| الاقتصادية
تحقيق : فهد محسن الشملاني
مهما كثر الحديث عن آفة التستر التي تمارس من قبل بعض ضعاف النفوس يظل الحديث قاصرا أمام حجم هذه الآفة التي تنخر في بناء الاقتصاد الوطني بالرغم من النداءات المتكررة من المسؤولين في الجهات المختصة بعدم ايواء أو تشغيل أو التعامل مع أي عامل لا يعمل لدى كفيله إلا أننا نجد فئة غير مبالية بأنظمة هذا البلد واضعة نصب أعينها كيفية الحصول على النقود بأي طريقة كانت بما في ذلك التستر على العمالة السائبة وقد أدت هذه الممارسات الى اغلاق كثير من المحلات التجارية وتسببت في كساد اقتصادي لتلك المحلات التي يسعى أصحابها الى تأجيرها للحصول على مردود اقتصادي يعوض المبالغ التي استثمرت في هذه المحلات ولم يقتصر الضرر على المحلات فقط بل ان ذلك أدى الى كثرة العمالة الوافدة وصعوبة الحلول المطروحة للقضاء عليها وتنظيم العمل وهناك مسببات خلف هذه العملية تدار بواسطة بعض ضعاف النفوس الذين يسعون الى الكسب المادي بغض النظر عن الأضرار التي تصيب الاقتصاد الوطني أو افرازات هذه العملية وتأثيرها على أمن البلاد.
إلا ان المستثمرين المحليين المخلصين استبشروا خيرا بالقرارات الأخيرة التي تعمل على استئصال جذور آفة التستر بالعقوبات الصارمة التي طبقت ولا تزال تطبق بحق المتسترين والمتستر عليهم بتوجيهات من رجل الأمن والأمان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة.
الجزيرة التي يهمها اقتصاد هذا الوطن الغالي قامت باستقصاء بعض الأسباب المؤدية الى ذلك ونقلت بعض الحلول التي اقترحها ممن التقت بهم من المواطنين.
عقود من أجل التأشيرات
في البداية التقت الجزيرة بأحد أصحاب المحلات التجارية الذي أفاد أن محله مغلق ولم يفتح منذ أن تم استئجاره قبل ستة شهور وان الشخض الذي استأجره أعطاه ايجار ستة أشهر ثم أغلق المحل ولا يدري أين ذهب ويعتقد بأن هذا المستأجر قد أخرج رخصة باسم المحل واستقدم عليها عمال من الخارج ولم يشغلهم في المحل بل انه ترك هذه العمالة تسيب في الشوارع دون رقيب أو حسيب بينما ترك محله مغلقا وهذا بدوره أثر على سمعة المحلات المجاورة وعمل على خلق كساد في هذا الشارع نتيجة الى اغلاق المحلات وعدم وجود حركة تجارية ويقول السيد محمد حسين السراري بأن هذه الظاهرة تنعكس سلبيا على اقتصاد البلد وتوجد كسادا في السوق وهي تحتاج الى حل عاجل من قبل المسؤولين لأنها البداية الى ايجاد العمالة السائبة وفي حالة القضاء عليها يتم القضاء على العمالة السائبة ويمكن التحكم بالعامل الذي لا يعمل لدى كفيله ويخلق مشكلة في البلد ويشير السراري الى ضرورة التعاون مع الجهات المسؤولة للحد من هذه الظاهرة السلبية والتبليغ عن أي عامل لا يعمل لدى كفيله وكذلك عدم التعامل مع مثل هذه العمالة حتى لا يكون ذلك مشجعا لهم للمزيد من جلب العمالة التي لا تخدم الوطن.
كما يرى السراري لحل هذه المشكلة أن تسعود بعض الأنشطة التجارية والصناعية خاصة الصغيرة منها أسوة بقرار سعودة أسواق الخضار الذي أثبت نجاحه في استقطاب العمالة الوطنية وغلق باب التستر أمام ضعاف النفوس، كما يرى أن يتم ضبط الحوالات المالية التي استنزفت اقتصاد الوطن وذلك بتدوين جميع المبالغ التي يقوم العامل بتحويلها إما عن طريق بطاقات ممغنطة أو زيادة صفحات الاقامة لتدون بها تلك المبالغ.
المتسترون والنزر اليسير من الكسب
وتتعدى أضرار التستر النواحي الأمنية الى الخسارة التجارية والكساد الاقتصاد وهذا ما يؤكده عبدالله علي النجيدي الذي يقول ان هناك بعض المتسترين على عمالة أجنبية تعمل في حقل التجارة بأسلوب غير مشروع وذلك عن طريق المتسترين وهي عملية تتم من بعض الذين يريدون الدخول في التجارة وهم لا يعرفون كيف يديرون أعمالهم وتستغل العمالة الوافدة هذه النقطة وتشتري المحل وتعمل باسم هذا التاجر الصوري وذلك مقابل مبلغ من المال زهيد يتقاضاه المواطن لقاء تأجير اسمه الى هذا العامل الأجنبي ولا يدري بأن هذه العملية خلفها مخاطر عديدة منها أنه يمكن أن يحمل المحل الذي ليس له اسم فيه بالديون ومن ثم يتركه لصاحب المحل يتحمل هذه الديون بينما يحظى الأجنبي بالربح الكبير وحده وطالب هذا المواطن أن ينتبه أصحاب المحلات وأصحاب السجلات التجارية من مثل هذه الألاعيب التي تحيكها العمالة الوافدة ويذهب ضحيتها الباحثون عن الكسب الذي أودى بهم عدم اهتمامهم بهذا الجانب الى الوقوع في مثل هذه الحيل الخبيثة من العمالة السائبة وهذا الأمر يتطلب تكاتف الجهود بين المواطن والمسؤول في الدولة، مضيفا أن المتستر يعتبر خائناً لنفسه بالدرجة الأولى لأنه اضاع حقه وأعطاه للعامل الوافد بجعله يعمل تحت اسمه، اضافة الى خيانة وطنه والحاق الضرر باقتصاده,ويؤكد النجيدي أن بعض المحلات الغذائية وبخاصة التموينات تقوم بتأخير أركانا داخلها لبيع الفاكهة والخضروات لحساب عمالة وافدة وهو أسلوب جديد للتحايل على قرار سعودة أسواق الخضار الذي أثبت نجاحه، ويرى ضرورة تنبه المسؤولين وبخاصة مراقبي البلدية لهذا الأسلوب التحايلي والقضاء عليه في مهده.
طول الإجراءات
أما السيد فيصل نائف العنزي فيقول ان ضعاف النفوس وراء وجود هذه الظاهرة والهدف من ذلك هو الحصول على الكسب المادي بغض النظر عن النواحي الوطنية أو الاعتبارات الاقتصادية وتأثير مثل هذه التجاوزات على الاقتصاد الوطني والشيء الذي يعقد الأمور ويزيد منها هو أنه لا توجد جهة واضحة أمام صاحب المحلات من أجل اللجوء اليها عند حصول مثل هذه التجاوزات فمثلا عندما يريد صاحب المحل تقديم شكوى من أجل الحصول على حقه فإن هناك طريقا طويلا أمامه وغير واضح والنتيجة لا تكون حاسمة بل عليه أن ينتظر والاجراءات تمكث شهورا بينما المخالف يمكن أن يستفيد من هذه الاجراءات الطويلة وغير الحاسمة وهذا الأمر بلا شك أثر تأثيرا مباشرا على حركة التجارة في البلد وعمل على تقليص عدد المحلات العاملة والتي تكون في كثير من الأحيان في مواقع جيدة في الأسواق.
التقبيل لعدم التفرغ إيهاماً
يقول ي العلي صاحب مؤسسة لقد اصبحت محلاتي ضمن هذه الحيل الخبيثة من ضعاف النفوس ممن يبحثون عن التاثيرات من أجل بيعها على العمالة الوافدة وهذه مخالفة يعاقب عليها النظام إلا أنه وللأسف الشديد لا توجد جهة واضحة ومباشرة من الممكن ان يلجأ اليها صاحب المحلات عند حصول مثل هذه التجاوزات بل الأمر متروك لاجتهادات صاحب المحلات وقوة حجته في تخليص محلاته من قبضة هذه الحيل المزعجة وكثير من المحلات أصبحت تعلوها عبارات للتقبيل لعدم التفرغ أو للبيع أو غيرها من العبارات التي يهدف اصحابها الى التخلص من المحلات بعد ان استقدموا عليها عمالة وزجوا بهذه العمالة في الشوارع لتعمل دون كفيل متناسين في ذلك حق الله وحق طاعة ولي الأمر التي أمر بها ديننا الحنيف من أجل صلاح المجتمع، فهناك عدم تعاون بين المواطن والجهات المسؤولة، مضيفا أن هذه التجاوزات تؤدي الى حجز المحلات التجارية بواسطة تاشيرات العمالة التي تستقدم عليها وتبقى هذه المحلات حبيسة لهذه التأشيرات حتى يتم نقلها الى كفيل جديد وذلك لا يتم إلا من خلال اجراءات طويلة.
ويقول تركي الخضير ان هناك معاناة وخسارة يتكبدها أصحاب المحلات جراء هذه التجاوزات من ضعاف النفوس الذين فقط يبحثون عن الكسب المادي حتى من خلال مخالفة الأنظمة والضرر المستقبلي باقتصاد الوطن فهذه دعوة ومناشدة الى الجهات المختصة نرجو من خلالها ان يتم تخصيص جهة واضحة ومعينة تستقبل شكاوي أصحاب المحلات التجارية الذين تستأجر محلاتهم من أجل الحصول على التأشيرات فقط ثم يتم اغلاقها لفترات طويلة دون الاستفادة منها لأن في ذلك ضررا كبيرا فلا يمكن استئجار المحل بعد أن يستقدم عليه عمالة مرة أخرى إلا بعد نقل العمالة وهو أمر غاية في الصعوبة فكثير من المستأجرين ليس له عنوان محدد وبالتالي يبقى هذا المحل حبيس تأشيرات العمالة الوافدة فهل تتنبه الجهات المعنية الى هذه الاشكالية وهي الأساس في كثرة العمالة السائبة في البلد والتي أدت الى خلق كثير من المشاكل الاقتصادية والأمنية، ويقترح التركي ان يوقف منح التأشيرات لبعض المهن التي يمكن تغطيتها بالعمالة الوطنية مثل محلات التموينات والأدوات الكهربائية والمنزلية ومحلات قطع غيار السيارات والزينة وغيرها من أجل تضييق الفرص أمام ممارسي التستر.
العمالة غير النظامية تؤثر سلباً في اقتصادنا
لا أحد يشك أن بعض العمالة الوافدة شاركت في بناء التنمية في بلادنا إلا أن هناك من يستغل الفرصة التي تعطى له للعمل في المملكة ويخطط للكسب غير المشروع متجاهلا الأضرار التي تحصل جراء هذه التجاوزات ومن هذه التجاوزات كما يقول المواطن عبدالله الفريح المتجولون أو ما يسمى تجار الشنطة وهم يمارسون العمل دون رقيب وكثيرا ما يحمل هؤلاء البضاعة الرديئة أو المقلدة والتي يقع ضحيتها المواطن وتأثر على حركة التجارة بوجود بضاعة منافسة في الاسعار وما يدرك المستهلك أن هذه البضاعة مقلدة ثم ان البائع المتجول لا يوجد له محل معروف لذلك من السهل عليه أن يقوم بعملية الغش ويفلت من المستهلك لعدم وجود مكان يذهب اليه المستهلك عندما يكتشف أن البضاعة مقلدة أو مغشوشة وهذه نتائج تأجير المحلات واستخراج رخص من أجل الحصول على تأشيرات، ومن ثم ترك العمالة تسيب في الشوارع مقابل أجر شهري بسيط أو بيع التأشيرات من بعض ضعاف النفوس وهذه الظاهرة تحتاج الى وقفة جادة من قبل المسؤولين لمحاربتها كما تتطلب تعاون المواطن مع الجهات المسؤولة للقضاء عليها.
عمل بدون مهنة
ومما لا شك أن خلف العمالة السائبة في الشوارع والتي نلحظها في أماكن تجمع العمال في بعض الشوارع خلفها عمليات معينة أدت الى وجود هذه العمالة وبكثرة ويعلق المواطن عبدالعزيز محمد القرناس على هذه الظاهرة بقوله وأنت تتجول في الشوارع فإنك سوف تشاهد العديد من المحلات التي تعتلي واجهاتها اللافتات الجميلة والديكورات الرائعة إلا أنك عندما تدقق النظر في هذه المحلات تجدها وقد علاها الغبار وأغلقت منذ فترات طويلة وبقيت هذه الديكورات واللافتات المكلفة دون استعمال وبالطبع المتضرر الأول هو صاحب المحلات والمتضرر الغير المباشر الاقتصاد الوطني بسبب أن هناك من يطلب رخص لمحلات تجارية بمختلف النشاطات وتطلب الجهات المسؤولة من المتقدم عمل ديكورات ولافتات معينة ويقوم بعمل كل ذلك مقابل أن يحصل على الرخصة وبعد الحصول على الرخصة واستقدام العمال فانه يأخذ عليه مبلغاً من المال بشكل شهري ويدعهم يسيحون في الشوارع يعملون في أي شغلة تعود عليهم بالفائدة ضاربين بالأنظمة عرض الحائط، ويضيف القرناس أننا نشاهد بعض العمالة الوافدة تقوم بممارسة أعمال غير نظامية علنا كالباعة المتجولين وجمع خردة الحديد واطارات السيارات التالفة من الشوارع والساحات وبيعها على الجهات التي تقبلها دون سؤالهم من أين حصلوا عليها، ويتساءل القرناس: هل هناك تأشيرات للقط الحديد؟ مشيرا الى أن ظاهرة التستر تلحق الضرر بالمحلات التجارية وتوجد مشكلة العمالة السائبة فهل تعمل هذه الجهات المسؤولة على وضع مكاتب معينة ومعروفة للجميع لحل مثل هذه المشكلات التي تحصل من العمالة الوافدة ونحن على ثقة بأن المواطن سيتعاون مع الجهات المسؤولة ومن خلاله سيتم القضاء على مشكلة العمالة السائبة والتي لا تعمل لدى كفلائها.
بقي لنا ان نقول ان القرارات الصارمة التي بدأ تطبيقها على المتسترين والمتستر عليهم من تشهير وغرامات وسجن وشطب سجلات الأنشطة الخاصة بموضوع التستر بدأت تؤتي أكلها وأظهرت نتائج ايجابية فورية نحو الحد من هذه الظاهرة بشكل كبير، وأخيرا يظل الضمير فوق كل اعتبار فمتى ما حيي ضمير الانسان فإنه يجعل منه انسانا صالحا نافعا لنفسه ودينه ووطنه.
|
|
|
|
|