بيني وبين الفجر جسرُ وفاءِ
يمتدُّ بين مخافتي ورجائي
جسرٌ بنته عزيمةٌ شيَّدتُها
بصفاءِ إيماني وصدق دعائي
جسرٌ عَبَرتُ به المحيط فلم أَعُد
أخشى صدى أمواجه الرَّعناءِ
هذي خيوط الفجر صارت في يدي
منها أخيط سعادتي وصفائي
وبها أرقِّع ثوب أحلامي الذي
كانت تمزِّقه يَدُ الأَهواءِ
هذي خيوط الفجر تنسج فرحتي
بتخلُّصي من قبضة الظلماءِ
لغةٌ من النور المبين تُريحني
من لهجةٍ ممسوخةِ الإيحاءِ
بيني وبين الفجر يا أمِّي يَدٌ
ممدودةٌ تعطي بلا استجداءِ
ساقت إليَّ مع الأذان سعادةً
مسحت بقايا حسرتي وشقائي
الله أكبر ياسراييفو اشهدي
أنا سمعنا اليومَ خير نداءِ
الله أكبر من لهيب مواجعي
الله أكبر من نَشيج بكائي
الله أكبر من عدوٍّ غاشمٍ
روَّى مخالبَ حقده بدمائي
الله أكبر من أزيزِ مدافعٍ
رسمت صليبَ الرُّعبِ في أجوائي
الله أكبر من حروبٍ شنَّها
من أُشربوا بالحقد والبغضاءِ
الله أكبر في مراتع لحنها
تنمو زهور محبةٍ ونَقَاءِ
يا ليت عين أبي الحبيب ترى الذي
يجري من التعمير والإنشاءِ
يا ليته يأتي لنا في زُمرةٍ
ممن يجاوره من الشهداءِ
ممن أراقوا في الجهاد دماءهم
وبها كتبنا سيرة العظماءِ
ما زلتُ أذكر بيتنا لَّما غدا
كالقبر تحت قذائف الأعداءِ
أنقاضُه اجتمعت على أشلائنا
يا حسرة الأنقاض والأَشلاءِ
كنا صغاراً حينما احتدم الوغى
وبدا صباحي واجماَ كمسائي
كنا صغاراً حين داهَمنا الرَّدَى
في ليلةٍ مسعورةٍ سوداءِ
كنَّا صغاراً في المنازل حينما
حملت إلينا البردَ كفُّ شتاءِ
مازلت أذكر، كيف بتنا ليلةً
جمدت بهول صقيعها أعضائي
والقاذفاتُ لسان حالٍ ناطق
يَهذي بأقسى خُطبةٍ بتراءِ
ماذا جرى؟ كان الجواب قذيفةً
قتلت أبي في ليلةٍ لَيلاءِ
ماذا جرى؟ مات التساؤلُ في فمي
وأبي الحبيب مضرَّجٌ بدماءِ
يا إخوة الإسلام في بلد الهُدَى
يا من رسمتم لوحةَ الكرماءِ
مرَّ الزمان بنا على جمر الغَضا
حتى مسحتم أَدمُعَ الضعفاءِ
وأريتُم الأيتامَ وجهَ سعادةٍ
كانت مغطَّاةً بألفِ غطاءِ
شكراً أبا فَهدٍ فقد أسعدتنا
بزيارةٍ ممهورةٍ بوفاءِ
من مهبط الوحي المبين تدفَّقت
أنهاركم في أرضنا الخضراءِ
فتضلَّعت منها قلوبٌ، طالما
تاقت بفطرتها لهَديِ سماءِ
ولخادم الحرمين ألف تحيةٍ
كالشمس مشرقةً، من الفقراءِ
شكراً لشعب الخير في أرض الهدى
شكراً نعطِّره بعطر دعاءِ
هذي المساجد دوحةٌ في ظلِّها
نحياة حياةَ سعادةٍ وهناءِ
هذي مآذنُهارسائلُ للهدى
هذي منابرها كنوزُ عطاءِ
كنا نعيش على معازف لهونا
واليوم نقرأ سورة الإِسراءِ
نَمتاح من نهر الكتاب ونستقي
من سنَّة المختارِ أَطهَرَ ماءِ
يا إخوة الإسلام في بلد الهدى
منكم وجدنا لَمسَةَ الرُّحماءِ
كم كان يخدعنا بريقُ حضارةٍ
غربيةٍ بُنيَت على الإغواءِ
هذي المآذنُ علَّمتنا أننا
نرقى بمنهجنا إلى العلياءِ
هذي المآذن لوحةٌ لشموخنا
مرسومةٌ في أُفقنا الوضَّاءِ
صوتُ المؤذِّن رحلةٌ روحية
غسلت عن الأرواح كلَّ عَناءِ