أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 15th November,2000العدد:10275الطبعةالاولـيالاربعاء 19 ,شعبان 1421

مقـالات

خواطر
يا غافل لك الله في القاهرة
د,عبدالمحسن الرشود
عندما كنّا طلاباً في المرحلة الجامعية، كانت المنافسة الثقافية حادة على أشدها بيننا سواء في حلنا أوترحالنا,, وما بين فترة وأخرى نسافر للقاهرة مجتمعين إما ثلاثة أو أربعة، ونسكن الشقة المتيسرة آنذاك حيث لم تكن الفنادق تهيء لنا ما نريد من حرية، ووجبات طازجة تصنعها الشغالة وفوضى كنا نحبذها,, غير أننا في تلك الفترة ما قبل الفضائيات، والجوالات، والانترنت كنا مبهورين بعالم الأدب والفكر والصحافة، ومتابعة كبار الكُتاب والأدباء أمثال توفيق الحكيم الذي قابلناه أيام حواراته مع الله ، ويوسف إدريس أيام النداّهة والمخططين، وعبد الرحمن الشرقاوي ويحيى حقي، وقنديل أم هاشم,, وترانا نرتب جدولاً لزيارات مكتبة مدبولي في ميدان طلعت حرب ونقتني منها المسموح بدخوله والممنوع ولزيارة معارض الكتب الدولية ومقهى المثقفين الفيشاوي ونشاهد المسرحيات الناجحة آنذاك ناهيك عن قراءة الصحف المصرية التي يجلبها لنا بواب العمارة ,, ونحرص فيما نحرص عليه زيارة الأهرامات المتاحف وهكذا,, من مدن وضواحي القاهرة مثل الاسكندرية، طنطا، حلوان، الزقازيق,,, لنتعرف على طبيعة المجتمع المصري.
وتحرك الزمن كالطوفان الذي أخذني بأمواجه العاتية وغبت عن القاهرة أكثر من عشر سنوات هي مدة اغترابي في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا للدراسات العليا,, وعندما زرت القاهرة بمعية صديق لي في أغسطس الماضي لطبع مسودة كتابي الجديد الإدارة المحلية في المملكة العربية السعودية,, وجدت ان الحال اختلف تماماً بالنسبة لبعض الشباب كيف؟؟؟ سكنت وصديقي في فندق سمير أميس، فوجدنا بعض شبابنا يسكنون هذا الفندق، ولا يغادرونه إلا لماماً, ويمضون معظم أوقاتهم في التنقل بين حديقة الشاي المسماة Tea Grafen والكوفي شوب، وردهات الفندق، ويكادون لا يخرجون الى المدينة القاهرة الا عندما يأتي منتصف الليل فإنهم آنئذ يذهبون الى اماكن السهر الممتدة الى تباشير الفجر الأولى,, وهذا ديدنهم مع الأسف لايهتمون بفكر البلاد ووضعها الثقافي والإجتماعي والفني وخطابها السياسي, بل انهم في الفندق نفسه لايستفيدون من وجود المسبح والنادي الرياضي والمكتبة الخاصة بالفندق, والمكان الوحيد الذي لن تجد به مكاناً في اي وقت شئت الا بشق الأنفس وواسطات هو حديقة الشاي لماذا؟ لأجل الغزل .
من المؤسف أصبحت رحلات بعض الشباب طلبا للتعرض لبنات وطنهم خارج البلاد ومغازلتهن وإحراجهن, لأن هامش الحريّة الشخصية هناك أوسع، والبعد عن مراقبة أعين المجتمع الذي يعرفهم وبالتالي يأخذون راحتهم في مطاردة الفتيات القاطنات في الفندق أو الزائرات له وبشكل مقزز، ومؤذ ومثير للعجب ايضاً,, وهناك يفرض بعض الشباب انفسهم بالقوة على الفتيات، ويحدث الكثير من المشادات الكلامية والهواش والمهاترات والله به عليم وخصوصاً عندما تنتهي حفلات أحد الفنانين الكبار في بهو الفندق وأمام بواباته,, كل ذلك يحدث أمام أعين الإخوة العرب الذين يعملون ويسكنون أو يزورون الفندق أو السائحين أيضا، ويعطي صورة غير حضارية عن مجتمعنا وهي غير حقيقية ولا تمثل الا الشواذ,, حتى ليخيل لمن يشهد تلك التصرفات اللامسئولة أن مجتمعنا يمارس مثل هذه التصرفات ويرضى عنها,, الامر الذي يجانب الحقيقة ويبتعد عنها تماماً.
بينما نحن جلوس ذات مرة في حديقة الشاي نتحدث مع بعض هؤلاء الشباب صدفة حول أمور متنوعة عن الحياة والناس واذا بهؤلاء الشباب اصغر منا سناً طبعاً لا يركزون معنا في الحوار ولا يشاركون بشيء، وكانوا كثيري الالتفات، والترقب، والترصد والإرتباك,, وتابعت وصديقي الأمر بكثير من التركيز، فوجدناهم يراقبون مجموعة من الفتيات في نفس المكان، غير عابئين بنقاشنا، وما نحن فيه من تنظير عندها تجرأت بأسلوب رومانسي وسألت أحدهم: كيف تملك الجرأة أمام هؤلاء الناس، وتحادث فتاة لاتعرفها, فأجاب بأنه لم يأت للقاهرة، وإلى هذا الفندق إلا للغزل واستطرد بنرجسية: لست وحدي الذي يفعل هذا فمعظم الشباب يفعل ذلك هنا وفي معظم فنادق القاهرة ومكانات السهر المشهورة,, هدفنا الغزل .
فالتفت الى صديقي قائلا له: ترى لو كان في زماننا آنذاك فضائيات وجوالات وانترنت، سوف نفعل ما يفعله هؤلاء الشباب,, قال: والله لا ادري واستطرد: كنا مشغولين بهمومنا وهموم أهلنا، وطموحاتنا العلمية، ولا نعلم ما يفعله بعض شباب اليوم من تصرفات لأننا غافلون عن كل هذا آنذاك,,, وياغافل لك الله,, وهو يضحك .
لمواصلة الكاتب: AL Reshood@Hot rueil. com

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved