| الاقتصادية
تابعت حواراً فضائياً حول عمل المرأة بالقضاء وجاء كعادة أي حوار عربي عن المرأة غنيا بشعارات التقدم والتخلف، فالشعب الذي يسمح للمرأة بالعمل في أي مجال شعب متقدم والشعب الذي يعارض عملها في بعض المجالات شعب متخلف.
غير أن من يقول ذلك لا يعرف معنى التقدم والتخلف، فالتقدم أنواع: منه ما هو مادي يتعلق بالانتاج ومنه ما هو فكري يتعلق بالحوار ومنه ما هو إنساني يتعلق بالسلوك, فالشعب إن كان منتجا كان متقدما حتى لو لم يوجد من نسائه من هي نائبة أو وزيرة أو سفيرة، والشعب ان كان مستهلكا كان متخلفا حتى لو كان نصف نسائه نائبات ووزيرات وسفيرات.
ومن يقول غير ذلك عليه أن يرى ما إذا كانت بنجلاديش قد أصبحت ألمانيا أو أن سريلانكا قد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية لمجرد أن المرأة أصبحت رئيسة للوزراء؟
الواقع أن التخلف المادي في الكثير من الدول يجعل قضية المرأة القيادية أو التي تزاحم الرجل في كل مجال مجرد امرأة للتباهي ولا علاقة لها بالتقدم المادي, فهل حققت المناصب الوزارية والسياسية التي شغلتها المرأة في بعض البلاد العربية التقدم الحقيقي؟
ابدا ذلكم أن التقدم المادي لا تحققه المساحيق الاجتماعية وانما نهضة انتاجية فعلية تشمل الرجل والمرأة في أي موقع وأي مجال.
انه من السهل على أي مجتمع أو شعب أن يدعي أنه أصبح حضاريا متقدما بمجرد أن يقدم سفيرة أو وزيرة ويظهرها على شاشة التلفزيون باسم تقدم المرأة وتطورها ونجاحها وبالتالي نجاح الشعب وتطوره وتقدمه، لكن تلك المجتمعات وتلك الشعوب بقيت ترزخ تحت وطأة التخلف الاستهلاكي بكل مظاهره ومساحيقه ومنها امرأة التباهي التي يطل من خلالها الزعيم ليقول للعالم: انظروا التقدم الذي حققته لبلدي فلدينا نائبة وسفيرة ووزيرة!!
وسوف أتجاوز النوع الثاني من التقدم وهو الفكري مجتمعات وشعوب امرأة للتباهي أبعد ما تكون عنه بدليل ما يحدث في أي حوار عن المرأة نفسها من مصادرة للرأي باسم التقدم أو التخلف.
أما النوع الثالث وهو التقدم الإنساني فإن البشرية كلها تتراجع فيه لأن التقدم المادي ينهش الروح الإنسانية الأخلاقية يوما بعد آخر.
وبالنسبة للمرأة على وجه التحديد فإن الأمر يزداد سوءاً عاماً بعد آخر وفقاً للتقارير الدولية حيث ينمو التسلط والاستعباد في الدول المتقدمة مادياً ويكفي ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية حين استغل الرئيس سلطته لاخضاع متدربة في البيت الأبيض لرغباته، وعلى المستوى العربي لا تستطيع امرأة التباهي ان تحجب حقيقة المرأة المطحونة في الشوارع العربية ولا المرأة المستغلة في صالونات العرض والطلب,, فأي تقدم يتحدث عنه هؤلاء؟
هل هو امرأة التباهي؟
إن التقدم المنشود يتحقق من خلال حركة اجتماعية وإنسانية متكاملة تساهم فيها المرأة العاملة المنتجة وهو ما لا يستطيع المتباهون المثرثرون الوصول إليه.
وأخيراً دعوني أزعم أن المرأة العربية في الريف أكثر انتاجية وإنسانية من مساحيق المدن وصالوناتها.
|
|
|
|
|