| مقـالات
من المزايا العديدة للثوب أن له ثلاثة جيوب، وبعض الثياب تجد كل جيب في داخله جيب، ففي الجيب العلوي يقبع جيب صغير للقلم، وفي الجيب الجانبي الاول جيب للهلل او السجائر، وفي الجيب الجانبي الثاني هناك جيب للبيجر، اما المساحة الباقية في الجيبين الجانبيين والتي تشبه المتاهة، ففيها مجال رحب لمجموعة من العِدد لا أول لها ولا آخر، فهي تأخذ أو تبتلع المحفظة والمفاتيح والسكرين لمن ابتلي بهذا الداء أو لهواة الرشاقة والمحافظة على وزن مثالي دائم، وهي للمناديل، كل هذه العِدد ضجيجها في الجيبين أكبر من حجمها، اذا قيست بالعلة الجديدة المسماة بالجوال او المحمول او الموبايل!
وأخلص من جيوب الثوب لأدخل في جيوب الجوال، وهي واسعة ومعقدة، أحياناً ترق وتصفو وأحيانا تتعكر، ولك ان تتخيل حالك وانت في خيمة اشبه بخيام صحراء بني عبس، وجاءك هاتف من ام العيال، وحالما تشرع في الرد عليه، تأتيك كلمة وتختفي عشر كلمات، هذا اذا كنت محظوظا اما إذا لم تكن كذلك فإن الهاتف يختفي ثم يعود ثم يغط في نوم عميق.
وبعض الهواتف تحتاج الى من يدللها، فقد لا يرق صوتها في غرفة معينة وعليك ان تخرج بها الى مكان آخر لتستطيع تلقي مكالمة، أو ارسال مكالمة والشيء الغريب ان بعض الناس لا ترق هواتفهم وتصفو الا وهم يتجولون في الاسواق او بالسيارة، رأيت ذلك كثيرا في الشوارع والمحلات وامام الجامعات والمقاهي، لكن بعض السوداويين الذين لا يريدون العمار والصحة الدائمة لهواتفنا المحمولة يقولون إن هذه الفئة من الناس تتظاهر بالحديث في الهاتف مع انهم في واقع الامر يحملون في ايديهم جثثا بلاستيكية لا هواتف ناطقة!
ولاننا قوم شكاؤون فإننا لا نتحدث عن حال الهواتف المحمولة في دول سبقتنا واخرى سبقناها بما فيها دول لا تجد الرغيف ولا الماء وربما ولا الهواء ومع ذلك فإن بعض افرادها يتجولون في ادغالهم وشوارعهم المتربة بالجوال، هذه الدول المتخلفة ومعها الدول الراقية لم تنته مشاكل الجوال لديها وابرزها عدم مرور المكالمات وتظاهر كبار القوم والفاتنات بالحديث في الجوال ليس لان مشاغلهم كثيرة وليس لان فلوسهم اكثر ولكن لأن العالم النامي مازال يعيش مهرجان الجوال والاحتفال به يقتضي حمله والحنو عليه ومناغاته وصرف كل الفواتير التي تأتي دون إبطاء، عكس ذلك الهاتف القابع في الركن الذي نتكلم بوساطته كثيرا ومع ذلك فان فواتيره تأتي على مهل وهي من التفاهة للحد الذي يدفعنا للنوم على سماعاته بالساعات!
|
|
|
|
|