أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 16th November,2000العدد:10276الطبعةالاولـيالخميس 20 ,شعبان 1421

محليــات

لما هو اَتٍ
لكِ وحدكِ
(45)
د, خيرية إبراهيم السقاف
هذه البُسُط التي فرشتِها لي كي أرحل إلى خبايا الطيوف,,,، أتسلل إلى منافذ النور، أدسُّ كلِّي في غياهب المدى,,,، كي ألتقط ومض التَّوحُّد، وأشحذ به مسارب السرمدية في مداكِ جاءت نقية,,, نقية مثل افترار البسمة فوق شفتيكِ,,, وقطرات اللؤلؤ تخرج من محاراتها تتزيا بها الأرض,,, وأنتِ,,, قولي بربِّك كيف تحملين هذا الإزميل وترسمين؟,,.
ما شعرتُ لحظةً أنني أرغب في الوقوف للحظةٍ كي أسترد أنفاسي، وأنا أراكض خلف الذي ترسمين,,.
ولا أحسب أنني في لحظة سوف أسند ظهري إلى شجرة في الطريق كي أستريح,,.
أنتِ,,.
وقد علَّمتِني أن الطريق مهما طال فإنه قصير,,.
فألهبتِ فيَّ رغبةَ العبور مع طيَّاتِ بساطكِ السحائبي وهو يطوي العبور طيَّاً,,.
هذه الزَّخاتُ المُزَنيَّةُ ترطِّب المدى,,, تصبغه بلون العمق,,, وقبلاً كنّا أنا وأنتِ نلوِّن كلَّ شيء بلون العمق,,.
هذه المسحةُ الغمائميَّةُ لا تحملُ الحزنَ إلى الصدور,,,، لكنَّها تُرسلُ التأمُّلَ صفحاتٍ لا تُطوَى مع العبور، وإنَّما تُنقَشُ بكلِّ بصمةِ مروقٍ، وبكلِّ صدى صوتٍ، وبكلِّ لونٍ تتحلَّى به بصماتُ الطريق,,.
أركضُ إليكِ,,.
أركضُ,,.
وأدري أنني أتَّجه مني إليَّ,.
لكن بقعة المحارة التي تحتلِّين,,,تتسع لكل الركضِ,,.
أتذكرين تلك اللحظات التي وقفتُ فيها أحدّثكِ,,, وما قدرتُ على أن أتجاوزَ وقتي ولا مكاني؟
وأنتِ كنتِ هناك على بعد أمتار منِّي لكنكِ في ملكوتِ الخشوعِ تتبتَّلين,,.
أخذتُ من بقايا دموعكِ,,.
ومزجتها مع دموعي,,.
وأعلنتُ الضحكَ,,,.
لأنَّني في تلك اللحظةِ فقط عرفتُ أنَّني سأكونكِ بغير ما كنتُ,,.
وبأنَّني عليَّ أن أفعلَ في رسم الخريطةِ التي لاتضلُّ إليكِ العبورَ,,.
وما كنتُ سأضلُّ، ولا كانت ستكونُ,,,، لأنَّني بعدَ أن غادرتُ المكانَ,,,، وجدتُكِ قد لَملَمتِ كلَّ شيء إلاَّ خارطةَ الوصولِ إليكِ,,.
أنتِ لستِ وهماً,,.
وأنتِ لستِ حقيقةً,,.
وإنكِ لستِ خيالاً، ولا حُلماً,,.
كما أنكِ لستِ واقعاً,,.
إنكِ الوهمُ والحقيقةُ، والخيالُ والحلمُ، والواقعُ,,.
مزيجٌ,,, مزيجٌ,,.
أكونُه وحدي,,, وتختفين فيَّ,,, وتكونينني,,.
من أجل ذلك لا يرونكِ,,,.
في كل مرة يوسِمونَكِ باسمٍ، أو صفةٍ,,.
وأنتِ الاسمُ,,, والصفةُ,,.
أنتِ كيانٌ لا يتكوَّنُ,,,، وكونٌ لا يكونُ، وتَكوينٌ فريدٌ,,.
في كينونةٍ أزليةٍ سرمديةٍ لا تنتهي,,.
سأفردُ جناحيكِ من المدى للمدى,,.
سأرسلُ عطورَكِ من هنا لهناك,,.
سأطلقُ صوتَكِ من السماعِ للصدى,,.
سأعلِّمُ كلَّ لؤلؤةٍ خرجت من تحتِ بساطِ محارتكِ,,,، كي أحوِّلَ المساحاتِ والمسافاتِ إلى صدفةٍ كبيرةٍ، أدسُّ فيها كلَّ النّاس، وكلَّ شيء,,,، كي يكونَ الكلُّ أنتِ,,.
سأمزجكِ بكلِّ شيءٍ، حتى لا يبقى شيءٌ دونكِ, أو بدونكِ,,.
أنتِ المنأى والقربُ,,.
أنتِ الألفُ والياءُ,,,.
أنتِ الحرفُ والكلمةُ,,.
وأنتِ الجملةُ والكلامُ,,.
وأنتِ الإشارةُ والدلالةُ,,.
وأنتِ الكلامُ والمعاني,,.
ألا فلتذكري حين جئتِ للصباح الجميل، كي تقطفي بعضاً من الزهور، وقد بلَّلها الندى، ما قال لكِ الصباح يومها؟!
ألم يقل لكِ,,, كيف تقطفين ما هو أنتِ؟ وتسألين العطرَ من الزهرِ، وأنتِ الزهرُ والعطرُ؟
ولأنَّ الزهرةَ والعطرَ كيانُ الحياة التي لاتبلى ببلاءِ ورقةِ الزهرةِ، ولا بتطايرِ فوحِ عطرِها,,,، بل تتخلل كلَّ مدى تبعث إليه شذاها,,.
فإنَّكِ مهما امتددتِ,,, وتسرَّبتِ,,,، واختبأتِ,,,، فإنَّكِ تتخللين كلَّ شيءٍ، وتفوحين في كلِّ شيءٍ,,,، حتى استوى كلُّ شيءٍ بكِ جميلاً,,, ندياً,,, فوَّاحاً,,,
يا أنتِ,.
لن أطويَ بُسَُُطَكِ,,, وأرحلَ,,.
سأمدُّ إليكِ مدَّاً,,.
سأملأُ كلَّ مساربِ الضوءِ بفوحَِكِ
كي يستوي كلُّ شيء يَقِظاً في رحلةِ العبور منكِ إليكِ,.
وهكذا تحيا الحياةُ فيَّ,,,،
وهكذا تكونين كلَّ شيءٍ,,.
لأنَّ لا شيءَ وأنتِ كلُّ شيءٍ.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved