات كابد في الحصول عليها، فأتى في كتابه بمعلومات لم يسبق أن جاء بها أحد، هذا تلخيص موجز لجهد المؤلف، أما الكتاب فقد اشتمل على اثنتين وعشرين ترجمة لعلماء وقضاة كان لهم دور في هذه المدينة العلمية، على اختلاف في قدرها وقوة أثرها، إلا أنهم جميعاً سعوا لنشر الوعي بين الناس.
الكتاب يزيد على مائتين وعشرين صفحة من الحجم العادي، بذل المؤلف في اخراجه وتصحيحه جهداً واضحاً، اذ لم يعرض لي خلال قراءتي للكتاب كاملاً خطأ مطبعي، ولله الحمد، وان كنت هنا أحث المؤلف على متابعة البحث عن علماء لهذا البلد لعلهم غابوا عنه وان يكون آخر بحثه هو خروج الكتاب.
ومهما يكن فكل عمل بشري لابد أن يلحقه قصور مهما حرص صاحبه على تكميله، وعلى كل فلكل شخص وجهة نظر تقبل القبول والرد.
أثناء قراءتي لهذا الكتاب ظهر لي بعض المواضع التي أرغب من المؤلف أن يعيد النظر فيها خصوصاً ان هذا الكتاب سيلحقه أجزاء أخرى، وهذه المواضع ليست بالكثيرة التي تخل بالكتاب وانما هي أشياء يسيرة، ويهمني هنا ثلاثة أمور:
الأول: أن المؤلف وفقه الله لم يكتب في مقدمة كتابه نبذة ولو مختصرة عن الحلوة وموقعها وما يتبعها من قرى ونحو ذلك، وهذا أمر مهم جداً لأن القليل من الناس هم الذين يعرفون الحلوة وأين تقع، وأيضاً فإن الأمر جار عند من يؤلف في تراجم علماء بلد معين ان يكتب في بداية الكتاب نبذة عن هذا البلد، ولما لم يكتب المؤلف هذه النبذة عن الحلوة فقد اشتمل الكتاب عن أسماء مواقع لم يعرف بها المؤلف، وسيرد أمثلة لهذا الكلام بعد قليل.
الثاني: تجوز المؤلف في اطلاق بعض الألقاب العلمية على بعض من ذكر في الكتاب، ومن أمثلة ذلك: الشيخ: حمد بن فارس سماه المؤلف في عدة مواضع: رئيس بيت المال كما في ص 64 و 70، ثم في ص 81 سماه: مأمور بيت المال، فهل التسمية واحدة أم تختلف.
ومن أمثلة ذلك أيضاً: تسميته للشيخ سعد بن حمد بن عتيق بمفتي نجد كما في ص 50 70، وسمي الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ بنفس التسمية فقال عنه انه مفتي نجد في زمانه، مع أنهما عاشا في زمن واحد واستقرا آخر أمرهما في الرياض، فما من شك ان احدى التسميتين خاطئة.
الثالث: ان المؤلف لم يبين دور بعض العلماء في بلد الحلوة، بل ان بعضهم لم يرد في تضاعيف ترجمته ذكر لبلدة الحلوة، ومن أمثلة ذلك: الشيخ رشيد السردي، لم يبين المؤلف علاقته ببلده الحلوة سوى أن له فيها بيتا، مع أنه في نفس الوقت كان قاضياً في الحريق.
ومن أمثلة ذلك: الشيخ عبدالله بن حمد بن عتيق لم يرد ذكر لبلدة الحلوة في ترجمته، وانما ورد انه كان قاضياً للقويع، فهل للقويع علاقة بالحلوة؟ لم يبين المؤلف هذا الأمر، وكان يكفيه لو كتب تلك النبذة التي اسلفنا عن بلدة الحلوة.
ومن أمثلة ذلك: الشيخ سعد بن عبدالمحسن بن باز لم يورد المؤلف علاقته بالحلوة.
هذه بعض الملاحظات الرئيسية، ومما ينبغي ان يعيد النظر فيه ما يلي:
ص 14: ورد ذكر لبلدة العمار والروضة، وورد اسماء لغيرها من البلاد، ولم يعرف بها المؤلف.
ص 19: س 9: قال: ومنهم إلى الآن علماء وقضاة ودعاة، أظن ان صواب العبارة ما يلي: ومن ذريتهم إلى الآن علماء وقضاة ودعاة، وهذا هو المفهوم من كلام ابن بسام في علماء نجد، وما أظن أن أحداً من أبناء الشيخ حمد بن عتيق حي إلى الآن وانما الموجود اليوم أحفاده.
ص 25، س 6، قال المؤلف: فلما قدم الشيخ عبدالرحمن بن حسن علامة نجد في زمانه من منفاه في مصر عام 1241ه، انتقل الشيخ ناصر إليها,, الخ، في هذا الكلام سقط واضح، فلم يبين اسم البلد الذي قدم إليه الشيخ عبدالرحمن.
ص 49: في ترجمة الشيخ محمد بن إبراهيم بن قريش قال: وهو أحد طلبة الشيخ عبدالملك بن حسين آل الشيخ المشهورين بنسخ الكتب العلمية,, الخ، يظهر لي من سياق هذا الكلام وما بعده ان في الكلام سقطاً، فإن المشهورين بنسخ الكتب هم عائلة المترجم له، والله أعلم.
في ترجمة الشيخ: سعد بن باز، وكذلك في ترجمة الشيخ سعد بن محمد بن عتيق لم يبين هل توفيا أم لا يزالا على قيد الحياة.
ومما يذكر هنا وهو مما يستطرف ان المؤلف كتب رجاء في آخر كتابه لمن يجد ملاحظة أو تنبيها أن يرسله إليه في عنوانه البريدي ولكنه لم يذكر اسم المدينة التي فيها عنوانه، ولهذا لم أجد بدا من اخراجها في هذا المكان.
أسأل الله للمؤلف دوام التوفيق في جميع أعماله.
|
|
|
|
|