أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 13th November,2000العدد:10273الطبعةالاولـيالأثنين 17 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

ما أكثر خطأ الذاكرة!
شكراً أبا بدر على وقوفك مع الأنثى
عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فقد قرأت مقال الأستاذ حمد القاضي في عدد سابق بعنوان (ماذنب هؤلاء النساء؟) تحدث فيه عن غضب الرجال من نسائهم اللائي يلدن الاناث ولا يلدن الذكور، حتى يصل الأمر بأحدهم ان يطلق زوجته لأنها ولدت البنات، أو يعلق طلاقها على انجابها بنتاً، وهذا جاهلية أو قريب منها.
فالعرب في الجاهلية كانوا يكرهون الاناث لأسباب:
1 اقتصادية: حتى انهم كانوا يقتلون الأولاد والبنات معاً خوف الفقر, قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم), وهذا السبب بالنسبة للبنات انتفى الآن فالبنت تعلمت وتوظفت وراتبها أكثر من راتب زوجها، وصارت تنفق على الأسرة التي أصبحت بحاجة إليها، حتى ان الأب والأخ والزوج يتوددون للمرأة العاملة لراتبها, ومن البنات الطبيبات والممرضات والمدرسات وموظفات البنوك والمحاسبات وعاملات الكمبيوتر إلى غير ذلك حتى اشتكى الذكور وطلبوا احالة الموظفات على التقاعد المبكر حسداً أو غبطة أو لشدة المنافسة، كما ان كثيراً من الاناث سيدات أعمال وصاحبات مؤسسات، قرأنا أسماء بعضهن على اللافتات أو في الصحف, وصار عمل البنت ادعى لكثرة طالبي الزواج منها.
2 أسباب تتعلق بالشرف: وهذا كان في الجاهلية وهو والله أمر فظيع فالبنات والاناث عامة أشرف من الذكور عامة، فالذين يرتكبون جرائم تتعلق بالشرف في أكثر المجتمعات من الذكور أكثر كثيراً من الاناث، حتى ان بعض الذكور يتفاخرون بما يرتكبون بين اصحابهم، وحتى أنهم أحياناً ليلاقون الاعجاب.
وقد وصل الأمر بضيق صدورهم بالاناث في الجاهلية إلى الوأد,, قال تعالى: (وإذا الموءودة سئلت, بأي ذنب قتلت).
3 أسباب اجتماعية: وهي مشكلات البنات مع أزواجهن فيما بعد كما يقول العامة: همّ البنات للممات وهذا غير صحيح فإن المشكلات بين الزوجين يمكن حلها بالأمور التي شرعها الإسلام من الوعظ والهجر في المضاجع والضرب غير المبرح مع تجنب الوجه ويكون الضرب بلا تشويه ولا إسالة دماء وأظن الضرب في أيامنا صار نادراً، والضرب المشروع لا يكون بعَجرة ولا بخيزرانة ولكن بعود أراك مسواك أو ما شابهه وهو عقاب معنوي.
فإن لم تُجدِ كل تلك الأمور يُلجأ إلى التحكيم قال تعالى: (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما)، هذا مع طلب أن يتقي الحكمان الله فيما يليانه من الأمور وعدم تدخل أهل الزوج أو أهل الزوجة إلا بالتي هي أحسن وألا يصبوا البنزين على النار بل يصبون الماء لإطفاء الحريق, فإن لم ينفع ذلك فأبغض الحلال إلى الله الطلاق، يُلجأ إليه طلقةً رجعية واحدة يمكن للزوج اعادة زوجته اثناء العدة بلا عقد ولا مهر، أما بعدها فبعقد جديد ومهر إلى غير ذلك من أمور فقهية.
ولا ننسى في هذا المقام عناية الإسلام بالنساء حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم حين وفاته أوصى بالصلاة وبما ملكت الأيمان, وكان عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع قد قال: استوصوا بالنساء خيراً .
وفي حديث شريف جميل: من كانت له ابنة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها، وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له ستراً من النار
وكل ما كتبت فيما سبق لم يكن الدافع للكتابة وانما الذي دفعني إليها شعر كتبه الأستاذ حمد في مقاله المذكور في بيتين شجيين صادقين :


ما لأبي حمزة لا يأتينا
زعلان ألا نلد البنينا
والله ماذلك في أيدينا
إنما نلد ما يوضع فينا

ولي على هذا الكلام ملاحظات:
1 ان حزن المرأة هذه اقتصادي فلو كان لها معيل أو كانت أبلة أو دكتورة ما حزنت ولا جزعت، بل قالت: من أحبنا أحببناه ومن كرهنا كرهناه.
وطرفةٌ تروى بهذا المقام، قالوا: ان رجلاً جاء إلى بيته من السوق فوجد امرأته في وسط الدرج السلم فقال لها: أنت طالق ان نزلت وطالق ان صعدت وطالق ان وقفت، فألقت بنفسها اجتهادا حتى لا يقع عليها الطلاق, وقد علق أحد الظرفاء قائلا: لو كنت مكانها لقلت: (,,,,) اعمل ما تريد ونزلت ماشية.
2 ان ما سماهما بيتين هما أربعة أبيات، لأن هذا النوع من الشعر يسمى الاراجيز وبحره يسمى مشطور الرجز، وما نراه شطراً هو بيت كامل, فبحر الرجز يسمى (حمار الشعراء) وله مجزوء (4 تفعيلات) ومشطور وهو الاراجيز (3 تفعيلات بيت كامل) و(منهوك تفعيلة واحدة) وهذه أمثلة عليه:
الرجز الكامل مثل:


والناس ألف منهم كواحدٍ
وواحد كالألف ان أمرٌ عنا

و:


كلامنا لفظ مفيد كاستقم
واسم وفعل ثم حرف الكلم

ومجزوء الرجز مثل:


أعطيته ما سألا
حكّمته لو عدلا
وهبته روحي فما
أدري به ما فعلا

ومنه المشطور الذي منه الأبيات موضوع كلمتنا، وهذه الأبيات في وصف العنب الرازقي:


ورازقيٍّ مخطَف الخُصورِ
كأنه مخازن البلورِ
قد مُلئت مسكا إلىالشطورِ
وفي الأعالي ماء وردٍ جوري
لو أنه يبقى على الدهورِ
قرّط آذان الحسان الحور

(أي استُعمل حَلَقاً أو قُرطاً في الاذن أو خُمخُمة ).
أما المنهوك فمنه:


سمعت شعراً
للعند ليبِ
تلاه فوق ال
غصن الرطيبِ
إذ قال: نفسي
نفس رفيعة
لم تهوَ الا
حسن الطبيعة

,,,,, الخ
3 وجدت النص في العقد الفريد (مجلد 3 مكتبة الرشد الرياض ص484) هكذا:


ما لأبي حمزة لا يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان الا نلد البنينا
وانما نأخذ ما اعطينا

ووجدت النص في كتاب (من القائل؟) للشيخ عبدالله بن محمد بن خميس (ج3 ص47) هكذا:


ما لأبي حمزة لا يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان الا نلد البنينا
تالله ماذلك في أيدينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
وباختيار الله قد رضينا

وأنا أحفظ هذه الأبيات منذ كتاب القراءة في الاعدادي هكذا:


ما لأبي حمزة لأ يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا

,,,الخ
ولكن في آخر النص:


ونحن كالأرض لزارعينا
نحصد ما قد بذروه فينا

أو شيئا مثل هذا.
4 الأستاذ حمد استعمل كلمة (زعلان) بمعنى (غضبان) وهي بهذا الاستعمال كما في المعجم الوسيط مولدة وإنما أصل معناها زعل: بمعنى نشط.
5 البيت الأخير كتبه الأستاذ حمد هكذا:
إنما نلد ما يوضع فينا وهذا لا علاقة له بالشعر ألبتة, فلولا رجع أديبنا الكبير إلى مرجع يسعفه بدل الاعتماد على الذاكرة التي ما أكثر ما تخطئ.
6 أخيراً ذكرتني هذه الملاحظات بقول من قال:
خَسَن وخُسين بنات معاوية .
هذا مع شكري للأستاذ حمد وقوفه مع الأنثى، وشكري للجزيرة الصحيفة الضافية وصفحتي عزيزتي الجزيرة الصافية والقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved