| الاقتصادية
مهما بلغت الكلمات من قوة في التعبير فلن تستطيع ان تفي حق أولئك الرجال الأشداء الذين قادهم جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه - يوم امتطوا صهوات جيادهم وجالوا في الجزيرة العربية، من مدينة الى قرية ومن قرية الى هجرة ومن واد الى جبل ومن مغارة الى فلاة حاملين بيارق النصر مبشرين بانبثاق دولة عربية موحدة (المملكة العربية السعودية) دولة من البحر للبحر يسودها الأمن والطمأنينة بقواعد صلبة مبنية على التوحيد وإعلاء كلمة الإسلام، في تلك الايام كان الحفاظ على النفس والحرث والزرع أمنية صعبة المنال في ظل ظلام دامس يلف الجزيرة العربية من قرون بعيدة، حتى أشرقت البشرى بتحقيق أول أمنية عربية إسلامية بعد انهيار الدولة العباسية على يد المغول عام 656ه 1258م.
كان الناس في الجزيرة العربية دائمي الجزع والخوف وكان الأمن والطمأنينة من ضروب الخيال، حتى اشرقت شمس السابع عشر من شهر جماد الأول سنة 1351ه اليوم المبروك في تاريخ هذا الجزء الكبير من الوطن العربي حين حمل رجال مؤمنون أقوياء أشداء بشرى إعلان جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله واسكنه فسيح جناته - بولادة المملكة العربية السعودية على هدي كتاب الله وسنة رسوله الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم.
وأصبح الحلم حقيقة، فتنعم الناس بالأمن والاستقرار وسارت المسيرة وانتقلت من خير سلف إلى خير خلف حتى تسلمها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله .
مسيرة خير وبركة أبهرت العالم وكسبت الاحترام والتقدير والثناء بعد أن وصلت المملكة العربية السعودية الى مصاف الدول الحضارية المتقدمة، ضمن أطر وابعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وإنسانية جعلت العدو قبل الصديق يشيد بالمملكة يثمن دورها الطليعي ويثني على وجودها العالمي.
إن عطاء مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله - وحكومته الرشيدة كان وما زال بلاعد ولا حدود فقد امتدت أيديه الخيرة تبني في الداخل صرح دولة حضارية متقدمة وفق أحدث الأساليب والمعايير التي تبلورت عن خلق بنية تحتية حديثة معاصرة ونهضة شملت كل نواحي التحضر والتقدم تقدمتها هيكلية جديدة لنظام الحكم حيث أصدر مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله في السابع والعشرين من شهر شعبان 1421ه أنظمة الدولة الحديثة كالتالي:
1 النظام الأساسي للحكم.
2 نظام مجلس الشورى.
3 نظام المناطق.
وتبعه مكملا بأوامر ملكية في الثالث من ربيع الأول 1414ه نظام مجلس الوزراء وتشكيل مجلس الشورى واللوائح التنظيمية المرتبطة به.
وفي الثلاثين من الشهر نفسه صدر نظام المناطق مكملا الشكل العام والوجه الحضاري للدولة الحديثة.
وجاء بعده وضع النظام القضائي الحضاري المستقل على النحو التالي:
1 المحاكم الناجزة: تتولى القضايا الجزائية والمدنية.
2 المحاكم الشرعية.
3 مجلس القضاء الأعلى: للتفتيش على المحاكم والإشراف عليها والنظر في قضايا التمييز.
ثم إصدار نظام المرافعات الشرعية الذي يقوم بتنظيم إجراءات التقاضي وفض المنازعات.
وبما أننا في عصر تتفوق فيه الدول بفضل الله ثم بفضل وعي أبنائها وامتلاك قدرات التعليم والإلمام بالمعارف العلمية الحديثة، فقد كان التوجه لبناء الإنسان السعودي وفق التعاليم الشرعية والعلمية، وقد أعطي جانب التعليم اهتماماً كبيرا حتى اصبح لدى المملكة ما يزيد على 4,5 ملايين طالب وطالبة و24 الف مدرسة ومعهد و8 جامعات تضم 133 كلية يزيد طلابها على 300 ألف طالب وطالبة في مراحل البكالوريوس.
وعلى الجانب الآخر فقد حظي الحقل الصحي برعاية فائقة ووصل لمصاف الدول المتطورة طبيا بفضل الله ثم بفضل عناية ورعاية حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين، حيث بلغ عدد المستشفيات في المملكة 313 مستشفى و3390 مركزا صحيا بسعة سريرية إجمالية قدرها 45729 سريراً وتتميز تلك المستشفيات والمراكز الصحية بأحدث ما توصلت إليه العلوم التكنولوجية في التطبيب والخدمات، بالاضافة الى 16 مستشفى لمنسوبي القوات المسلحة وعوائلهم، وأسطول الطائرات للإخلاء الجوي الذي يملك خدمات مميزة، وقد بلغ إجمالي عدد الأطباء حوالي 14786 طبيبا فيما بلغ العاملون في التمريض 36348 فرداً، وبلغ عدد افراد الفئات الطبية المساعدة 21338 فردا، هذا ووصل عدد المعاهد الصحية 24 معهدا فيما بلغ عدد الكليات الصحية 13 كلية صحية منها 7 كليات للبنين و6 كليات للبنات.
وبهذا تكون المملكة قد وضعت أسس بنيوية تطبيبية متكاملة رصدت لها آلاف الملايين من الريالات وتجاوزت ميزانية وزارة الصحة ميزانية وزارات الخدمات، فالإنسان السعودي يحظى بمقدمة اولويات خطط التنمية، لذا فقد تم تصنيف المملكة من قبل منظمة الصحة العالمية صحيا في المرتبة 26 من بين 179 دولة، وجاء ترتيبها بعد المانيا مباشرة وقبل بلجيكا وأسبانيا واليونان والبرتغال.
إن الإنسان السعودي كان وما يزال محورا للعملية التنموية وهو هدفها، لذا فقد قامت حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين على نهج نفس الخط الذي رسمه مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز آل سعود غفر الله له لذا تم تطوير برامج الدعم للمواطنين لكي يساهموا في نهضة بلدهم واللحاق بركب الدول المتقدمة، وساهمت الدولة في اشكال من الدعم لمواطنيها شمل الإعانات والقروض بدون فوائد من خلال العديد من المؤسسات التمويلية مثل صندوق التنمية العقاري الذي قام بإقراض المواطنين وتشجيعهم لبناء السكن الخاص والاستثماري وشملت نشاطاته 3694 مدينة ومحافظة ومركز، حيث بلغ اجمالي القروض التي قدمها حتى نهاية العام 1420ه 444 ألف قرض خاص، بقيمة إجمالية قدرها مائة وستة عشر مليارا وسبعمائة وثمانية وعشرون مليون ريال، وقدم 2488 قرضاً استثماريا بقيمة اجمالية قدرها 5191 مليون ريال ووزع الصندوق وحدات سكنية بلغ مجموعها 21211 وحدة سكنية.
أما صندوق التنمية الصناعية فقد قدم قروضاً حتى العام 1419ه عددها 2154 قرضاً من أجل إنشاء وتوسعة مشروعات صناعية بقيمة إجمالية بلغت 35068 مليون ريال، بالاضافة الى ما قدمه من استشارات ادارية ومالية وفنية وتسويقية للمشروعات التي يقوم بتمويلها.
وعلى صعيد البنك الزراعي العربي السعودي فقد قدم خدمات للمواطنين عبر اكثر من 70 فرعا ومكتبا وقدم قروضا بدون فوائد للمزارعين حتى نهاية 1419ه 381526 قرضا بقيمة بلغت 30,5 مليار ريال وبلغت قيمة الإعلانات احد عشر مليار ومائة واربعة وعشرين مليون ريال.
وفي مجال العمل الاجتماعي قام بنك التسليف السعودي بتقديم قروض ميسرة للمواطنين ذوي الدخل المحدود للمساعدة على الزواج او ترميم البيوت او المساعدة على ايجاد مهنة أو حرفة، وقد بلغ ما قدمه البنك من مساعدات اقراضية منذ انشائه وحتى عام 1419ه حوالي 402494 قرضا بلغت قيمتها ستة مليارات ومائة وخمسة عشر مليون ريال.
كما تم إنشاء صندوق الاستثمار العام الذي انشىء من اجل دعم بعض المشروعات الإنتاجية ذات الطابع التجاري وذات المردود التنموي الاقتصادي الوطني حيث بلغت قيمة القروض منذ تأسيسه نحو 58 مليار ريال.
اما في مجال الصناعة وهي احدى اهم موازين الرقي والتقدم فقد كان للمملكة باع طويل ليس في الخوض في هذا المجال وإنما دور ريادي اقليمي ودولي بعد ان تم وضع آليات للسوق الاقتصادي بكل دقة ووضع الإجراءات والقرارات الخاصة بدعم تنمية اقتصادية ذات تطلعات طموحة تتناغم مع المتغيرات الدولية والإقليمية وتأخذ في الحسبان تطور العلاقات الاقتصادية مع دول العالم ضمن أطر وقوانين العولمة وشروط حرية السوق,, ولمواجهة المستقبل بثبات فقد تم إنشاء ثماني مدن صناعية بلغ اجمالي مساحتها 63 مليون متر مربع ويجري الآن الاعداد لتنفيذ ست مدن صناعية جديدة، علاوة على المدينتين الصناعيتين العملاقتين التابعتين للهيئة الملكية للجبيل وينبع، كما بلغ عدد المصانع المنتجة في المملكة 3335 مصنعا حتى الربع الاول من عام 1421ه وتم استثمار ما يزيد على 236 ألف مليون ريال وقد تحقق بفضل من الله معدل نمو بلغ 10% سنويا ووصل معدل قمية الانتاج الصناعي عام 1420ه حوالي 8171 الف مليون ريال وبلغت قيمة الصادرات النفطية حوالي 20 ألف مليون ريال وتصدر إلى اكثر من 118 بلدا حول العالم.
وعلى صعيد القطاع الخاص فإن الخطة التنموية الرابعة منحت القطاع الخاص دورا مميزا ليتطلع بدور تنموي وفرصة تاريخية لتملك مشاريع تملكها الدولة وفق مبدأ الخصخصة بعد ان اصبح هذا المشروع الوطني خيارا استراتيجيا وذلك لخلق ظروف اقتصادية ملائمة تساعد القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في التنمية وقد حددت الخطة الاستثمارات المطلوبة من القطاع الخاص بحدود 478,5 مليار ريال تمثل 71,2% من اجمالي الاستثمارات المطلوب تمويلها بالخطة وبمتوسط سنوي قدره 95,7 مليون ريال مع توفير فرص عمل لأكثر من 300 الف وظيفة، ومعدل نمو في استثمارات القطاع الخاص بنسبة 6,9% وتهدف هذه الخطط في النهاية الى تحسين رصيد الحساب الجاري في ميزان المدفوعات وتحويله من عجز الى فائض 7% تقريبا من الناتج المحلي الاجمالي كما يتوقع ان توفر السعودة تخفيضا ملموسا في التحويلات الخارجية.
وفي مجال الاستثمار المشترك فقد ارتفع عدد المشاريع الصناعية المشتركة التي قام بإنشائها عدد من المستثمرين السعوديين والأجانب مؤخرا الى 259 مشروعا صناعيا على مستوى المملكة وباستثمارات بلغت 12384,92 مليون ريال، وقد استوعبت تلك المشاريع عمالة بلغ حجمها 17353 عاملا.
إن المملكة بفضل من الله ثم بفضل تفاني حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين اخذت تواكب التوجهات العالمية المعاصرة بخطوات موفقة في إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى والهيئة العامة للاستثمار والهيئة العليا للسياحة وإقرار جملة من نظم الاستثمار ونظام تملك العقار لغير السعوديين ونظام تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.
وفي خضم هذا العمل الدؤوب والمسؤوليات الجسام لرفعة شأن صرح هذا الوطن المعطاء فإن القيادة الحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله لم تألوا جهدا للعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وضيوف بيت الله الحرام، فقد اتبع خطوات مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي أمن الطرق للحجاج والمعتمرين والزوار فجعل خدمة قاصديها أولويات أعماله,, وشهد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين اكبر توسعتين في التاريخ فأصبح المسجد الحرام يتسع لأكثر من مليون مصل في أوقات الذروة، وما تم إنفاقه على التوسعة والتحسينات بلغ حوالي 70 مليار ريال.
إن من الصعوبة بمكان إحصاء الأعمال الجبارة الجليلة التي قام بها مؤسس الدولة السعودية رحمه الله وأبناؤه البررة حفظهم الله، فالمنجزات لا تعد ولا تحصى وهي في صدر ذاكرة التاريخ وسجله الخالد الذي لا ينسى صغيرة ولا كبيرة.
دعائي للمولى العلي القدير ان يحفظ قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهما الله وجعلهما سندا وذخرا لهذا الوطن الكبير العزيز ودعائي للمولى أن يمدهم بالعون والتوفيق,والله ولي التوفيق.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية(منتدى لرجال الأعمال العرب) - عضو اللجنة الوطنية للسياحة
|
|
|
|
|