| مقـالات
* على مدى التاريخ الإنساني، قاوم الإنسان حكم الطغاة والمستبدين، ولم يخضع لقوة غاشمة تحكمه تحت وطأة السلام إلا لبرهة زمنية كان يتجهز خلالها للوثبة على مستعبده ليعلن قرار حريته الصريحة، ولما بلغ الطاغوت ذروته أثناء حكم (فرعون) بادعائه أنه (الرب الأعلى) انتهى مصيره إلى قاع البحر بكامل جيشه وعرباته وزينته!
وتاريخنا النضالي ضد الاستعمار مليء بالشهداء والدماء والمقاومة على طول جغرافيتنا الإسلامية والعربية، وكان صوت الجهاد مدوِّيا في آذان المدمرين حتى رحلوا حثيثا من كل مضائقنا المائية وشواطئنا البرية، ولم يستطع آخر مستعمر أن يبيعنا لمستعمر آخر كما كان يحدث منذ عهد (البرتغال) وما بعده! فما كان لأمة علمها الإسلام العزة أن تذل لأحد، وما كان لأمة وصفها القرآن بأنها خير أمة، أن تقبل الخضوع والخنوع وتستسلم لقوة غاشمة مستعلية ناهبة لخيرها وكرامتها واستقلالها! هذه أمة الإسلام المصطفاة التي أحيا فيها الإسلام العزة ومدحها بالخيرية وأقامها حجة على الناس، فكيف تقبل الدنية وتخضع لشرذمة يهودية محرفة جعلت الله ثالث ثلاثة، وكذبت عليه، ووصفته بأشنع الصفات تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً!
وانظر إلى أوروبا حينما استعلى عليها الطاغية (هتلر) بنظرية الدم الأزرق، ونادى أن حرثنا لندن وباريس بالقنابل فمن رغب ان يزرعهما فليفعل ! هل تم له قهر هذه الشعوب بجبروت سلاحه؟! لقد نبت في هذه المدن الأوروبية المحروثة حكومات وطنية، ومقاومات شعبية دحرت في النهاية طغيان هتلر وألجأته إلى أن ينتحر مع عشيقته في ملجئه تحت الأرض!
ولو مضى باراك وجنرالاته في قمع الفلسطينيين وضربهم بالصواريخ، وقنصهم بالبنادق، فلن يجني سوى قبض الريح! فمثله كسائر الطغاة الذين هلكوا وبقيت بعدهم الشعوب قابضة على الحرية والكرامة كأثمن ما تملك من إنسانيتها!
وليتأمل جنود اليهود المدججون بالسلاح وهم يقفون قبالة فتى فلسطيني استأزر برداء أبيض، وترك صدره عارياً، وأخذ يقذفهم بالحجارة، لقد قفز هذا الفتى فوق جميع المعلومات العسكرية التي تقول إن إسرائيل تملك مئات القنابل النووية، وصواريخ القارات والطائرات الحربية المتنوّعة، كل هذا الحشد العسكري لا يعنيه ولا يخيفه ولا يُعد له حساباً في نفسه، إنه يطلب الشهادة في سبيل الله ليلحق بركب الشهداء الفتيان الذين سقطوا في باحة الأقصى والأرض المباركة من حوله، لكنهم عند الله في كتاب، ومن خلفهم المئات ينتظرون أن تتحقق لهم هذه المنزلة العلية عند الله، ولن يملك اليهود حيلة لشعب يطلب الشهادة أو النصر، فإحدى الحسنيين ستتحقق لشباب الانتفاضة، إما التحرير وما يعنيه من حرية وكرامة واستقلال، وإما الشهادة وما تعنيه عند الله من حياة خالدة، وجنة عالية، ومنزلة فوق المنازل، وما انهار الطغاة قاهرو الشعوب إلا امام فتيان صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كالذين قالوا: قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا (طه 72).
لقد آثروا الله ورسوله على الطاغية وجنوده، ولقد رغبوا الشهادة حين طلب الطغاة الحياة القصيرة، أولئك وأمثالهم هم الشهداء وسائر الناس هم الشهود!
|
|
|
|
|