| عزيزتـي الجزيرة
إن المطلع على تاريخ شبه الجزيرة العربية في القرن الثالث عشر، ومطلع القرن الرابع عشر الهجريين يجد أنها كانت تموج بالفتن والقلاقل، وتسودها الفرقة والتشرذم، ويعمها ظلام الجهل والتخلف، وانعدام الأمن، وشيوع الفوضى بحيث يأكل القوي الضعيف، وكل ذلك مدون في كتب التاريخ.
ولما أراد الله تعالى بالجزيرة العربية خيراً، قيض لها أحد رجالات التاريخ المصلحين، هو الإمام المجاهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه فوفقه الله، وأعانه على ازالة الفتن والقلاقل، فوحد أشتات الأمة، ولمَّ شملها، وأشاع فيها روح العدل والمساواة، فعم في أرجائها الأمن والطمأنينة، وأشاع في ربوعها نور العلم والتقدم والحضارة، وذلك من خلال إرساء قواعد هذه الدولة المباركة على هدي من شرع الله تعالى المستمد من كتاب الله، وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذه القواعد المتينة التي أرساها الملك المؤسس، بنى أنجاله وأبناؤه البررة من بعده، فبدءوا من حيث انتهى، وشيدوا على ما أسس، فغدا البنيان يرتفع، ويعلو ليعانق السحاب، ويبلغ عنان السماء، حتى آل الأمر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، فشهدت المملكة في عهده الزاهر نهضة حضارية عظيمة، وتقدماً في خطى سريعة متتالية، لكنها خطى راسخة ثابتة لم تشهدها من قبل في جميع مناحي الحياة في الداخل، وعلى الصعيد الإقليمي والعربي، والإسلامي، والعالمي، فارتفعت منارة العلم، وشيدت لذلك المدارس والمعاهد، والكليات، وأرقى الجامعات، وشهدت البلاد جميعاً تقدماً عمرانياً، واجتماعياً، وصحياً، وأمنياً، فارتفع المستوى المعيشي للمواطن السعودي حتى أصبح من أرقى المستويات المعيشية العالمية ولله الحمد, وعلى الصعيد الخارجي أصبحت المملكة قائدة التضامن العربي، ورائدة العمل الإسلامي، ومحط أنظار المسلمين، وموضع آمالهم وطموحاتهم، ورعاية شؤون المسلمين أينما كانوا,وما توسعة الحرمين الشريفين، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وانشاء المراكز الإسلامية، والمعاهد، والمساجد في جميع أنحاء العالم إلا شواهد على ذلك.
أما على الصعيد العالمي، فقد صارت المملكة ذات وزن دولي عظيم، يؤخذ رأيها في الاعتبار، وتستشار في جميع المحافل الدولية، مما جعل المواطن السعودي يلقى التقدير، والاحترام في جميع بلدان العالم.
وهذا الذي ذكرته على سبيل الاجمال والاختصار يحتاج تفصيله إلى مؤلفات ومجلدات، لكن كما قيل: (ما لا يدرك كله لا يترك بعضه).
وهذه الكلمات والإشارات انما هي لمحات اعتملت في قلبي، فسطرها قلمي، بهذه المناسبة الغالية على نفوس كل المواطنين، أعني بذلك مناسبة ذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في هذا البلد المعطاء، بلد الحرمين الشريفين، ومقدسات المسلمين، ومهبط الوحي، ومهد الرسالة، المملكة العربية السعودية، لأن هذه الذكرى المجيدة تجعلنا نستحضر ونعايش تلك الجهود العظيمة، والتضحيات الجليلة التي قدمها هذا القائد العظيم في سبيل رفعة دينه، وخدمة أمته ووطنه، فجزاه الله عن الوطن والإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأمده بعونه وتوفيقه ومتعه بالصحة والسلامة والعافية، ووفق عضده الأيمن وساعده الأكبر ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وصاحب السمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهم الله ورعاهم، وأدام على هذه البلاد المباركة نعمة الأمن والطمأنينة، والتمسك بالإسلام، انه سميع مجيب.
سعود بن عبدالله بن طالب وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد للشؤون الإدارية والفنية
|
|
|
|
|