|
| الثقافية
7
3 الشخصيات: تحدثنا في الحلقة السابقة عن المكان باعتباره البقعة الجغرافية التي يمتد عليها الزمان بكل ما يحتوي عليه من عناصر تتكون منها الرواية داخل اركانها التي سبق الحديث عنها, أما الشخصيات، فإنها العناصر البشرية التي تقوم بأدوار الأحداث التي يلعب البطل فيها الدور الأكبر بالاعتماد على مساعدة الشخصيات الثانوية, ويحتل البطل مكان الصدارة في الرواية باعتباره المحرك الاساسي في العملية الابداعية على نحو لا يقل أهمية عن غيره من العناصر، بل انه يمثل العمود الفقري لكل العناصر الفنية داخل الصياغة الروائية، بحيث تكثر الشخصيات أو تقل بجانبه، لكنه لا يستغني عنها مهما كان الأمر، فهو يعتبر عميد تلك الاسرة الروائية في المشروع الروائي بكامله، والمسؤول عن الفكرة التي يتكون منها العمل, وأول ما يفكر فيه الروائي رسم شخصية البطل الذي سيقوم بأدوار روايته على الطريقة التي يرتضيها في المشروع الروائي، وهو الشخصية الوحيدة التي تبقى إلى آخر كلمة يقولها في الرواية، بينما ينتهي دور الباقين قبل ان ينتهي دوره، كل حسب ما تقتضيه الحاجة في الزمن الروائي والمكان الذي لعب الدور عليه, وتختلف الرؤية الفنية للبطل من عمل إلى آخر في المشروع نفسه, فقد تناولت الدراسات الأدبية والنقدية تلك الشخصية المحورية في الرواية العالمية والرواية العربية في السنوات الاخيرة بشيء من العقلانية تحت الاشراف الاكاديمي المنظم بدلا من النقد الانطباعي الضيق، في الزمن الذي احتلت الرواية فيه مركز الصدارة بين الفنون الادبية، ولم تعد ذلك الفن الذي يحسب على غيره دون ان يكون له شخصيته المميزة، فعرف البطل الروائي بما يحيط به من الشخصيات الاخرى في المجال الفني، حيث لم يعد بطل قصة يسرد الاحداث على لسان الراوي بالطريقة التقليدية عند الحاكي الذي يتجمع حوله مجموعة من الشعبيين ينشدون منه التسلية وقضاء وقت الفراغ الممل, ولأن الشخصية المحورية (البطل) يمثل العمود الفقري للرواية كما ذكرت قبل قليل فقد امتدت الدراسات حوله في اشكال متباينة وتحليلات معمقة حينا وحينا انطباعية تمثل وجهة نظر كاتبها، وقد اطلعنا على دراسات كثيرة حول البطل في الرواية العربية، من احسن هذه الدراسات ما قام به الأخ العزيز، حسن بن حجاب الحازمي، بعنوان (البطل في الرواية السعودية) دراسة نال عليها درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية اللغة العربية، استعرض فيها الحازمي دور البطل في الرواية السعودية من كل الجوانب، وقد تتبع الباحث مجموعة الظروف التي تؤثر في البطل، وبالتالي تؤثر في العمل الروائي بشكل خاص,مثل صورة البطل في الرواية السعودية، وعلاقته بالشخصيات والأحداث، والبيئة، واللغة، وأبعاد شخصية البطل الجسمية والنفسية والاجتماعية والثقافية، ومشكلات البطل، وعلاقة البطل بالروائي، وسنأتي على ذلك عند الحديث عن الراوي وعلاقته بالروائي في الكثير من الروايات العالمية والعريبة، ما أسعفنا الوقت في الحلقات القادمة إن شاء الله.
|
|
|
|
|
