أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 14th November,2000العدد:10274الطبعةالاولـيالثلاثاء 18 ,شعبان 1421

محليــات

لما هو آتٍ
مآزق الأخلاق (1)
د, خيرية ابراهيم السقاف
نشأتُ أُدرَّبُ على أن الجهاد عشرة أجزاء، جزء واحد هو جهاد المعركة وهذا ليس في وُسعي، وتسعة أجزاء هي جهاد النفس ما استطعتُ ,,,، وأن لا خلق,, يستقيم ما لم يجاهد المرء أدواء النفس,,,.
فالنفس كما هو في القرآن الكريم وصفها: أمارة بالسوء، إلا من هدى الله,,, والهدى طريق الرشاد، ولا يرشد للإنسان دربه ما لم يكن يقظاً في شأن نفسه،
والنفس حين تجاهد,,, تحتاج إلى عزيمة قوية، ولا تصمد عزيمة النفس في التصدي لجهاده ما لم يكن المرء على بيّنة بربّه، وملماً بأموره ما نهى عنها، وما تجاوز فيها، وما أمر بها.
ومثل هذه الأمور إن شَغَلَ الإنسانُ المسلم نفسَه فيها كفته أن يضلَّ في أمور الحياة العامة، بما فيها من الصغائر وسواها، مما تُحَفُّ بها النار,,,، وأغنته كي يعمل ويعمل، وكي يصل إلى اكتشاف أمور تجعل الدنيا الفانية في عينيه، وفي ميزانه لا تعادل الآخرة الباقية,, فإن هو توصَّل إلى هذا، فقد أدرك النجاة,,,,،
والنجاة للمرء مناطها أخلاقه,,,.
فالأخلاق هي محور السلوك بكل أنماطه، سواء سلوك العقل، أو سلوك الوجدان، أو السلوك الحركي للجوارح والأطراف,,.
فخلق الإنسان منظومة متسقة لا أخالها إلا كخيوط النسيج المحكمة إن فرَط واحد فيها أو منها انحل النسيج بكامله,,.
وخلُق الإنسان يؤخذ في تكوينه مأخذ النسيج في بنائه,,,، فكلما تعقد النسيج وتركَّب، وأخذ وقتاً في بنائه، ظهر جميلاً جاذباً، محكماً لا مجال لحله,,, وكذلك الأخلاق في تكوينها تأخذ وقتاً، وتتركب في تضافرٍ، إن تكوَّن جزء منها لا يتم دون أن يتكوَّن الجزء الآخر,,,، ولايتحقق جانبٌ فيها دون أن يتحقق الآخر، حتى يستوي المرء ذا خلق متميز,,, تتسق فيه أقواله مع أفعاله,,, وتعبّر عن مكنونه الفكري والنفسي والوجداني,,.
والخلُق الجيد يتطلّب جهاداً متواصلاً، ودُربةً دائمةً، وقدرةً فائقةً، وصبراً واسعاً،
ولأن الصَّبر أحد عناصر الأخلاق، فإنه يُنال بالدُّربة ويغدو المسلك المؤدي إلى تكوين الخلُق واستمرارية أدائه,,, لذلك وُصف الصابرون في القرآن بصفات الإيمان، وقُدِّرت لهم المراتب الرفيعة في الجنة، ودُعي الإنسان من ربه بالاستعانة بالصبر وقُرن بالصلاة، وأُخبرَ بأنهما كبيران إلا على (الخاشعين),,, وتلك أعلى مراتب يصل إليها ذوو الأخلاق الرفيعة العظيمة المقتدية بالقدوة الأولى رسول الهدى صلى الله عليه أفضل صلاة وتسليم محمد بن عبد الله أبي الخاشعين، وأول الصابرين، ذي الخلق العظيم.
والمسلمون أفراداً وجماعات يحتاجون في واقعهم إلى التَّنبُّه إلى مآزق الأخلاق التي يقع فيعا المربُّون، ويجهل الوصول إليها عامةُ المسلمين، ولا يُلتفت إليها في خضم الحياة ببهارجها,,,.
إذ لا يكفي المظهر الأخلاقي,, فتلك قشور، إن وُضع الإنسان في محكِّ المواقف، كُشفَ عن المستور من أخلاقه,,,، وتلك مصيبة من مصائب ما يقع فيه المسلمون، وما يؤخرهم عن سُدَّة الفلاح في الحياة,,,
لذلك، الأخلاق الأخلاق
كيف تكون؟,,, وكيف تتكوَّن؟
وما هي ظواهرها ومظاهرها؟
وما هي محكَّاتها وسِماتها؟
وأي مآزق تعيشها أخلاق المسلمين في هذه الحياة القائمة!
وإلى أين ستؤدي هذه المآزق بهم,,؟
تلك قضية تؤرقني,, كلما وقفتُ على واقع الأخلاق في الناس، إذ لا تستقيم منظومتها ولاتتسق,,, إن وسَمتَ فرداً في جماعة بخلُق متميز، ومررتَ معه في محكِّ موقفٍ وجدتَ حبل الأخلاق عنده مبتوراً، ورداءها مخزوقاً، وتركيبها مفكَّكاً، ووجدت الجماعات على هذه الشّاكلة، يحكمون على ظواهر الأخلاق، ويتغاضون عن بواطنها، وتلك لعمري قاصمة الظهر، والدودة التي تأكل في منسأة الأخلاق فتُرديها قتيلة.
للحديث بقية

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved