| محليــات
كل منا يؤمن إيماناً راسخاً أن الموت حق، وأن الموت سنّة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، وأن الموت هو نهاية المطاف في هذه الدنيا الفانية إلى حيث الدار الآخرة الخالدة وكلنا ندعو الله أن يجعل موتنا على توبة خالصة وشهادة يقينية ثابتة، لكن الحسرة التي تعصر القلوب وتحل في النفس تأتي عندما يغيّب الموت عزيزاً غالياً فيترك غيابه فراغاً في الساحة بين مجتمعه وأهله وهذا الذي اصابنا عندما غيّب الموت عنّا الصديق السيد عبدالله بن طاهر الدباغ يرحمه الله.
عرفت الرجل منذ سنوات طويلة من خلال لقاءات في رحاب الغرفة التجارية الصناعية بالرياض حيث كان أميناً عاماً لمجلس الغرف، فكان فارسها وأدى دوراً نحوها لا ينسى ولا يجحد أبداً، ثم غدت معرفتي به أكثر فأكثر عن طريق الزمالة في عضوية مجلس الشورى حيث جئت للمجلس منذ أكثر من سنة وكان مقر مكتبي لصيقاً لمكتبه في المجلس فرأيته كثيراً وسمعته أكثر.
كان الرجل صادقاً مع نفسه ذا رأي، أن تتفق معه أو تختلف عليه فإن أياً من ذلك لا يغير في موقفه مطلقاً، يتمتع بطيبة النفس يحمل قلباً يتميز بمساحة واسعة من الصفاء لا تضم بين جوانبها أي منعطف أو ممر للحقد أو الضغينة، صريح إلى درجة تبدو معها كلماته على شكل وكأنها تتحدث عما يدور في خاطره من أفكار كما كان طليق اللسان لدرجة أن لسانه يساعده على صياغة خواطره, وإقناع الآخرين بمبررات تصرفاته أي يستطيع ان يكشف عن كل مكامن حياته بكل ما تركته في نفسه من آثار سلبية.
كان هاجسه الكبير هو العمل في الحقل الدبلوماسي, حدثني في ذلك وأنه يسعى في سبيله، برغبة خالصة لخدمة دينه الحنيف ومليكه المفدى ووطنه الغالي.
فاجأني خبر وفاته صباح يوم الأربعاء من الاسبوع ما قبل الماضي نتيجة نوبة قلبية حادة لم تمهله سوى ساعات وأفرزت صمتاً مطلقاً أحاط بقلبه الكبير، وانتقل إلى رحمة الله إلى حيث يريد الله عز وجل وليس كما هو يريد.
استوقفني بعض كلمات الرثاء التي أفاض بها بعض الإخوة والزملاء الذين أشاروا إلى غيبته عن التكريم من جانب مجلس الغرف عندما كان حياً يرزق, وللحقيقة ليس لدي أي خلفية أو تفاصيل لهذا الموضوع ومبرراته.
لكن أتمنى إنصافه بعد مماته عملاً بقول الرسول المعلم الأول صلى الله عليه وسلم: اذكروا محاسن موتاكم ، وبالتالي أضم صوتي إلى صوت الأخ المهندس عبدالله بن يحيى المعلمي الذي اقترح تكريمه باطلاق اسمه على صالة الاجتماعات بمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية بالرياض فقد يكون هذا تكريما، له بعد مماته لا يبخل مجلس الغرف عن تحقيقه, والدعاء الخالص له بالرحمة والمغفرة، ونسأل الله أن يشملنا بها عندما نصير إلى ما صار إليه,, إنا لله وإنا إليه راجعون .
* عضو مجلس الشورى.
|
|
|
|
|