| الاقتصادية
دوّت صافرات سيارات الاطفاء بالقرب من مقر عملي وفيما انتاب زملائي بعض القلق وراحوا يكتشفون ما يحدث تذكرت أن جاري قد أخبرني البارحة أن الدفاع المدني سيتدرب على حريق وهمي في تلك المنطقة.
هؤلاء الرجال المجتهدون الذين يقومون بعمل انساني مأجور في الدنيا والآخرة بحاجة الى تدريب مستمر وامكانات هائلة وحوافز متعددة كي يقدموا أداء عاليا ويمسحوا الصورة السلبية التي يرددها الناس عنهم والتي تصل أحيانا الى النكتة كالقول بأنهم سألوا جيران بيت يحترق,, هل عندكم سلم؟
لكن الأمر لا يخلو من بعض الحقائق المؤلمة فقد روى لي أحد الزملاء، وقد فقد اثنين من أبناء أخته على إثر حريق شب في الشقة كيف أن رجال الإطفاء وصلوا متأخرين ولم يكن معهم ما يكسرون به الباب المغلق ولا النوافذ المحاطة بالقضبان بل لم يكن معهم الواقي من النار والدخان وأن الجيران هم الذين انتشلوا جثة الولدين وانقذوا البقية.
كيف يحدث هذا وأين؟
في الرياض العاصمة!!.
إن أهل الشر الحرامية قد تطوروا فأصبحوا مدربين ولديهم قاطع كهربائي لا صوت له يقطعون به الحديد والخشب والزجاج، فلم تعد تعيقهم أبواب وقضبان وأقفال في حين لا يزال أهل الخير رجال الأطفاء ينقصهم التدريب وتعوزهم الامكانات.
فالحكايات المأساوية التي تؤكد ذلك متعددة وهي مضحكة مبكية تدور كلها حول محاولة انقاذ متأخر الوقت بدائي الأسلوب مات أصحابها وعيونهم جاحظة تنتظر الفرج وتطلب النجدة ورجال الإطفاء على بعد خطوات لا حول لهم ولا قوة تخذلهم خبرتهم وتهزمهم امكاناتهم.
لقد كنا نعتقد أن تلك الطائرة التي احترقت وهي جاثمة في المطار وتفحم داخلها أكثر من ثلاثمائة انسان سوف توقظنا عن سباتنا وتخرجنا من لا مبالاتنا فنبدأ من ذلك الوقت المبكر رحلة المحافظة على حياة الناس، والحرص عليها والاهتمام بها ولكن للأسف ما زلنا نراوح مكاننا نتفرج على الانسان، وهو يحترق أو يختنق أو يغرق، فالدفاع المدني ورغم كل ما نطالعه من تصريحات ما زال وحتى هذه اللحظة دون المستوى الذي يليق بسمعة الوطن وصيته وطن القدرات والامكانات وطن الرجال والأبطال وطن النخوة والشهامة وطن التضحية والفداء.
ما الذي ينقصنا لكي نصل في هذا المجال الانساني الى مستوى الدول المتطورة المتحضرة مجال الانقاذ العاجل لأناس يواجهون الخطر وهم في غفلة من أمرهم؟
لا ينقصنا المال ولا الرجال وانما تسخير المال والرجال لهذا العمل الانساني النبيل.
ينقصنا التدريب والامكانات والحوافز.
|
|
|
|
|