** قرأت تعقيباً رائعاً لمعالي الدكتور علي النملة,, الخبير الإعلامي والمعلوماتي قبل أن يكون وزيراً وبعد ذلك أيضا.
** والتعقيب يتعلق بذبول وفتور وقرب نهاية بعض القنوات الفضائية العربية,, التي بدأت بزهو ورافقتها إثارة وعنفوان,, ثم ما لبثت أن أوشكت اليوم على الموت,, بل إن بعضها مات فعلاً,, وغاب عن الوجود,.
** أما عن مؤشرات هذا الذبول أو الموت المحقق,, فقد وجد بعضه مع بداياتها,, فيما لمس باقي الاسباب أثناء عنفوانها وإبان قوتها.
** نعم,, بعض القنوات العربية لفظت أنفاسها,, لأنها لا تملك أسس البقاء الفعلي,, ونحن هنا,, لا نعمم الحكم,, لأن بعضها قد يصمد,.
** وأسس البقاء تلك,, ليست مادية فقط,, بل هي مجموعة أشياء ولكن لنقف كمشاهدين ومتابعين على الأسباب التي جعلت بعض هذه القنوات يخبو أو يضعف,,
** الأول ,, أنها افترضت ان المشاهد العربي مجرد عاشق (للابتذال) ويبحث عنه في كل مكان,, ولهذا,, فقد أكثرت من المواد الرخيصة المبتذلة بسائر أصنافها وأشكالها,, بل اشتهرت بعض القنوات الفضائية بالمذيعة فلانة,, وبالمذيعة فلانة,, ومهمة هذه المذيعة,, أن تستقبل الاتصالات وعلى الهواء مباشرة من الشيّاب والشباب,, وتعمل(حركات جاذبة من أجل جذب هؤلاء المشاهدين بطريقة لا نقول رخيصة فقط,, بل هي (خسيسة),,, ولكن نوعية هؤلاء المشاهدين رغم ندرتهم فإنه لا يمكن المراهنة عليهم,, لأنهم أصحاب (طفرات)!! يطفر اليوم بهذه القناة ثم يتحول بعده الى أخرى ثم إلى أخرى,, ثم يترك ذلك كله,, ولعل شاهد ذلك,, هجر كثير من المراهقين للمقاهي والتجمعات أياً كانت تلك التي يوجد بها محطات فضائية,, بل إن أكثر الدشوش في البيوت صارت مهجورة.
** ويقول بعضهم,, إنه يمضي عليه ثلاثة أيام أو ربما أسبوع دون أن يفتح الجهاز,, وبالتالي,, فإن رهان هذه المحطات على أن المشاهد العربي من هذا الصنف, كان رهاناً خاطئاً,.
** الثاني,, ظهور الإنترنت ,, وهي (في نظر هؤلاء) موضة أخرى جاذبة,, فهجروا المحطات وتركوها بلا عودة,, واتجهوا للإنترنت فوجدوا في الإنترنت مجالات آخر للهو (وسعة الصدر) مع أن الانترنت تختلف عن المحطات كمصدر معلوماتي,, ووسيلة تملك أسس البقاء والتطور وتشغل العالم كله,, ومع هذا,, كله,, فهناك من اتجه للإنترنت لمجرد التسلية,, وهي موجودة بالفعل.
** الثالث,, وجود القنوات المنافسة الأخرى,, حيث ظهر الآن أجهزة يمكنها ان تستقبل حوالي 400 محطة في لحظة واحدة,, فمنها الرياضي,, ومنها ما هو للتسلية,, ومنها ما هو شبابي,, ومنها ما هو للألعاب,, ومنها ما هو للصيد والقنص,, ومنها ما يتعلق بالبيئة والمناظر الطبيعية وهكذا,, فمتى قرر هذا الشاب أو ذاك التعامل مع الدش,, فلن يترك تلك القنوات,, ليبحث عن مذيعة (متغنجة) في احدى المحطات العربية,, ليتسمر أمام الشاشة من أجلها,.
** الرابع,, أن المشاهد الذي يعول عليه,, وهو المشاهد المحترم,, لا يجد بغيته في تلك القنوات,, فلا معلومات ولا أخبار ولا تقارير ولا فكر ولا ثقافة ولا مصداقية ولا احترام للمشاهد,, وبالتالي,, فإن هذه القنوات لا نصيب لها في المشاهد الذي يبحث عن القنوات ,, ولهذا,, فقد تفوقت قنوات محترمة وكسبت المشاهد,, لأنها احترمت عقل وذهنية المشاهد.
** وأخيرا نقول,, ان بوادر (أفول) وسقوط بعض المحطات قد بدأ فعلا إذ أصبحت تكرر بعض البرامج وتكرر نفسها كثيرا,, وتعتمد على المواد (المعلبة) استعدادا للمغادرة بشكل نهائي.
** بقي أن نقول,, ان الشرهة أو اللوم,, يلحق المعلن أو التاجر لدينا,,الذي طار في العجة ووجه إعلانه هناك ,, ظنا منه,, أن هذه القناة أو تلك لها ملايين المشاهدين,, ليفاجأ أنه إعلان لم يشاهده أحد,, وأن الفلوس طارت في الهواء,, فوق أنه أعان هؤلاء على الفساد والضياع والتغرير بالمشاهد والضحك عليه.
|