أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 11th November,2000العدد:10271الطبعةالاولـيالسبت 15 ,شعبان 1421

الاخيــرة

الحَجَر
أنور عبدالمجيد الجبرتي
* وأنت، في البدء، كلمةُ الحق.
* وكان، في البدايات، حجر.
* كان، وما زال، في كل، منعطف، من زمان، ومكان، طفلاً، نظيفاً، بريئاً، صغيراً.
* وعندما يلتقي، دون موعد محدد، ولا حسابات دقيقة طفل، وحجر، وحق، تضطرب التقديرات، وتتهاوى الحسابات، وتسري، في جوانب الكون، وأعماقه، أصداء الحق القديم الأبدي، ويستيقظ، أصحاب الاحتمالات المحسوبة، والمقايضات المنقوصة، والواقعية المهزومة.
* هل نتعجب، ان ينطق الحجر، أو أن، يشعر، أو أن يفعل، الأفعال، أو يستجيب، لأيد، معروقة، صغيرة، قابضة عليه، أو نداءات، حناجر، صغيرة تستصرخه، أو أنين المكلومين، أو حزن الثكالى، أو، انتفاضات، أرض مغتصبة، وشعب، مستباح؟
بل,, ويفعل الآن، وغدا، كما كان، يفعل، في كل زمن مضى، ومنذ أن كان، في البدء، حجر، وانسان، وحق.
* أليس، من الحجارة، ما يتفجر منه الماء؟
* أو ليس، من الحجارة، ما يهبط، من خشية الله؟
* أولم، تعرض، الامانة، على الجبال، الحجارة، فأبين، أن يحملنها، وأشفقن منها؟
* انك، لتنظر، الى الجبال الحجارة، تحسبها جامدة، وهي تمر، مر السحاب.
* وإنك، لتنظر الى الجبال، تحسبها، جامدة، صامدة لكنها، لو، نزل عليها القرآن، رأيتها خاشعة، متصدعة، من خشية الله.
* وكان، أُحد، جبلا، من حجارة شهباء، في شمال المدينة، نحو الشرق منها، وكان جبلا، يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحبه المؤمنون، كان، أُحد، يبادلهم الحب، والشوق الى اللقاء.
* وقد، التجأ، فتية، مؤمنون، الى كهف حجري فكانت معجزة أهل الكهف، وكانت، قصتهم.
* ويبني النحل، من الجبال، بيوتا.
* نزلت، اقرأ، تعالى الله، قائلها، على قلب النبي الأمين، في غار حراء، فتشامخت جبال مكة، من قدسية الكلم.
* ذلكم هو الحجر، مفردة صغيرة، وذلكم، هو الجبل جملة حجرية كبيرة.
* ويضرب الله الأمثال، للناس، لعلهم يتفكرون.
* لكن ينسى الانسان، حقائق الكون العميقة، ويتناسى، بأن السموات والأرض، قائمة على الحق، والعدل، والميزان، فيصبح قلبه أشد قسوة من الحجارة التي يزدريها، ويغدو عقله، أشد انغلاقا من الكهوف، التي يهرب منها، ويصبح، ضميره، جامدا، كما الجبال التي يحسبها، جامدة، وهي من الجمود، بريئة، ومنزهة.
* ولكن، عندما تنغلق الأبواب، وتنقطع الأسباب ويراق الدم البريء، الحرام، ويستبد القوي بالضعيف، ويستفرد الطاغية بالمظلوم، وتدوى قذيفة باغية، ويحوم صاروخ ظلوم، وتندب مكلومة، وينتفض طفل ذبيح، تسرِىِ في أوصال الجبال والحجارة، رجفة الحق القديم الأبدي، وتتنادى في جوانب الكون، صيحات ميثاق العدل الأزلي، فتمتد، يد طفل صغير، بريء، جديد، الى، حجر، صغير، قديم، على غير موعد، أو ترتيب، فتتكسر، بيوت الزجاج الآثمة، وتتهاوى بيوت العنكبوت الظالمة.
* لهذا، يعلمنا، الطفل العربي، الفلسطيني الصغير، المعزوفة الخالدة، للانسان، والحق، والحجر، ويرشدنا، نحو العودة الى الأصول، ويدرسنا، طريق الوصول، ويفقهنا، حقائق الأشياء والقضايا، وجوهرها.
* اراد الله، لأمتنا، أن تتعلم، من الأطفال الصغار، والحجارة القديمة.
* ولا نزال، بخير كبير، ان استطعنا، ان نتعلم من طفل صغير، وحجر قديم.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved