| مقـالات
حمل البريد إليَّ كتاباً طمعت أن اقرأه لأول وهلة، فقد كان عنوانه صنواناً وغير صنوان وكان يزينه ما بين دفتيه أنهار من ماء غير آسن شغفت به وتعلقت وجعلت له وقتاً معيناً أنظره وأُعيد وأستشف ثم أتذوق لأحكم له أو عليه.
حمل البريد إليّ كتاباً وإن شئت فقل تقريراً يحمل عنوان (الرحمانية الابتدائية,, تسعون عاماً في خدمة التربية والتعليم 1330ه 1420ه) وقد أخرت الكتابة عنه لا لشيء لكن هناك ما حال بيني وبين ذلك من سفر ومواعيد علمية وأخرى من ضروريات: الاختصاص التي تدعو إلى الارتباط بها جزماً مجزوماً.
كتب إليّ الاستاذ خالد بن محمد الحسيني كتاباً لطيفاً فيه من النعوت ما لو عرفني لقال استسمنتُ ذا ورم.
الكتاب جاء اجتهاداً وجاء طرحه بين عرض وبيان وأمثلة وتقديرات ثم جاءت أسماء الطلاب ما بين ص 101 حتى ص 145 تزين هذا الكتاب أو هذا التقرير الذي أراه مهمّاً, يقع الكتاب في مائة واثنتين وخمسين صفحة من القطع المتوسط طباعته جيدة وورقه صقيل عالي الجودة ورسم الحرف فيه بين بين والكتاب بهذا يمثل وثيقة حية من حلقات التعليم النيّرة، ويعطي إشارة على الاهتمام الحريص والمتابعة الجادة والبذل من قبل حكومة مباركة مسددة.
ولا يكون الحكم إلا بعد التصور المتأني، فقد جاءت عناوين هذا الكتاب كما يلي:
1 هذه المدرسة 21.
2 المدرسة الرحمانية إلخ 23.
ثم بعد ذلك:
3 قصاصات الصحف,, 47.
4 مديرو المدرسة منذ تأسيسها 59.
ثم بعد ذلك:
5 مديرو التعليم بالعاصمة المقدسة 87.
6 اسماء المعلمين والاداريين سنة صدور الكتاب 91.
7 من أبرز الطلاب 93.
8 من اعلام الرحمانية 99.
9 طلاب المدرسة عامة 101.
10 طلاب المدرسة حسب السجلات من عام 1362 115 وتركتُ من الفهرس أشياء مُهمة وذكرتُ مثلها أراوح بين هذا وذاك بما لا يسع المطلع الحصيف إلا القراءة الكاملة لهذا الكتاب الجدير بالقراءة وقد كان بعث الكتاب دافعاً لي لأبدي رأيي حسب فهمي ومحدود علمي أبثه لمؤلفه ومن كان في نشره وإبرازه له فيه يد.
الكتاب جيد، وهو نوع حبذا نهجت نهجه المدارس والمعاهد وسواهما من تلك التي تعاقب عليها (السبت والأحد) بإذن الله تعالى حتى تكون علماً يؤخذ منها ما يؤخذ مما هو نافع، وحتى تسجل مآثر جديرة بالتسجيل لعلها تُفيد أي نواحٍ تعليمية وتربوية وإدارية قد يحتاجها الإنسان في حين ما من الأحيان ووزارة التعليم والمعارف لا جرم يهمّهما كل رأي وكل تجديد وكل ما من شأنه بعث أيّما نافع يؤخذ منه ما لابد منه، وإذ أدون هذا فإنني أحادث الدكتورين الكريمين وهما أخوان فاضلان جادان مجدّان د, خالد العنقري، ود,محمد الرشيد, أحادثهما بما يحادث به مجرب لا يعدمان ثمار نظره وبنات طرحه أن ينظرا تأصيل التربية النفسية والعقلية والروحية بما يحوط عقول الابناء من سياج صلب من عقود مترابطة من الوعي المركز المستديم حيال أهم العلوم وأجلّها وأفضلها أن من اساسيات العلم وتلقيه فهم التوحيد بأركانه وشروطه ونواقضه والفهم أمر مهم في التلقي والتحمل ما في ذلك شك ولعل هذا يكون بتخصص عالٍ دقيق محيط ممن يقومون بهذا.
ووزارة التعليم العالي والمعارف يمثلهما رجلان أعرفهما جيداً,, أعرفهما من خلال حرصهما وسهرهما وبذلهما على حماية العقول بنظر أجلّ وأهمّ العلوم.
وإذا كان البيت يساهم في الخير ويسعى لحفظ الأولاد من عوادي مُفرزات الضياع في الفكر والحضارة، فإن أهم من ذلك وعي رب البيت وعياً تاماً لجذور البلاء التي تغزو الأبناء عن طريق عبودية الصداقة المطلقة وعبودية المرئيات والتشبث بفراغ رهيب ما يسدّه إلا الله تعالى ثم التعاون الكريم مع الدولة بإخراج جيل صالح مصلح هادٍ مهدي حر بار ورع كريم لا وقت للفراغ لديه ولا للصداقة كيفما اتفق ولا للمرئيات كيفما كانت.
بل الجد والبذل والعلم المبني على أُسس حية راقية يتولد منه التجديد والابداع وكم حادثت سمو الأمير محمد بن فهد والأمير سعود بن نايف أعزهما الله بطاعته، كم حادثتهما على بذلهما للموهبة واكتشافها والمحافظة عليها ويكفي ما في المملكة من صرح وصرح علمي.
لكن هذا لابد معه من وليٍّ حكيم عاقل قوي أمين يمدّ يده حسّاً, ومعنى مد يده ليكون بيته مستقيماً وولده خيِّراً سويّ الشخصية سويّ الفكر سويّ النظر للحياة ملتزماً بطاعة الله تعالى التزاماً واعياً بفقه الحياة وعمق الفهم حيال إفرازات المدنية الحديثة.
والولي متى ما كان ذا وعي جاد تسانده ربة البيت مساندة من يقدم العقل على العاطفة فإن البيت الذي يتشكل منه المجتمع والمدرسة والحياة سوف يكون مترابطاً مدركاً سليم النفس والعقل من كل عارض لا تقبله الفطرة ويرده العقل الحر الكريم.
وان المسؤولية لواقعة على البيت منذ بدء الزواج وتكبر المسؤولية كلما جاء الولد، فهو أمانة وأمانة، لأن كل راعٍ مسؤول عن رعيته ولأن الولد من الكسب يبقى بعد أبويه داعياً لهما واصلاً رحمه مؤدياً فرضه فهذا يوجب من الولي حسن التربية مع صدقها والدوام عليها.
كل هذا بجانب المدرسة التي تتولى الانتقاء والاختيار لتغذية العقول بما أمر الله تعالى رسله عليهم السلام، وبما قام عليه السموات والأرض وسارت الفطر ونهضت به العقول.
يحوط هذا وذاك من يسهر ويشقى ويبذل ليتم الأمر على تمام من الأمر الذي قامت عليه دولة فتية تخطت غيرها وسبقت من تقدمها بالعدل وتحقيق أمر الشعور بالمسؤولية,, ونظر حال العلم والدعوة إليه والمحافظة عليه.
لقد كان الكتاب جيداً في جملته مفيداً في بابه مطلوباً مثله أن يكون بين حين وحين فيستفيد هذا من ذاك واللاحق من السابق ومن لم يعلم بمن قد علم.
ومع حسن هذه الصناعة وجودة الكتاب فإن لي عليه بعض الملاحظات التي أبديها حسب فهمي:
من ذلك:
1 شدة الاختصار.
2 ترك نواحٍ مهمة متسلسلة من التعليم بمنطقة مكة.
3 عدم الاشارة إلى التعليم بالحرم ومن كان يعلم فيه.
4 جلّ الكتاب صور منقولة من الصحف وكلمات كتبت عن التعليم (والمدرسة الرحمانية).
وهذا بعكس صور المخطوطات وبعض المقالات القديمة التي أراها ضرورية ذات قيمة تاريخية.
5 خلو بعض الصفحات من الكتابة, إنما جاءت الصورة أو المقالة أو الكتابة لتأخذ حيزاً صغيراً ويبقى الجزء الأكبر: فارغاً، كما في ص 27، 28، 36، 38، 43، 47، 51، 52، 53، 55، 56، 57، 59 وغير ذلك من الصفحات.
وهناك صفحات بقيت خالية تماماً ولست أرى المقام يقتضي ذلك مثل ص 34، 82، 147، 148.
وقد وقعت بعض الأخطاء النحوية والإملائية لعلها لم تكن مقصودة، وهذا يحصل في بعض المنشورات التي لا تسلم من مثل هذا من باب فوات الحرص.
لقد كنت أحب لهذا الكتاب أو هذا التقرير أن يكون مرجعاً وثائقياً في التربية والتعليم وقدم الإدارة المدرسية يزين هذا كله التناول الجيد المحيط لعامة ما طرح الكتاب من أدلة بجانب تمحيص كل صورة ووثيقة من حيث الزمان، والمكان، والصاحب.
والضرورة تقتضي حسب فهمي كتابة الآراء وطرح التجارب من خلال نظر هذه المدرسة الممتازة وما قدمته من رجال وآراء وتجارب ذات قيمة فعالة في التربية والتعليم.
فلم أر رأياً جديداً.
ولم أر توصية ليؤخذ بها.
ولم أر نقاشاً: لحالة أو مسألة ما.
ولم أر تجديداً فعلياً غير مسبوق.
وكل الذي جاء جمع ورصف وتحرير لجملة من المقالات والإشادات، وهذا في الكتاب أمر لابد منه لدور هذه المدرسة الجليلة وما أبرزته للمجتمع من خير وبذل وعطاء لكنه يمكن أن يأخذ حيزاً قليلاً ويكون الجل للآراء الجديدة والطرح غير المسبوق في مجال الادارة خاصة.
ويذكر بجانب هذا من المسائل العلمية التربوية مالابد منه مثل:
الموهبة ودورها في: الادارة.
الموهبة/ ودورها في التربية.
الموهبة/ ودورها في التعليم.
الموهبة/ ودورها في التوجيه.
الموهبة/ ودورها في الانتقاء.
الموهبة/ ودورها في الاكتشاف.
الموهبة/ ودورها في التعيين, فمثل هذا الكتاب يحسن به أن يتناول مثل هذا ولابد, ولست أعني بالموهبة التخصص أو أنني أعني به الذكاء، كلا.
إنما أعني بها تلك الصفة العقلية المجددة المضيفة في مجالها حتى يتذوق الطالب لذة الجديد وحتى يتذوق المسؤول لذة الرأي الجديد، فيسار على هذا وذاك بعد دراسة مماثلة من الموهبة والقدرة على الاستيعاب.
وبهذا كله تمييز الكتب وتمييز التوصيات بين كل حين وحين بكل جديد نافع لم يكن من قبل.
وإني لشاكر لوزارتي التعليم والمعارف حرصهما على كل نافع مفيد وكم يسرني جدهما المتطور والمقروء حيث اتضح الثمر واخضر العشب وظهرت آثار الجهد مع ما يلزم من بذل المزيد ومحاولة الإضافات فإن الشمس ما تشرق ولا تغيب والأمر فيه من الجديد غير الذي كان قبله من يوم وإني لمقدر للأستاذ خالد بن محمد الحسيني ومن معه على هذا الجهد المسدد مع ما أعرفه من حرص على الخير والدعوة إليه.
|
|
|
|
|