| الاقتصادية
نشرت صحيفة الوطن في عددها الصادر يوم السبت 17/7/1421ه الموافق 14/10/2000م خبرا مفاده قيام مؤسسة النقد بتحذير البنوك في المملكة من الاستمرار في رفضها استقبال المواطنين الراغبين في تسديد كافة فواتير الخدمات في تلك البنوك، حيث إن بعض البنوك لا تتردد في رفض استقبال المواطنين الراغبين في تسديد فواتيرهم طالما انه لا يوجد لهم حساب في ذلك البنك، كما تقوم بعض البنوك وبتجرد من مبدأ رد الجميل لهذا الوطن وأهله بتخصيص نوافذ خاصة للمواطنين من غير عملاء البنك ولكن هذه النوافذ تخلو من وجود اي موظف مما يطيل فترة انتظار المواطن الراغب في سداد فاتورته لفترة تتجاوز الساعة.
وعلى الرغم من ذلك التحذير لمؤسسة النقد، إلا أن بعض البنوك لا تزال وبلا أدنى مبالاة بتعليمات مؤسسة النقد تستمر في هذا الرفض غير المبرر، وإذا كان هناك من جهة يمكن أن نحمّلها المسؤولية في ما يتعرض له المواطنون الراغبون في سداد فواتيرهم من معاملة غير حضارية من قبل البنوك من خلال رفض هؤلاء المواطنين أو تعطيلهم، فهي مؤسسة النقد، أما لماذا فلأن المؤسسة هي صاحبة النفوذ على تلك البنوك, فعلى الرغم من تلقي المؤسسة الكثير من شكاوى المواطنين بشأن المعاناة التي يواجهونها من تلك البنوك، وعلى الرغم من أن تقصير البنوك تجاه المواطنين في هذا الخصوص واضح للعيان في الكثير من الفروع البنكية.
إلا أن المؤسسة لم تحرك ساكناً في هذا الخصوص ويكفي أن نعلم أن آخر تعميم لمؤسسة النقد تم توجيهه للبنوك في هذا الشأن قد صدر في 22/2/1415ه (جريدة الوطن 17/7/1421ه) فكيف نتوقع من البنوك ان تنصاع لتعليمات مؤسسة النقد طالما ان آخر تعميم للمؤسسة في هذا الخصوص كان قبل اكثر من ست سنوات؟ وكيف نتوقع من البنوك أن تنصاع لتعليمات المؤسسة طالما ان المؤسسة لم تحرك ساكنا ولم تقرر عقوبات على البنوك التي لا تتقيد بتلك التعليمات؟ ألا يعلم الإخوة في مؤسسة النقد بأن الأنظمة واللوائح والتعليمات لا قيمة لها طالما أنه لا يوجد عقوبات رادعة تطبق على كل من لا يتقيد بتلك الأنظمة والتعليمات, وكيف نتوقع من البنوك أن تنصاع لتعليمات المؤسسة في هذا الخصوص طالما أن المؤسسة تتعامل مع هذا الموضوع بشيء من الحساسية والتردد؟ ويكفي للتدليل على ذلك أن نشير الى أن تصريح مؤسسة النقد التحذيري للبنوك لصحيفة الوطن في هذا الخصوص قد تم نسبه الى أحد مسؤولي المؤسسة الذي طلب عدم الكشف عن اسمه, ألا يدرك الإخوة المسؤولين في مؤسسة النقد بأن تساهل المؤسسة مع البنوك في هذا الشأن لا تقتصر آثاره السلبية على المواطنين فحسب وإنما يتجاوز ذلك الى الإضرار بالموارد المالية لخزينة الدولة.
أما بالنسبة للبنوك ومدى تقصيرهم في حق الوطن والمواطن من خلال رفضهم لاستقبال المواطنين الراغبين في سداد فواتيرهم فإنني أتوجه باللوم هنا الى كافة مجالس الادارات البنكية لصمتها غير المبرر في هذا الخصوص، فتلك الادارات لا يهمها في المقام الأول والأخير سوى مصالحها الخاصة وتفعيل جانب الربحية التي يدر عليها دون أن يكون هناك اعتبارات وطنية تجاه هذا البلد وأهله والتي لا بد ان تؤخذ في الاعتبار, وحتى لو ادى قيام البنوك بتلك الاعتبارات الوطنية والتي قد تكلفها بعض الإنفاق المالي فإن ذلك الانفاق لا يوازي نقطة في بحر مما يقدمه هذا الوطن وأهله لتلك البنوك، فالجميع يدرك أن الدولة لا تفرض ضرائب باهظة على البنوك في المملكة على غرار ما هو معمول به في مختلف دول العالم، والجميع يدرك أن الشريحة العظمى من المواطنين السعوديين لا يضعون أموالهم كودائع ذات فائدة وإنما يتم إيداعها في حسابات بنكية جارية مما يعني انفراد البنوك بكافة الفوائد والعوائد المالية التي يتم تحصيلها من أموال المواطنين.
فإذا كانت البنوك لدينا وإزاء تلك التسهيلات المقدمة لها من الدولة والمواطنين تجرد نفسها من رد الجميل لهذا الوطن وأهله سواء من خلال تهرب البعض من البنوك من تطبيق نسب السعودة أو من خلال رفضها تقديم أبسط الخدمات للمواطنين كالسماح لهم بسداد فواتيرهم من خلال تلك البنوك, فإن ذلك يدفعنا وبقوة بمطالبة مؤسسة النقد بأن تقف موقفا أكثر حزماً تجاه البنوك وأن تضع العقوبات الرادعة والتي لا تحتمل التأخير على كل بنك لا ينصاع لتعليمات المؤسسة, وما لم يتم ذلك فإن معاناة المواطنين ستستمر في ظل تقصير واضح من البنوك وبرود متناه من قبل مؤسسة النقد في تفعيل مسؤوليتها تجاه ذلك التقصير البنكي في حق الوطن والمواطن.
|
|
|
|
|