| العالم اليوم
العالم كله يعرف ان اسرائيل قد استخدمت في الماضي، وما زالت تستخدم القتل والتعذيب وكل مخالفة ضد حقوق الانسان في تعاملها مع الشعب الفلسطيني المصاب باحتلالها, جميع مؤسسات حقوق الانسان في العالم تعرف ذلك جيدا وكتبت عدة تقارير بذلك, ولا حاجة الى التمطيط في هذا المجال، وإلا نحتاج الى كتابة مجلدات من الادلة والحقائق لنفصح عن بعض الحقيقة.
إلا انه لم يخطر، ولو بحلم مرعب، في بال هذا الباحث، ان الولايات المتحدة الامريكية، التي جعلت، ولو اعلاميا استراتيجيتها العالمية، وعلاقاتها الدولية، مرتكزة على حقوق الانسان لا قولا وحسب بل وعملا، كما فعلت في أزمة كوزوفو قبل اشهر قليلة هي امريكا التي نصحت مؤسستها الشهيرة )Centre for Strategic and International Studies( أو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قادة السلطة الفلسطينية في تقريرها الاخير ان يعاملوا بلا رأفة معارضي اتفاقية اوسلو حتى باستخدام القوة الزائدة او المحاكمات بغير اصول القانون وكذلك (اساليب التحقيق التي تصل الى حدود التعذيب النفسي أو/ والتعذيب البدني).
لولا قرأتها في جريدة الاندبندنت البريطانية بقلم الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك لما صدقتها، فأنا وحتى قرأت هذه الحقائق كنت من المعجبين جدا بموقف امريكا من حقوق الانسان، ولو كنت معارضا بشدة لعهد الرئيس كلينتون ومواقفه من الجرائم الوحشية الاسرائيلية ضد حقوق الشعب الفلسطيني الانسانية, يقول روبرت فيسك في مقاله يوم 6/11/2000م في التقرير الذي قدمه الامريكي الصهيوني لأنثوني, إش, كوردزمان: Anthony, H. Cordesman.
يقول التقرير بأنه حتى لو تبع السلام (الانتفاضة الثانية) سيضطر الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني الى القيام بعمليات امنية هجومية لسنوات عديدة قادمة لها ثمن غال في حقوق الانسان وبالمقارنة يضيف التقرير بأن قوات الامن البريطانية في ايرلندا الشمالية وازنت بين ما سمته (الامن المؤثر) وبين حقوق الانسان, ولقد استخدم البريطانيون القوة الزائدة وخالفوا حقوق الانسان، واستخدموا وسائل التعذيب في التحقيق.
وتدل حقيقة ان تاريخ ذلك التقرير هو يوم 18 تشرين أول 2000م وانه تقرير يشير الى سلطة الاستخبارات المركزية CIA والى وزارة الخارجية الامريكية والى الحقيقة ان التقرير قد وزع بانتشار كبير في اوساط الحكومتين الاسرائيلية والامريكية تحت عنوان (السلم والحرب: اسرائيل مقابل الفلسطينيين يفصح عن انحيازه لإسرائيل بجلاء اذ يلقب الفلسطينيين الذين يستخدمون الحصى دفاعا عن حياتهم ا(الارهابيين) ويلقب غلاة المستوطنين (المتطرفين) ولا يلقب الجيش الاسرائيلي سوى جيش الدفاع الاسرائيلي.
ويقول التقرير بكل وضوح وبرود ليس من صفات الانسانية، ويعفو عن جرائم استخدام اسرائيل للرصاص وقنابل الغاز CS ضد الاطفال الذين يرمون الحصى:
ليست مؤثرة في منع مجموعات كبيرة ولا يستطيع الجنود (طبعا يعني الاسرائيليين) السماح للغوغاء المسلحين بالحصى )stones( وكوكتيل مولوتوف ان يقتربوا من مواقعهم او الاعتماد على تفريق المظاهرات .
وفي قسم آخر من التقرير الملوث بسم الحقد والضغينة على الشعب الفلسطيني وتحت عنوان: الحاجة الى عدم رأفة السلطة الفلسطينية ومقدرتها يقول المستر كورديزمان:
لن يكون هناك سلام في المستقبل ولا عملية سلمية مستقرة اذا لم تعمل قوات السلطة الفلسطينية دون رأفة وبمقدرة, يجب ان يكون رد الفعل لديها سريعا وحاسما ضد الارهاب والعنف اذا ارادوا المحافظة على انسحاب اسرائيل وتوسع السيطرة الفلسطينية وعملية السلام.
يجب ان يمنعوا العنف المدني حتى ولو كان ذلك باستخدام القوة الزائدة احيانا عن الدرجة المستخدمة من قبل الشرطة الغربية (يعني شرطة اوروبا وأمريكا) ويجب ان يمنعوا اعمال الارهابيين حماس والجهاد الاسلامي حتى ولو يعني ذلك التحقيق والسجن والمحاكمة بسرعة وبدون استخدام اصول المحاكمات القانونية, واذا لم يفعلوا ذلك فسيكون الثمن لكلا السلام وحقوق الانسان لغالبية الفلسطينيين مدمرا.
من يقرأ مقال روبرت فيسك بانتباه لا يمكن ان يغفل عن حقيقة ان اللوبي الصهيوني اقدر لوبي في امريكا، يقوم بعملية نفسية خطيرة جدا ضد الشعب الفلسطيني ذلك لأنه لا يكتفي باستخدام الطلقات البلاستيكية والرصاص الحي وجحيم نار الرشاشات ومدافع الدبابات وقنابل الغاز وصواريخ المروحيات الاسرائيلية من قبل الجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني دون تمييز بين نسائه وأطفاله وشيوخه ورجاله مما ادى الى قتل 175 شهيدا وجرح اكثر من ثلاثة الاف فلسطيني, وان الحكومة الامريكية تتجاوب مع ذلك اللوبي بواسطة اولبرايت وبيرغر وغيرهما في البيت الابيض بل يريدون اكثر من ذلك وفوق ذلك ان يحرضوا السلطة الفلسطينية والشرطة الفلسطينية وأجهزة الامن الفلسطينية ضد الشعب الفلسطيني لصالح اسرائيل والدفاع عن جنودها ضد حصى الاطفال، بالتعذيب والسجن والحرمان من حقوق الانسان واستخدام القوة الزائدة ضد الشعب الفلسطيني الامانة المقدسة في عنق كل مسؤول فلسطيني.
يا للعار,,,!
لقد اصبح الحض على (انعدام الرأفة) استراتيجية أمريكية اسرائيلية يدعو لها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الامريكي.
يا للعار,,,!
بهذا الحال يغادر الرئيس كلينتون البيت الابيض مورثا هذا الوجه البشع لخلفه فوق ذكريات لوينسكي ,, فأي عهد بشع يترك خلفه.
يا للعار، اي فارق كبير ذلك بين الرئيس الراحل ايزنهاور بطل الحرية المقاوم للعدوان والرئيس كلينتون,,,,, الذي يصعب على من يتمسك بأدبه ان يصفه.
|
|
|
|
|