غاب قرد فجاء شر القرود
ذات يوم محملا بوعود
يدعي الصدق من لسان كذوب
ويواري طبع الخسيس اليهودي
ينثر الود والصفاء لقوم
يحسبون السراب فيض الرعود
لهثوا خلف كل وغد دعي
وتمادوا في صبرهم للقيود
واشتروا السلم رافعين الأيادي
وتناسوا عمدا مقام الشهيد
أي سلم يبيت سلما ويضحي
وهو حرب على السليب الطريد؟!
أي وعد قد صير الطفل شيخا
يرقب الفجر من زمان بعيد؟!
أي أمن قد قيد الحر حتى
صار عبدا يرجو عطاء الحقود؟!
حالنا اليوم تشتكي الأرض منها
زلزلت حين ساء حال العبيد
أين ماض للمسلمين تولى
أبيض الوجه صامد كالحديد؟!
مشرق كالصباح في كل أرض
ضوؤه قاهر ظلام الوجود
مفعم بالحياة يعلو إلى المج
دِ أبيّا لم يستكن للركود
شامخ كالجبال يزداد عطفا
كلما مر بالمعنّى الشريد
طائر في الفضاء يسمو جلالا
عابر لا يخاف قيد الحدود
منجد المستغيث في كل ارض
حين يأتيه صوت أم الوليد
ومجيب إذا يناديه يوما
صارخ في الوغي لصوت البريد
برجال خاضوا بحور المعالي
وغرقنا في وسط بحر مديد
قد بنوا للشموخ أعلى صروح
وأرانا لم نبن بيت القصيد
خطب تشتكي المنابر منها
صاخبات بالشجب والتنديد
والبيانات هزت الخصم حتى
نام ملء الجفون نوم الرقود
نم قريرا فإن قومي عليهم
جبة الذل فوق فرش جديد
خدرتهم تلك الوعود فناموا
وارتضوا العار من لئيم جحود
وتعاموا عن الحقيقة لما
ارهفوا السمع للعنيد العنيد
ألفوا الذل والهوان فكادوا
ان يقولوا للذل هل من مزيد؟
كما أبصروا سرابا لسلم
ركضوا يرتجون زيف البنود
فتراهم وقد غدوا ثم عادوا
بعد لأي كظامئ وسط بيد
امتي قد قسوت لكن قلبي
نبض حزن وليس من جلمود
أمتي ما عقمت لكن فينا
ألف باغ وخائن مستفيد
كم شعوب قد كُبلت وهي تغلي
حين صارت أحرارها كالعبيد
أين مليار مسلم ما أفاقوا
هل تناسوا مسرى النبي المجيد؟
هل أقاموا على الملاهي فتاهوا
في ضلال ما بين خد وجيد؟
هل غدا المال همهم فتناسوا
بذله في فداء أهل الصمود؟
ان قلبا لم تقتحمه المآسي
لهو قلب مجلل بالبرود
رب فرد من أمة وهو فيها
صاحب الحس والضمير البليد
في زمان قد أصبح الظلم فيه
عند قوم مكللا بالورود
هل رأيتم محمدا (1) حين يأوي
لجناح العدو زهيد؟
لم يجد من يظله غير كف
لم تصافح يد العدو اللدود
تلك كف سمت على ألف كف
من يساوي بيض الكفوف بسود؟
صاح لم يسمعوا أشار بدمع
هاطل فوق شاحبات الخدود
لم تجبه سوى رصاصات غدر
من شقي إلى شهيد سعيد
فهوى الرأس شامخا في إباء
وتهادى إلى جنان الخلود
ان رأسا ما ذل يوما لخصم
لكريم معزز في اللحود
آه لو ان في يديه سلاحا
لرأيت الطغاة مثل الحصيد
أيها المسجد الشريف سلاما
يوم لقياك عندنا يوم عيد
صورة البغي حولك اليوم تدمي
كم مصل محاصر بالجنود؟
كم طغت في رباك أيدي الأعادي
كم تعالت عليك أيدي الحشود؟
كم أهانوا قدسية البيت عمدا
كم أقاموا أمامكم من سدود؟
كم أذلوا في حربهم من عزيز
كم تصدوا لركع وسجود؟
إيه يا فتية الحجارة صولوا
انطقوا الصخر من أكف الأسود
علموا البغي ان فينا صلاحا
ولدينا كخالد بن الوليد
زلزلوا الأرض تحت أعداء ديني
واغرسوا الرعب في قلوب اليهود
ان تكن أمس كبلتكم عهود
فلقد آن نقضكم للعهود
سوف يأتي بقوة الله يوم
فيه للغاصبين شر الوعيد