أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 14th November,2000العدد:10274الطبعةالاولـيالثلاثاء 18 ,شعبان 1421

المجتمـع

يروين مآسيهن بعد تجربة حزينة
الأمهات: الحوادث المرورية سبب لخسائر لا تعوض!
* تحقيق: عزيزة القعيضب جميلة الدوسري
ولا يزال مسلسل ما تخلفه الحوادث المرورية من مآس مستمراً فكم من أب أكل الحزن فؤاده وكم من أم تقاسمت مع الليالي سوادها السرمدي المؤلم، وكم من فتاة فقدت والدها وهي ترقب حضوره،وكم من طفل تخبط بين غرف المنزل يبحث عن والده ويسأل من حوله: أين أبي؟!
الحوادث المرورية أصبحت كابوساً يقض مضاجع الكثير ويؤلم الكثير ويبكي الكثير ونحن هنا في جولتنا نقف على بعض تلك المآسي التي ترويها الأمهات والفتيات حول ما يعتريهن من موجة ألم وحزن عميقين:
السرعة الجنونية والتهور
للحزن نظرة عميقة المدى في عيون (منى بنت علي) حينما طلبت منا ألا نكتب عن هذا الموضوع وقالت: رحل أخي (فيصل) وكأن رحيله لم يمض عليه سوى دقائق معدودة (فيصل) رحل قبل ست سنوات وهو في عمر الزهور ذي الأربع سنوات وفجأة وبدون مقدمات يأتيني الخبر وبكل سهولة (فيصل,, مات) مات؟!
كيف؟ ولماذا؟ صدمته سيارة! ذهول من هول المفاجأة ,.
يا الله كان قبل قليل يلعب أمامي ويضحك لكن فيصل مات والسبب باختصار (سرعة جنونية من سائق متهور) كان ثمنها روح أخي فيصل الغالية,.
لن أتأخر,, ولكن
تقول أم فهد الدوسري وقد اعتراها حزن عميق: الحوادث أخذت مني ابني (فهد) وهو في الخامسة عشر,, مات أكبر أبنائي الذي لم أحب أحداً مثل حبي له قال لي في تلك الليلة سوف أذهب بالسيارة ولن أتأخر فقلت له: لن تذهب قال والابتسامة على محياه لن أتأخر وذهب ولكن ذهب الفرح معه فلقد خطفه الموت بسبب السرعة والطفولة والطيش! مات فهد فيا أيها الآباء والأمهات لا تذوقوا ما ذقته في ابني (فهد) فقد تكون كلمة (لا) لأبنائكم بعدالله هي السلامة لهم وراحة لكم.
طريق حوطة بني تميم
وتروي (بدرية الخنين) مأساة حصلت على طريق حوطة بني تميم فتقول: ونحن في طريقنا للكلية وتحديداً في عام 1416ه تعطلت السيارة المقلة لنا نحن الطالبات وكنا أربع طالبات طلب منا الانتقال للسيارة الأخرى ليصبح مجموع ما في السيارة إحدى عشرة طالبة في يوم ممطر مليء بالضباب لم يبق على قيد الحياة سوى ثلاث أما البقية فقد انتقلن إلى رحمة الله تعالى يكفي ان أخرج من ذلك الحادث والذي نقلت على إثره إلى مستشفى الملك خالد بالخرج وقد أصبت بشلل رباعي وبمكرمة سامية وأمر كريم أمر بنقلي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى مستشفى الملك فهد للحرس الوطني فأجريت لي عملية في الرقبة وظللت في العناية شهراً كاملاً ونقلت بعدها إلى إحدى غرف المستشفى لأبقى ثمانية أشهر خرجت بنفسية محبطة خصوصا وأنا لا أدري عن صديقاتي وعن مآلهن فهذا الحادث لم ينته إلى الآن فيكفي أنني الآن أعاني من آثار الحادث نفسياً وجسدياً.
القضية (ضد مجهول) !!
وتحدثت (ريم بنت صالح) عن قصة فقدان ابن اختها البالغ من العمر ثلاث سنوات واسمه (عمر) وقالت نعم مات عمر امام باب منزلهم بسبب السرعة الجنونية وتجرد السائق من الرحمة فعند اصطدام عمر تعلقت ملابسه بطرف سيارة هذا السائق وأخذ يحرك سيارته يميناً ويساراً من أجل أن يسقط عمر ويلوذ بالفرار بدل أن ينقذ الطفل ويسعفه بنقله إلى أقرب مستوصف أو مستشفى ,, فعل جريمته ولم يعرف إلى يومنا هذا من يكون الجاني لتسجل القضية ضد مجهول!! نحن لم نرد منه شيئاً سوى إسعاف الطفل والباقي على الله فحسبي الله.
من الطرق الخطيرة
وأما (مزنة الدوسري) فتقول: الحمد لله على كل حال فقد فقدت أمي ولولا رحمة الله ولطفه لذهب مع أمي ولدي,, ماتت والدتي بسبب حادث مروري مروع على طريق (رماح),, ماتت وهي لا تعلم ان كل من عرفها بكى عليها وأبكى من لم يعرفها نعم! كل من عرفها وعرف أصلها الطيب والرحمة والإيمان والتقوى ,, نعم كل ذلك قضاء وقدر لكن لماذا لا نأخذ بالأسباب؟! فطريق رماح طريق واحد وليس مزدوجاً مما يجعل الطريق سبباً رئيسياً في كثرة المخاطر والحوادث المرورية.
فقدت زوجي وأنا حامل
الحوادث المرورية طريق مظلم مخيف في حياتي هذا ما قالته (أم محمد) وأردفت قائلة: فقدت زوجي وأنا حامل في شهري السابع,, تركني وابنتي ذات الأربع سنوات,, ورحل، لم أتوقع انه في ذلك اليوم كان يودع عندما لم يترك ابنته (سارة) لحظة واحدة فقد كان يضمها بصدره بطريقة غريبة وعجيبة فكان يوصي عليها وعلى مستقبلها وعلى وضع المولود الجديد! خرج بعد صلاة العشاء وتأخر في تلك الليلة على غير عادته فسبحان الله لم يخبرني أحد أنه مات لكني عرفت ذلك,, إحساس خالجني وأخبرني أنه مات! وفي تمام الواحدة بعد منتصف الليل يحضر أخي وأمي يخبرونني أنه مات بسبب حادث مروري مروع كان السبب فيه السرعة الجنونية والتهور.
للمعاناة ,, امتداد!
تقول (نورة القحطاني): نعم أتذكر ذلك اليوم الذي ذهب فيه أخي (محمد) البالغ من العمر خمسة عشر عاماً مع أخوالي لحضور حفل زواج في (وادي الدواسر) وأتذكر اللحظة الأليمة المفجعة التي جعلت أمي طريحة الفراش عندما سمعت خبر موت أخي محمد في حادث مروري,, كانت أمي تقول: بأعلى صوتها، (راح مني وهو في شبابه) تمر الأيام والشهور تمر السنين وأمي دائماً تنادي بصوتها الممتلئ بالأنين والشجن أجل لم يغادر محمد لحظة واحدة فكري فكان الله في عون أمي فكم أتمنى أن آخذ هذا الحزن منها رغم حزني الشديد.
من المستشفى إلى المقبرة
وتقول (أمل ناصر): قدم عمي من الرياض ومعه ابنه ذو الثلاثة عشر عاماً وهو في طريقه خرجت عليه سيارة من الجهة الأخرى لترتطم بسيارته عندما انقلبت السيارة واستقرت في أرض فضاء ليصاب عمي بنزيف داخلي ويصاب ابنه باصابات متفرقة في جسده وكسر في ساقه الأيمن,, نقل عمي وابنه إلى المستشفى (مستشفى الملك خالد بالخرج) والذين وللأسف لم يقوموا بالدور المطلوب لإسعافه فقد تركوه لمدة أربع ساعات على سرير في إحدى ممرات المستشفى وبعد عناء نقل إلى مستشفى الشميسي ولكن نتيجة الاهمال وعدم السرعة في إسعافه تدنت صحة عمي بعد أن ظل في غرفة العناية المركزة احد عشر يوماً فهذا الحادث الذي راح ضحيته عمي وأصيب علي إثره ابنه تجرعنا مراراته وعانينا فقد أب يعول أسرته التي انتظرته طويلاً لتتلقى الاتصال الذي خبرها بالحادث المروري لعائلها!
مصير عائلة
وتحكي (سارة فهد) مأساة أختها فتقول: استعدت أختي وزوجها للعودة من سفرها بصبحة أبنائها الخمسة ولكن قدر الله ألا تصل هذه العائلة سليمة فقد خرجت السيارة ذات الحمولة الثقيلة محملة بالحديد من مسارها ليدخل ذلك الحديد على أختي وعائلتها فكان الحديد مواجها لزوج أختي وخلفه ابنته الكبرى عندها تمزقت أشلاؤه هو وابنته وتوفيت على الفور ابنته الأخرى وأصيبت أختي وأبناها وابنتها بكسور في أجزاء متفرقة من أجسادهم ليخلف آثاراً جسدية نتيجة أخذ بعض من لحوم جلودهم ليتم وضعها في وجوههم فضلاً عما خلفه ذلك الحادث المروري الشنيع من آثار نفسية على جميع أقاربنا نتيجة ما حدث, رحمهم الله رحمة واسعة وألهم أختي الصبر والسلوان لما حل بها .
الأم وطفلان
بدموع حارقة وألم دفين يغلفهما إيمان بالله قوي قالت (أم عبدالله) من أين أبدأ؟ ومن أين أتحدث؟ وأي حزن أستطيع أن أتخلص منه؟ هل أحكي لكم عن ذلك اليوم الذي أدخلني في دهاليز من الحزن ولوعة الفراق الأليم؟! وأردفت قائلة: بعد صلاة العصر في شهر رمضان ذهب ابني (سعد) لغرفته كي يستريح قليلا فضلت في ذلك اليوم الذهاب إلى السوق في وقت العصر بدلا من الليل وزحمته كنت سأشتري (لسعد) حذاء للعيد وقد ألححت عليه أن يستيقظ ويذهب معي فكان يقول: ( يا أمي أتركيني أنام قليلاً) لكني أصررت عليه واتصلت بأمي وأخبرتها أننا سنذهب للسوق إن كان ترغب في الذهاب معنا وبالفعل ذهبت لكنها لم تكن تعلم أنها ستذهب ليومها الأخير! اتجهنا للسوق وكان ابني عبدالله هو الذي يقود السيارة بكل هدوء وتأن قابلتنا فجأة وبسرعة خاطفة سيارة كبيرة (تريلا) ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى أين أمي؟! أين ابني سعد؟! انتقلا إلى رحمة الله (سعد) عمره ثلاث عشرة سنة,, ماتت أمي ومات معها سعد, قاسمني الحزن أثقاله وتمضي سنة واحدة فقط على رحيلهما لأتجرع أمر حزن على وجه الأرض حينما فقدت أكبر أبنائي (عبدالله) الذي عمره 13 عاماً, سبحان الله في نفس الطريق والمكان الذي فقدت فيه أمي وابني (سعد) فعبدالله قبل سنة وكان يصبرني لكنه لم يكن يعلم ان الابتلاء هذه المرة أشد وطأة عليّ.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved