| محليــات
اعتادت المدينتان المقدستان مكة المكرمة، والمدينة المشرفة على استقبال الزوار من كلِّ فجٍّ وقصيٍّ في مثل هذه الأيام قبل شهر رمضان المبارك,,,، حتى يتحول المشهد إلى ما يشبه يوم الحج الأكبر,,.
ولهذين المسجدين في هاتين المدينتين نظامهما الذي يؤكد على جهود متميزة من قِبل المشرفين عليهما,,,، لكن يبدو أن هناك مايحتاج إلى تبادل الرأي,,, ذلك لأن زحف الزوار، وعدم وعي غالبيتهم بلغاتهم المختلفة يعكس بعض الصور التي تحتاج إلى مثل هذا التبادل في الرأي,,,
في زيارتي القائمة للمدينة المنورة شعرت بسعادة بالغة لاستيعاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدد لايكاد يحصى من النساء، ومثيله من الرجال عند ملاحظة ذلك السيل العرم عند ساحات المسجد قبل الصلاة وبعد انقضائها,,.
ولا يكاد يتحرك الناس إلا وتعود للمسجد، ولساحاته نظافته الشديدة، مما يؤكد الحرص والدأب والإشراف الدقيق,,.
وفي داخل المسجد يوجِّه الإمام وفَّقه الله إلى مساواة الصفوف واعتدالها، لكنَّ كثيراً ممن لا يعرفون العربية لايفعلون، مما ينمُّ عن عدم معرفة غالبيتهم بأصول القيام والصلاة ومساواة الصفوف واعتدالها,,,، وإن أراد المرء التَّوجيه لذلك، لا يتمكن، لكثرة الصفوف المقتصرة، ولأنه في الحال هذه سيفقد الصلاة مع الجماعة إذ لا يدركه الوقت,,.
وفي داخل المسجد عند الجزء المخصص لزيارة النساء، وللصلاة في روضة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، هناك من الازدحام ما يُذهب الخشوع، ويضيِّع على المصلي والزائر الهدوء المطلوب في أدب التعامل مع الموقف، لأن غالبية المصليات من غير العربيات أو من فئات منهن لا يعرفن أصول الصلاة أو التعامل في هذا المكان المقدس من جهة، فيزدحمن، ويتكدسن، ويضيع الوقت في التناكب، والازدحام ومحاولة كل واحدة من المئات الوصول إلى موقع الصدارة,,.
ولأن المكان ضيق، وليس فيه اتجاه دخول وآخر خروج، فإن قوة جسدية لا بد أن تتمتع بها حين ترد هذا المكان وإلا أصيبت بالسقوط إغماءً تحت الأقدام، أو التَّرنُّح بين أيديهن يميناً وشمالاً، وأماماً وخلفاً، أو دُعست إن هي تصلي بين هذا الحشد، ناهيك عن الطريقة التي يتم فيها إخبارهن بموعد انتهاء الزيارة، وضرورة مغادرة المكان لدخول وقت الصلاة,,, إذ يُدفعن بالصوت، وبالحواجز الحديدية التي توضع للحيلولة دون أبواب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره,,.
ولا يكفي عندها ما تتعرض له الزائرات من دهس بالأقدام، أو بعجلات عربات المقعدات من المصليات في الروضة الشريفة أو الزائرات، فيتدافعن في اتجاهين متعاكسين بقوة الدفع الإضافية من قِبل الإخوة الأغوات ,,.
ومثل هذا المشهد يمس جانب التأدب مع الموقف والمكان وإن كان يستدعي لشدة الازدحام لكن يمكن التفكير في طرق أخرى لعلاجه بالهدوء الذي تحلى به من يسكن بجواره صلى الله عليه وسلم.
غير أن هذه الأمور لا تقلل من الإعجاب الشديد بنظام المسجد، وبعمل من يعمل فيه من الأخوات المشرفات إذ جميعهن عند الأبواب، وبين المصليات والزائرات، وفي الروضة الشريفة عند تكدس الأفواج يتحلين بأخلاق عالية، وتعامل جيد، فهن جميعهن يوجهن بهدوء، ويتابعن بصمت، ويتحركن بين الجموع دون أن يحدث منهن ما يعطي صورة غير الصور الجميلة والمؤثرة.
إذ شاهدت تعاونهن مع المسنات، ومحاولة احتواء موقف امرأة سقطت قبل إقامة الصلاة في فجر يوم الخميس الماضي متوفاة أمام القبلة، وكان يمكن أن يحدث هذا الموقف فوضى غير أنه جاء بهدوء، وإيمان مطلق وتوجيه واعٍ لمن حولها,,.
إنني أقترح التالي:
أن يكون موقع الزيارة والروضة للنساء ذا اتجاهين للدخول والخروج,,, وأن يحدد لكل مصلية أو زائرة زمن يسمح للبقية من العبور وإتاحة الفرصة لغيرها وعلى وجه الخصوص في المواسم التي يكثر فيها العدد.
أن تكون بين المصليات مرشدات إلى كيفية الصلاة الصحيحة باللغات المختلفة، والتوجيه إلى مفهوم وعملية ضبط الصفوف ومساواتها عند قيام الصلاة.
أن يتم إخراج المصليات في الروضة الشريفة وعند موقع الزيارة بالبدء بتحريك المجموعات ليس من داخل الموقع وإنما من بدايته حتى لا يتم التناكب والتزاحم الذي يضر بالمسنة، والعاجزة، والضعيفة، ويتيح للمقتدرة التحرك بالدفع أو إلحاق الضرر بغيرها,,, فالازدحام لايفض بالدفع وإنما بتحريك المجموعات عند المداخل أولاً بأول, وبأسلوب هادىء وبعدم استخدام الحواجز الحديدية.
ثمة ما يدعو إلى تقديم التقدير الشديد للجهود الكبيرة في جعل المسجدين المقدسين في صورتيهما النظيفة والمنظمة مهما كانت من ثغرات يفرضها الموقف وتفرضها عدمية وعي الكثيرات والكثيرين ممن يأتون بلغات لا تساعد المشرفات أو المشرفين على التفاهم معهم.
لكن يظل لكل مجتهد نصيب,,,، ويظل طموحنا كبيراً في تلافي الصغيرة قبل الكبيرة من الأمور, جعل الله للجميع وفق اجتهادهم الأجر والثواب.
|
|
|
|
|