أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 10th November,2000العدد:10270الطبعةالاولـيالجمعة 14 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

الأرطاوية,, لا تحرموها
عزيزتي الجزيرة:
شكراً لدورك الريادي الذي تقومين به، وبعد,.
مدينتي هي الارطاوية ولدت طفلا صغيرا فيها على ذاك الحصير وسط منازلها الطينية القديمة التي كانت تعج بالهدوء والصمت، في وقت كانت فيه الحياة جميلة وميسرة، لم تكتظ بزحمة العصر ولم تعرف متقلباته، فكم كنت سعيداً طفلاً صغيراً أمشي حافي القدمين بين تلك البيوت الطينية التي نحتتها أيادي الأجداد في وقتهم، ولكن الحياة لم تتركني على حالي، بل حسدتني على تلك السعادة وغيرت مجرى اتجاهي، فالتحقت بمدارسك يا مدينتي القديمة تلك المدرسة الابتدائية التي تعتبر أول مدرسة شيدت في وقتها، وسارت بنا الأيام الى الامام حتى تجاوزنا مرحلة كبيرة من العمر والدراسة وأشرفنا على دخول المرحلة المتوسطة، وانهيتها في مدينتي التي لم اتخيل يوما من الأيام أن أفارقها، ومن ثم التحقت بالدراسة الثانوية وبعد الانتهاء منها، أحسست بانني اليوم أصبحت رجلا يتهيأ لتحمل متاعب الحياة واعبائها، وعندها سألت بعض الزملاء الى أين نذهب، فقالوا الى الجامعة، كانت الجامعة في الرياض، فكيف انتقل الى الرياض وأدرس بالجامعة هناك وأفارق مدينتي التي يجري حبها في دمي؟
لقد كان ذلك اليوم بالنسبة لي يوما غير عادي ودخلت حربا مع الأفكار والآراء، ولكنني أخيرا تغلبت عليها وأنا متعب من ذلك واتخذت قرارا، بأن اسلك درب زملائي وأكمل مشواري التعليمي، فأكملت الدراسة التي استغرقت أربع سنوات ومعي زملائي فتخرجنا، ومن ثم عين كل منا في مدينة بعيدا عن الآخر واستمر على هذا المنوال الطويل، وكنا ننتظر نهاية الأسبوع على أحر من الجمر لكي نلتقي بالارطاوية ونستعيد ذكرياتنا وسط براريها الجميلة, وها هي الأيام تسير ويأتي القرار الذي كان أقوى من القرار الذي قبله وكان الأمر مزعجا الا وهو التخطيط للانتقال الأهل الى الرياض جميعا، فلم يكن أمامي الا الموافقة على انه قرار اقتضته الضرورات، وفي كل زيارة للارطاوية أجدها مسرورة البال، ولكن في آخر زيارة وجدتها منعقدة الحاجبين وحالها لم يسرني، فدلفت منها قريبا، وقلت ما بك يا مدينتي؟
فقالت: أريد هاتفا جوالا يربطني بجاراتي وبالعالم كله، فكما ترى يا ولدي انني محرومة من هذه الخدمة التي مضى عليها أكثر من خمس سنوات واريد كلية تتدارس فيها بناتي اللاتي انهكهن المشوار اليومي الى جاراتي البعيدات عني، فكما ترى معظم بناتي يتخرجن من الثانوية ويبقين أسيرات البيوت لظروفهن التي لا تساعدهن على السفر اليومي.
وسألتها: وماذا أيضا تريدين، فأجابت أريد أرصفة تنظم شوارعي القديمة والحديثة، فكما تعلم يا ولدي انني أقدم هجرة بالتاريخ، فكيف يتركونني هكذا، وجاراتي يتمتعن بهذه الخدمة، وأريد انارة تضيء شوارعي الفسيحة، وكما تعلم يا ولدي فانني واقعة على طريق يتخطاه كل المسافرين من الداخل والخارج فانني أريد أن أظهر أمامهم بالمظهر الجميل الذي يعجبهم، فأين عني يا ولدي من هذا الوقت كله، ثم إنني أريد مياها منقاة لكي يشرب منها أبنائي وكل من يسكنني، فمثل ما ترى يا ولدي هذه هي المياه زادتهم عطشا وابلت ملابسهم ولونت بشرتهم، فحاول جاهدا ان توصل ندائي هذا الى كل مسؤول لكي يسعى الى تحقيق طلباتي.
فقلت: ابشري يا أماه، أبشري، أعدك بانني سأوصل صوتك الى هؤلاء المسؤولين الذين يسهرون لخدمة كل أم حنون مثلك.
خالد عبدالعزيز السعد
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved