|
| محليــات
كلاوس: رجل الماني إداري جاورني في كرسي على طائرة قادمة للمملكة قال انه يتردد على المملكة في مهمات تجارية, حاولت أدردش معه لتنشيط المانيتي البائسة, وأثناء حديثنا حول نمو المدن السعودية فاجئني بالقول: مدنكم لا تلبي التمدن ولولا مسحة من حلم وأدب كنت لطمته على وجهه، ويبدو ان الرجل استشعر غضبي فقال: أنتم العرب تستشيطون غضبا فتحسبون أن من نقدكم أهانكم، ولما أني شعرت بصدق حسه قلت له: هات ما عندك حول مدننا,, ألم يعجبك هذه الشوارع الفسيحة والمباني الأنيقة والانوار المشعة والأشجار المهفهفة؟!
قال لا تقل هذا فجميع هذه الأمور تعتبر قواسم مشتركة بين المدن المتقدمة في جميع مدن العالم، وليس عسيراً على المال ان يصنع مثل هذه,, فأنتم تنفقون على البناء ولكنكم ما زلتم متأثرين باعرابيتكم,, قلت ماذا تقصد باعرابيتنا قال: انظر تحتك من الطائرة وكنا نحلق فوق مدينة الرياض ألا ترى المساكن تنتثر هنا وهناك كما تنتثر بيوت البدو في الصحراء! قلت فما المشكلة؟! قال: لا تلتئم الأحياء السكنية وتتقارب المساكن وتتعدد الادوار رأسياً لهذه المباني حتى يسهل إيصال الخدمات من كهرباء وماء ومجار وتقل تكلفتها على الدولة ومن ثم تخف حركة السيارات في المدن وتقل إشارات المرور وغير ذلك,.
ثم استطرد قائلاً: انظر تحتك كم من الأموال تحتاجها هذه الأحياء السكنية والمساكن المترامية حتى تصل اليها هذه الخدمات,, إني لا أرى سوى عدد يسير جداً من المباني الكثيرة الأدوار وحتى هذه المباني لا يتوفر لها المواقف الكافية فقد توجهت مرة لزيارة مقر شركة مكتبها يقع في عمارة كبيرة وبحثت عن موقف لسيارتي ففوجئت بأن سرداب السيارات قد استخدم مستودعا للبضائع فاضطررت إلى الحضور المرة الأخرى بتاكسي,.
قلت له: يبدو أنه ليس من المتيسر التوسع في الادوار فقد برر احد كبار المسؤولين في البلديات بأنه لا يمكن التوسع رأسياً في المباني القائمة بحجة أن المرافق الموصلة من كهرباء وماء ومجار وغيرها لا تستوعب,, قال: لهم تبرير ما يريدون ولكنني لا أفهم ذلك لأنه ليس ثمة مستحيل، فالمرافق الخدمية عادة تتكيف مع كل تجديد وتغيير,.
قلت له خَلُصنا من نثر المساكن فما هي الأوجه الأخرى غير الملبية للتمدن؟! قال السكان عادة عندما ينخرطون في المدينة ينشأ لديهم وعي صحي والمدن الحديثة في البلاد المتقدمة راعت التحولات في اتجاهات واختيارات وأذواق السكان فأوجدت بلدياتها مضامير للمشي وحدائق خضراء في كل حي,, إلا اني أينما ذهبت في كبريات مدنكم لأسكن في الفندق عندما أنزل في العشية لأزاول رياضة المشي كعادتي في بلادي إما على مضمار مخصص للمشي أو داخل حديقة مهيأة، أعود فوراً لغرفتي عندما يقال لي لا يوجد مثل هذا في هذه المدينة,.
عزيزي القارئ أصدقك القول بأن الرجل أحرجني وقوله ذكرني ما حدث لي قبل عشرين عاماً في حي الريان في مدينة الرياض عندما اخترت شراء أرض ميزتها انها تطل على موقع حديقة كبيرة للبلدية مما رفع سعرها ومما جعلني أقبل بهذا السعر لتلك الميزة,, وعندما بدأت التعمير فيها كنت أترقب في كل يوم أن يبدأ إعداد ارض الحديقة بالاشجار والخضار,, وذات يوم من أيام الانتظار فوجئت بالعمال يضعون ركائز اسمنت في وسطها, وبعد أيام علمت بأن البلدية طبقت عليها ما يسمى منحاً,, فقلت الله المستعان,,,.
|
|
|
|
|
