| القرية الالكترونية
جال في خاطري أن أبحث في مواقع الإنترنت عن صورة تشخيصية يمكنني من خلالها الوقوف على حال المواقع الإسلامية على الإنترنت ودورها في خدمة متصفحي الإنترنت من شتى أنحاء العالم ومن مختلف العقائد والثقافات, وقد وجدت أن ما ينتظر جيلنا من عمل يفوق ما يتصوره الكثيرون, فلا يزال النقص الواضح يعتري هذه الخدمات رغم ما تم إنجازه وما تستمر المواقع المختلفة في تقديمه من خدمات لزوارها.
وحين أتحدث هنا عن المواقع الإسلامية، فإنه لا ينتظر مني الثناء على ماهو قائم، بل البحث عن المناقص وإبرازها لأننا حين نعمل لوجه الله، لا ينبغي أن نبحث عمن يثني على ما قمنا به، بل من يدلنا على سبل إتقانه, وسيكون تناولي لهذا الموضوع موزعا في عدة أحاديث.
ففي يوم من الأيام، التزمني أحد الإخوة المسلمين الأمريكان بسؤال حرت معه ولم تسعفني بضاعتي من العلم الشرعي للرد على ما يسأل عنه، فأرشدته إلى عدد من المواقع الإسلامية التي يعمل عليها من يوثق بعمله وأمانته، فكتب العناوين وانصرف, غير أنني تلقيت منه بريدا إلكترونيا بعد أيام يفيدني فيه بأن أحدا لم يرد على أسئلته في المواقع التي أرشدته إليها, فعجبت لذلك الأمر وتوثقت من أنه زودهم بكل المعلومات المطلوبة للاتصال به، ومع ذلك لم أفلح في التعرف على سبب لعدم الرد على سؤاله, حينها، قدمت إليه رقم هاتف معهد العلوم العربية والإسلامية وأشرت عليه بأن يتصل بأحد العلماء العاملين في المعهد ليفيدوه بما يود السؤال عنه، وهو ما تم له بحمد الله, ولكني توقفت طويلا عند تلك الحادثة لأبحث عن مبرر لعدم ورود رد على تساؤلات هذا السائل في تلك المواقع, فكثير من المسلمين يبحثون عن أي سبيل للوصول إلى العلماء الموثوقين ليستفتوهم فيما يشكل عليهم، لكن مواقع الإنترنت الإسلامية لا تزال بعيدة عن الدور الحيوي التفاعلي الذي ينتظر منها القيام به في ظل شدة الطلب على خدماتهم على الإنترنت وضعف نشاط أهل العلم الموثوقين على أثير الإنترنت.
ولأن حياة الموقع في حيوية القائمين عليه، فإن الموقع الذي ينشط القائمون عليه في الاستجابة لأسئلة زوار الموقع وطلباتهم، وأنا هنا أتحدث بوجه أخص عن مواقع الفتيا، فإنه سيحظى بالقبول الأوسط والإقبال الأكبر بين غيره من المواقع، وهو و لشديد الأسف ما لم أجده في أيٍّ من المواقع الإسلامية المعروفة بتقديم هذه الخدمة على الإنترنت، مع شديد الاحترام لمن يقوم على تلك المواقع, فالسؤال الذي يبعثه الزائر يظل فترة طويلة حتى يستجيب له أصحاب الموقع، وإن فعلوا فإن ذلك يتم بعد زوال الحاجة لدى السائل, وفي ظني أن الطريقة التي تدار بها المواقع الخدمية من هذا النوع تحتاج إلى إعادة نظر, فرغم أن العمل خيري، إلا أن إدارته تحتاج إلى محترفين يكسبون رزقهم من خلال العمل على مثل هذه المواقع, وقبل أن يتحول العمل في تلك المواقع إلى احتراف، فإن الاهتمام لن يكون على الوجه المطلوب، بل سيخضع لحماس القائمين عليه والذي يخضع لعوامل الفتور والكلال.
وقد قمت بدراسة نشاط أحد المواقع الإسلامية، فقمت بزيارته مرارا ورصدت جوانب تصميمية وتحديثية وإدارية في الموقع لتقييم عمله، ومن ثم تقديم النتائج لإدارة الموقع لتلافي السيئ منها وتعزيز الجيد من جهة أخرى, ولدى اتصالي بالقائمين على الموقع بشكل شخصي، واطلاعي على طريقة إدارة خدمات الموقع، لم أجد عندها ما يثير الدهشة حيال هذا الضعف الواضح في خدمات الموقع.
فالأسئلة التي ترد الموقع، يتم طباعتها ثم تسليمها للمفتين ليقوموا بالرد عليها، ويتولى آخرون تحريرها ثم إحالتها إلى القائمين على الموقع لبثها على صفحات الموقع, وكل ذلك كان يتم بطريقة يدوية، إضافة إلى أن العاملين على الموقع يعملون في مدن مختلفة, فأنى لموقع مثل هذا أن ينجح، وأنى له إن نجح أن يستمر في النجاح؟ فهذه الطريقة التقليدية لاتتناسب وشدة الحاجة ومستوى الإقبال، وما لم يتم تطوير العمل ليصبح أكثر ديناميكية وسرعة، فإن أهداف المواقع من هذا النوع لن تتحقق بالشكل المطلوب, ولا يزال لهذا الحديث شجون، فلعلي أتناوله مرة أخرى لأهميته.
khalid@4u.net
|
|
|
|
|