أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 11th November,2000العدد:10271الطبعةالاولـيالسبت 15 ,شعبان 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
ما وراء الجليد!
فوزية الجارالله
تحدثت مؤخرا في مقال لي بعنوان تحت الصفر نشر في يوم الأربعاء الموافق 21 رجب عن فئة من الناس تفتقر كثيرا الى دفء العاطفة والإحساس بالآخرين والقدرة على احتوائهم والتعامل معهم,, وقد ضربت مثلا على ذلكم بالمحاسبين الذين أثبتت احدى الدراسات العلمية تميزهم غالبا بالبرود العاطفي,, وذكرت أيضا أن بعضا من الأطباء إن لم يكن أغلبهم يتميزون أيضا بالصفة ذاتها.
ويومها حدثتني زميلة تعمل صيدلانية حول هذا الأمر قائلة يبدو وأنك قسوت كثيرا على الأطباء وجردتهم من الإحساس والعاطفة بينما هم ليسوا كذلك,, والحقيقة أنهم مشغولون بما هو أهم وأكثر حساسية حيث أن مهنة الطب تتطلب منه تفرغا لها واهتماما شديدا بها وقدرة على تطوير وتنمية الذات إضافة إلى الاهتمام بالمرضى.
وتابعت حديثها قائلة ثم إن الطبيب لا وقت لديه للتعبير عن مشاعره,, لا وقت لديه للتوقف أمام وجه إنساني بعينه وإنما يغلب على حياته الطابع العملي الآلي المبرمج,, كل أموره تتم بتخطيط وحساب,, لكل خطوة مدخلاتها ومخرجاتها تماما كما جهاز الكمبيوتر,, وأكدت قائلة: بأن الطبيب على سبيل المثال لا يلقي بالا لقصيدة شعر مهما بلغت جمالا وقوة إذ أن أمامه مرضى يعانون حالات صعبة ولديه مهام جسيمة لابد من إنجازها.
وذلك أمر لاشك فيه إذ أنني لا أطالب الأطباء بعدم الاهتمام بعملهم نظرا لأنهم يتعاملون مع فئة من البشر بحاجة إلى كل ذرة اهتمام وتركيز ذهني من قبلهم ,, ومن غير المعقول والمنطقي إطلاقا أن يعالج طبيب مرضاه دائما وفي كافة الأحوال من خلال إلقاء القصائد والمقطوعات النثرية على مسامعهم,, ففي هذه الحالة سيكون إما فاشلا أو مجنونا,, فلكل مقام مقال ولكل حدث متطلباته ,, ولكل ساعة من عمر الزمان ما يليق بها من أجواء.
الذي استنكره وأعجب له أن تتحول حياة أحدنا بما في ذلك الطبيب إلى حياة آلية مبرمجة مجردة من كل دفء عاطفي أو إنساني وأن يغلب على حياته الإيقاع المعدني الثقيل الذي يحول قلبه إلى قطعة من جليد لا يبالي بشيء إطلاقا وتتساوى لديه الأمور ,, وبشكل أكثر خصوصية يبدو ذلك مرفوضا تماما في ممارسته لحياته الخاصة مع عائلته والزملاء والأصدقاء وفي سلوكه الحياتي بشكل مجمل.
ولي مع هذا الحديث وقفة أخرى بإذن الله,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved