| عزيزتـي الجزيرة
الغرب الآن في حالة مضطربة متأرجحة، بالرغم من انه وصل الى درجة المدنية والتقدم، الا انه ما زال يعاني من فراغ روحي خاصة وعالم اليوم يجتاحه طغيان المادة، والتسابق المحموم على صنع الأسلحة الفتاكة، والتكالب الدولي على السيطرة والتسلط، وتوالي الحروب والصراعات والمصائب والأزمات.
ومن ثم بدأ الغرب يفتش عن ضالته التي فقدها، ويبحث عن طريق النور والعدالة التي فيها سعادته وهناؤه.
لقد بدأ الغربيون يعيدون في كل شيء، واقبل الناس من مختلف أنحاء الدنيا على الدين الاسلامي، برغبة قوية وقناعة أكيدة وايمان راسخ، وكان اهتمام الغربيين قويا، ذلك لأنهم يرون فيه المخلص من الآلام النفسية، والتردي الاجتماعي، والظمأ الروحي.
ولعل أفضل ما نقدمه لتأكيد حقيقة ان الغرب يسير نحو الدرب، هو اعترافات أولئك الغربيين على اختلاف جنسياتهم ودرجاتهم العلمية ومستواهم الفكري، حيث تمثل هذه الاعترافات شهادات حق، وحقائق صادقة، ومقولات مبرهنة على ان دين الاسلام هو الدرب الصحيح الذي يبنغي أن يسلكه الغرب ويرتضيه.
ومن هؤلاء الغربيين ما يلي:
1 ارشبيولد هاملتون: حيث يقول: يحرم الاسلام المقامرة على المسلمين أو الانغماس في كل ما يعتمد على الحظ والصدفة، ويحرم الخمور، ويحرم الربا الذي طالما كان سببا في كثير من المآسي التي عانى منها الجنس البشري,,, .
2 غرينيه: حيث يقول: تأملوا كيف نهى الله عز وجل عن التبذير وأمر بالاقتصاد وأثنى على أهله فقال عز وجل: ولا تبذر تبذيراً، ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين,,, الاسراء 26 27.
كما أشار في سورة النساء الى فائدة اقتصادية عظيمة نبه بها الى ان ثروة الأفراد وهي في الحقيقة ثروة الأمة، من حيث تكافلهم، وتشريعه الحجر على السفهاء، كي لا يضيع مجموع ثروة الأموة بتبذير أفرادها، وان المال قوام الأمة لا يصلح شأنها بدونه، وذلك في قوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً,,, النساء 5.
ويوصي الله تعالى بالاعتدال فيقول سبحانه: ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسوراً الاسراء 29.
ويقول كذلك غرينيه: وليست المسائل الاقتصادية في القرآن بأقل من المسائل الاجتماعية، ألا ترون كيف نص على تحريم الفواحش الثلاث المضادة للفطرة والمخربة للديار والمذهبة للثروة والمثمرة للبغضاء والحسد والكراهية، وهي الزنا والخمر والقمار,,, .
3 ويسلو زيجريسكي: حيث يقول: لقد أدهشتني النظم الاجتماعية التي يقررها الاسلام، وعلى الأخص الزكاة، وتشريع المواريث، وتحريم الربا، بما فيه من فوائد رأس المال,, وفي كل هذه الأحوال ضمان لسلوك السبيل المستقيم الوسط بين الرأسمالية والشيوعية، ووضع الأسس الثابتة للاسلام الحقيقي، كما تقبله العقول، ورسم للطريقة المثلى لتحقيق التضامن الأخوي بين المسلمين,,, .
4 ليون روش: يقول: ان هذا الدين دين الاسلام الذي يعيبه الكثير أفضل دين عرفته، فهو دين انساني، طبيعي، اقتصادي، أدبي، ولم أذكر شيئا من قوانيننا الوضعية الا وجدته مشروعا فيه، بل انني عدت الى الشريعة التي يسميها جول سيمون الشريعة الطبيعية ، فوجدتها كأنها أخذت عن الشريعة الاسلامية.
وقد وجدت فيه الاسلام حل المسألتين الاجتماعيتين اللتين تشغلان العالم: الأولى: في قوله تعالى: إنما المؤمنون اخوة فهذا أجمل مبادىء الاشتراكية، والثانية: فرض الزكاة على كل ذي مال,,, .
5 روجيه غارودي: حيث يقرر ان المسالة الأساسية لعصرنا هذا ليست هي الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، التي تسعى كلاهما الى الهيمنة واستغلال الآخرين، بل ان المسألة هي في ايجاد مجتمع يتعدى الفردية المشوهة، ويتعدى ايديولوجية التقدم، انها في بناء مجتمع أخلاقي تجمع بين البعدين الأخلاقي المتسامي وبين مفهوم الأمة.
لقد حطم الاسلام الامبراطوريات القائمة في زمانه ليس بقوة السلاح فقط، وانما بقوة الدعوة الاسلامية,,, .
6 دوكلاس آرثر: يقول: لو أحسن عرض الاسلام على الناس لأمكن به حل كافة المشكلات ولأمكن تلبية الحاجات الاجتماعية والروحية والسياسية للذين يعيشون في ظل الرأسمالية والشيوعية على السواء,,
فقد فشل هذان النظامان في حل مشكلات الانسان, أما الاسلام فسوف يقدم السلام للأشقياء، والأمل والهدى للحيارى والضالين، وهكذا فالسلام لديه أعظم الامكانات لتحدي هذا العالم وتعبئة طاقات الانسان لتحقيق أعلى مستوى من الانتاج والكفاية,, .
7 كوفهي لال جابا: يذكر ,,, ان الاسلام بوسعه تلبية كافة حاجات الانسان في العصر الحاضر، فليس هناك أي دين كالاسلام يستطيع أن يقدم أنجح الحلول للمشكلات والقضايا المعاصرة فمثلا أشد ما يحتاج اليه العالم اليوم الأخوة والمساوة، وهذه، وجميع الفضائل لا تجتمع الا في الاسلام، لان الاسلام لا يفاضل بين الناس الا على أساس العمل والبذل,, .
نلمح من المقولات والشهادات والاعترافات السابقة، هذه الدلالات.
أولاً: يشير كل من الانجليزي هاملتون، والفرنسي غرينيه، والبولندي زيجر يسكي، الى شمولية القرآن الكريم في تناول القضايا الاقتصادية، المنظمة لتعامل الناس فيما بينهم، ولاستخدامهم الطيبات، حين أمروا بالاعتدال، ونهوا عن الاسراف والتبذير، ودعوا الى ايتاء الزكاة، وقسمة المواريث بالعدل، والامتناع عن التعامل الربوي، واجتناب القمار والخمور والفجور.
ثانياً: في عبارات الفرنسي روش اشارة الى مسألة اجتماعية مهمة هي المؤاخاة، بما تولده في المجتمع من تعاون وتكاتف وتضامن، وكذلك اشارة الى مسألة اقتصادية هامة هي الزكاة، المفروضة على كل ذي مال، بعد اكتمال شروط وجوبها، من حيث الاسلام، والحرية، والملك التام وبلوغ النصاب، وحولان الحول ، بما يعود على المزكي، والمزكى له، والمال المزكى، من فوائد عديدة، كالنماء والزيادة، والاجر والثواب، اضافة الى علاج مشكلتي الفقر والبطالة في المجتمع.
ثالثاً: يؤكد الفرنسي غارودي حقيقة مفادها حاجة العالم اليوم الى مجتمع يعطي للماديات حقها، وللأخلاقيات حقها، دون شطط أو غلو، ثم يلمح الى ان هذا المجتمع تتمحور ملامحه وسماته في المجتمع الاسلامي، الذي يعتنق الاسلام دينا وعقيدة، ومنهجا وسلوكا، وتطبيقا شاملا.
رابعاً: يبين كل من آرثر وجابا ان خلاص البشرية مما تعانيه، وعلاج مشاكلها وأزماتها، وطريقة تلبية حاجاتها الانسانية، لن يتم الا باتخاذ الاسلام دينا ومنهجاً.
هذا يسير من كثير، مما اعترف به مفكرو الغرب، الذين درسوا الاسلام على حقيقته مجردين عن الهوى والتعصب، نقدمه للقراء، ليكونوا على بينة من أمرهم، ومزيداً من الثقة بأن الاسلام، هو نور الدنيا ودستورها، وطريقها الصحيح الى السلامة والفوز والرفاه.
د, زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|