| الاقتصادية
* الرياض عبدالله الرفيدي فهد الشملاني عبدالعزيز القراري احمد الأحمري
عقدت وكالة الطاقة الدولية أمس أولى جلسات المنتدى الدولي السابع للطاقة برئاسة جنوب افريقيا بمشاركة متحدثين من فرنسا وإيران والامارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بورقة عمل حول الآفاق العالمية للطاقة وتعتبر الورقة تحديثاً لنسخة 1998م وتتحدث الورقة عن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود لتوليد الطاقة مع توقع بعدم استطاعة بعض من الدول تحقيق المستويات المطلوبة بموجب بروتوكول كيوتو مع التشديد على أن يكون هناك سياسات اجرائية هامة لتحقيق هذه المستويات اضافة الى ذلك توقعت الورقة المقدمة انخفاض استهلاك الزيت بالنسبة للاستهلاك المنزلي والتجاري وتوقعت كذلك ان ترتفع مساهمات الاقتصاديات المتحولة في العرض النفطي ومن ضمنها الانتاج من بحر قزوين وكذلك توقعت ان ينمو الانتاج في الدول غير الأعضاء في اوبك بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من المدة المتوقعة وسيساهم ذلك في رفع المعدلات, كما توقعت الورقة ان معدل الطلب على النفط للفرد الواحد سوف يتغير دراماتيكياً على مدى العقدين القادمين رغم تسارع وتيرة الطلب في بعض الدول إلا انه من غير المرجح ان تبلغ الدول من دول منظمة التنمية الأوروبية ما بلغته هذه الدول قبل عام 2020م.
وتوقعت الورقة ان يبقى النفط الوقود المهم الوحيد في الطلب العالمي على الطاقة وإن استمر تناقص الطلب العالمي على الطاقة بعد ذلك, صرح المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية روبرت بريدل ان انواع الوقود المستخرجة من الارض ستواصل الاحتفاظ بدورها مصادر رئيسية للطاقة في المستقبل وان النفط سيواصل دوره القوي بوصفه وقودا للنقل.
وواصل بريدل في مؤتمر صحفي على هامش المنتدى الدولي السابع للطاقة المقام حاليا في الرياض توقعاته قائلا ان التجارة النفطية الدولية ستحقق مزيدا من التوسع.
وأشار المسؤول الدولي الى ان الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في اوروبا والدول غير الاعضاء فيها سيتعين عليها ان تتخذ اجراءات مشددة لتغيير الاتجاهات المتعلقة بالطلب على الطاقة وتحقيق الأهداف البينية الطموحة التي الزمت بعض الدول نفسها بها.
وقال ان وكالة الطاقة الدولية ستنشر في الاسبوع القادم في لاهاي اثناء الاجتماع السادس لمؤتمر أطراف الاتفاقية الخاصة بالتغير المناخي سي او بي 6 احدث اصدار من نشرتها التي تحمل عنوان المؤشرات المستقبلية للطاقة العالمية .
واشار الى ان النشرة تحتوي على توقعات تفصيلية خاصة بالطاقة حتى عام 2020م.
وقد ألقى معالي وزير النفط والثروة المعدنية بدولة الإمارات المتحدة كلمة حول الآفاق العالمية للطاقة حيث قال إن هناك اجماعا من خبراء الطاقة على ما ورد من آراء في الورقتين اللتين أعدتا من قبل الأمانة العامة لمنظمة الأقطار المصدرة للبترول أوبك والثانية من قبل الوكالة الدولية للطاقة واشتملتا على ما يلي:
* يبقى النفط الوقود الوحيد المفضل لتلبية حاجات الطلب العالمي وبالأخص في مجال قطاع النقل مع تزايد متسارع في تجارته العالمية.
* تصاعد درجة الاعتماد على النفط المستورد من قبل مناطق الاستهلاك الرئيسية العالمية.
* إن الصعوبة في تحديد مقدار النمو في الطلب العالمي المستقبلي على النفط تشكل قلقا لدى الدول المنتجة.
* إن الوفرة الحالية في الاحتياطات النفطية سوف تفي بمستلزمات الطلب عليه في المستقبل، غير أن تحويل هذه الاحتياطيات إلى العملية الإنتاجية سيتطلب استثمارات كبيرة ومستديمة في الطاقة الإنتاجية.
* إن الإنتاج من خارج منظمة الأوبك سوف يستمر بالنمو ليبلغ أقصاه عام 2010م قبل أن تبدأ عملية انحدار طبيعي بعد ذلك.
* إنه لأجل تلبية حاجات النمو المتزايد في الطلب العالمي على النفط، فإن إنتاج منظمة الأوبك وبالأخص منطقة الشرق الأوسط سيشهد نمواً مستمراً حتى عام 2010 يليه نمو أكثر تسارعاً لأجل تعويض شحة الإنتاج من مناطق خارج المنظمة.
* إن تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ، وكما وردت في بروتوكول كيوتو، لها آثارها الضارة في عملية ضمان واستمرار النمو في الطلب على النفط، وكما أنها ستؤثر بشكل سلبي على النمو المتسقبلي في الطلب على النفط وعلى مدخولات الدول المنتجة.
وأضاف في كلمته: إن دولة الإمارات العربية المتحدة، كدولة منتجة للبترول وكعضو في منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك)، تشارك القلق الذي يساور الدول المنتجة وكذلك الدول المستهلكة بما يخص عملية استقرار أسواق النفط العالمية حالياً ومستقبلاً.
وبهذا الخصوص أود أن أشير إلى أن توجيهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ورئيس المجلس الأعلى للبترول قد أكدت وبشكل مستمر على ضرورة تنسيق المواقف بين المنتجين من جهة وبينهم وبين المستهلكين من جهة أخرى خدمة للمصلحة العامة ولتحقيق أسعار عادلة ومستقرة للنفط، مقبولة للطرفين، والاستمرار في توفير الإمدادات في الأسواق العالمية.
وحول هذه الأمور، أود وبشكل مختصر أن ألقي الضوء على تطورات السوق النفطية العالمية في الماضي القريب والوقت الحاضر، إضافة إلى المستقبل في المدى المتوسط والبعيد.
وعن أداء السوق الحالي قال: إن السوق النفطية شهدت في الماضي القريب وتشهد في الوقت الحاضر تطورات غير طبيعية, فخلال الفترة منذ نهاية عام 1998م وبداية عام 1999م انهارت أسعار النفط إلى مستويات تقل عن (10) دولارات للبرميل ولكنها عاودت الارتفاع في نهاية العام الماضي وهذا العام لتصل إلى مستوى يزيد على (30) دولاراً للبرميل, ونتيجة لذلك ولأجل الحفاظ على استقرار السوق، اتخذت الدول الأعضاء في منظمة الأوبك قرارات بزيادة الحفاظ على استقرار السوق، اتخذت الدول الأعضاء في منظمة الأوبك قرارات بزيادة الإنتاج أربعة مرات متتالية خلال هذا العام ليصل مجموع الزيادة في الإنتاج خلال هذا العام إلى ما يعادل (3,7) ملايين برميل في اليوم، إضافة إلى الزيادة التي قامت بها الدول من خارج منظمة الأوبك، ولكن رغم كل ذلك ما زالت الأسعار فوق مستوى ال (30) دولاراً.
واضاف: هناك عدة تساؤلات تطرح هنا: هل هناك نقص حقيقي في إمدادات النفط الخام في الأسواق العالمية وخصوصاً بعد الزيادات المتتالية المشار إليها أعلاه؟ وهل أن تقديراتنا لأساسيات السوق، كمستوى المخزون النفطي والمعروض منه والطلب العالمي عليه تتسم بالدقة ودرجة الاعتماد؟ وهل من الجائز بأن السوق النفطية تسيّرها عوامل أخرى ليست ذات علاقة بتلك الأمور؟.
فيما يلي سوف أحاول وبإيجاز إلقاء الضوء على التساؤلات أعلاه.
أولا: اعتماداً على ميزاني العرض والطلب العالمي على النفط اللذين تم تحضيرهما من قبل كل من الأمانة العامة لمنظمة الأوبك والوكالة الدولية للطاقة في تقريريهما في الشهرين الأخيرين نلاحظ بأن كلا الميزانين يتفقان بأنه في نهاية العام الحالي سيكون هناك تراكم في المخزون النفطي العالمي يقدر بحدود (1) مليون برميل في اليوم، وهذا يعتبر فائضاً عن حاجة السوق الفعلية، مقارنة بمعدلات سحب من المخزون النفطي العالمي تقدر ب (0,7) إلى (1,0) مليون برميل في اليوم خلال العام الماضي (المرفقان 1 و 2).
لذا يتضح واعتماداً على أساسيات ميزاني العرض والطلب المشار إليهما أعلاه بأنه ليست هناك شحة في توفير الإمدادات من النفط الخام وهي ليست السبب الرئيسي وراء اضطراب أسواق النفط.
ثانياً: تبقى هناك إمكانية قائمة وهي أن تقديراتنا للطلب العالمي على النفط قد تكون أقل مما هو حاصل فعلاً وان تقديراتنا للإنتاج من خارج منظمة الأوبك قد تكون مبالغ فيها بعض الشيء، وللإجابة على مثل هذه التساؤلات اترك هذه الأمور إلى المختصين في الجهتين المذكورتين.
ثالثاً: من الحقائق المعروفة لدينا أن الأسواق بشكل عام وأسواق النفط بشكل خاص تتأثر بعوامل أخرى تتعلق بالحالة النفسية للسوق، كعدم انتظام الإمدادات أو عدم استقرار الأوضاع الأمنية في بعض المناطق أو بسبب النزاعات والمشاكل بين الدول أو الاضطرابات الداخلية فيها، كما أن للإشاعات والمضاربات وغيرها دورها البارز في ذلك.
إن الارتفاع في اسعار النفط خلال العام الحالي لا يمكن تفسيره وحصره بالمتغيرات التي طرأت على عناصر ميزان العرض والطلب فقط وإنما لأسباب أخرى منها نقص في إمدادات المشتقات النفطية بسبب وجود مشاكل تقنية في قطاع المصافي والمضاربات في أسواق النفط الآجلية وفرض شروط جديدة مشددة على مواصفات بعض المشتقات البترولية، وكذلك الضرائب المتزايدة التي تفرضها حكومات الدول المستهلكة على المشتقات البترولية كما أن تفجير الأوضاع الأمنية في فلسطين المحتلة مؤخراً والناتج عن الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين العزل قد أشاع موجة من الاضطرابات في الأسواق العالمية بشكل عام والنفطية بشكل خاص مما أدى إلى الارتفاع الحالي الذي سجلته أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.
أداء السوق المستقبلي:
الآراء التي طرحتها الورقتان وكذلك آراء المختصين الآخرين في شؤون الطاقةتتفق بشكل عام وحسب سيناريو العمل بالمعتاد بأن الطلب العالمي على النفط سوف يستمر بالنمو وبمعدل سنوي يقدر ب (1,5) مليون بريمل في اليوم ليصل إلى مستوى (91) مليون برميل في اليوم بحلول عام 2010 م إلى مستوى (103) ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2020م بحسب تقديرات منظمة الأوبك، مقارنة بمستواه الحالي والذي يقدر بحدود (76) مليون برميل في اليوم, وعلى ضوء ذلك يقع على عاتق أعضاء منظمة الأوبك تهيئة ما يعادل (1) مليون برميل في اليوم سنوياً من الإمدادات الإضافية خلال الفترة 2000 2010 م ثم يرتفع ذلك إلى (1,4) مليون برميل في اليوم سنوياً خلال الفترة التي تليها 2010 2020م لتغطية النمو في الطلب العالمي على النفط, إن ذلك يعني بأن إنتاج منظمة الأوبك عليه أن يزداد من مستواه الحالي البالغ ما يقارب (30,5) مليون برميل يومياً (متضمناً إنتاج المكثفات) إلى مستوى ال (41) مليون برميل في اليوم بحلول عام 2010م و (55) مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020م, وعليه فإن حصة دول أوبك في السوق ستزداد من (40%) في الوقت الحاضر إلى مستوى (45%) ثم (53%) خلال الفترتين المذكورتين أعلاه (المرفق 39).
إن الأرقام أعلاه توضح بشكل لا يقبل الشك بأن الدول الأعضاء في منظمة الأوبك تقع على عاتقها في المستقبل مسؤوليات إضافية كبيرة لأجل تلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة من النفط.
ولأجل تلبية هذه الاحتياجات فإننا كدول منتجة نحتاج وقبل توظيف استثماراتنا في مشاريع زيادة طاقة الإنتاج إلى ضمانات للمستقبل منها شفافية أكبر وتطمينات أكثر حول مقدار النمو في الطلب العالمي المستقبلي على النفط.
فضمان عملية الطلب على النفط لها نفس الأهمية بالنسبة لنا كأهمية عملية ضمان الإمدادات النفطية التي تنشدها باستمرار الدول المستهلكة, فالشيء الذي لا نرغبه في المستقبل هو ان نرى حالة عدم توفر الطلب الكافي على النفط، بعد أن تم إنفاق رؤوس أموال كبيرة في مشاريعنا النفطية لزيادة طاقة الإنتاج.
التحديات المستقبلية:
ضمن التحديات المستقبلية الرئيسية التي ستواجه الطلب العالمي على النفط في المستقبل، أود أن أشير إلى نقطتين هما:
* التغير المناخي وآثاره.
* الضرائب المرتفعة على المشتقات البترولية في الدول المستهلكة.
فموضوع تغير المناخ وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أصبح يشغل في السنوات الأخيرة بال الكثير من صناع القرار وفي أنحاء مختلفة من العالم والذي أدى في نهاية المطاف إلى إبرام اتفاقية كيوتو والتي تطالب الأطراف في المرفق (1) إلى تخفيض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بمقدار 5% بحلول عام 2008 2012 مقارنة بمستوى عام 1990م.
إن ترجمة ذلك بلغة الأرقام يعني أن تحقيق اتفاقية كيوتو من خلال فرض الضرائب سوف يؤدي إلى تخفيضات في النمو المستقبلي للطلب العالمي على النفط بمقدار (7) مليون برميل في اليوم بحلول عام 2010 حسب تقديرات الأمانة العامة لمنظمة الأوبك، وإن الإيرادات المتراكمة لدول أوبك سوف تنخفض بمقدار (300) مليار دولار خلال هذه الفترة.
أما بخصوص الضرائب المفروضة على المشتقات البترولية، فتشير المعلومات المتوفرة ودون أدنى شك بأن غالبية حكومات الدول المستهلكة الرئيسية قد فرضت ضرائب عالية على المشتقات البترولية بهدف جباية إيرادات مالية لتخفيض العجز الحاصر في موازناتها السنوية, فمثلاً، في دول الاتحاد الأوروبي، وصل معدل الضرائب على البنزين في عام 1999م إلى مستوى ال (68%) من مجموع سعر برميل النفط الخام المصفى، في حين أن حصة الدول المصدرة لم تتجاوز ال (16%) وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن الصورة ليست مختلفة كثيراً, فمعدل الضرائب على البنزين وصل إلى ما يعادل (48%) مقارنة ب (22%) فقط حصة الدول المصدرة، أما دول مجموعة السبع فإن معدل الضرائب فيها قد وصل إلى مستوى (49%) مقارنة ب (25%) فقط حصة الدول المصدرة للبترول (المرفق 4).
إن الدول المنتجة تبدي قلقها تجاه هذا المستوى المرتفع من الضرائب والذي فرضته الدول المستهلكة لما لذلك من أثر سلبي على النمو في الطلب العالمي على النفط ولكونه يشكل أعباء إضافية على المستهلكين النهائيين في تلك الدول لدفعهم مبالغ إضافية على شراء مشتقاتهم البترولية, كما أن الدول المنتجة تدعو إلى تجنب أي عمل تميزي تقوم به الدول المستهلكة ضد النفط والمشتقات البترولية مقارنة بأنواع الوقود الأخرى, لذا فإننا ندعو إلى إعادة النظر بنظام الضرائب في الدول المستهلكة وإعادة هيكلة تلك الضرائب حسب محتويات الكربون في كل وقود.
|
|
|
|
|