أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 10th November,2000العدد:10270الطبعةالاولـيالجمعة 14 ,شعبان 1421

أفاق اسلامية

علامة المحبة
كثيراً مايدّعي بعض الناس محبته لأمر ما أو لشخص ما، ولكن فعله وتصرفاته توحي بعكس ذلك, فهناك علامات ودلائل يُعرف بها صحة دعواه من عدمها، فإذا توفرت فيه هذه الدلائل والعلامات عرفنا أن دعواه صحيحة، أما إن كانت غير موجودة وغير ظاهرة فهذا دليل على كذبه وبطلان دعواه.
ولتوضيح هذا الأمر أضرب هذا المثال:
بعض الناس يدّعي محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكن عندما ترى أفعاله وتسمع أقواله تجدها مخالفة لهذا الادّعاء، فماهي الدلائل والعلامات التي نعرف بها صدق هذا الرجل من كذبه؟
الدلائل والعلامات كثيرة وسأكتفي بذكر بعضها لأهميتها ولانها تغني عن غيرها.
فأول هذه العلامات تقديم محبتهما على ما سواهما ففي الحديث الصحيح: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما,,,, ,, الحديث, وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من سوّى بينه وبين غيره في المحبة، وأخبر أن من فعل ذلك فقد اتخذ من دونه انداداً يحبهم كحب الله، قال تعالى: ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشدّ حباً لله ,, الآية 165 البقرة, فكيف بمن قدّم محبة مخلوق على محبة الخالق؟!
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين , وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يارسول الله، والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي؛ فقال: لا ياعمر حتى أكون أحب إليك من نفسك ، قال: والذي بعثك بالحق لأنت أحب إلي من نفسي، قال: الآن ياعمر .
ثاني هذه العلامات اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم والله غفور رحيم 31 آل عمران.
وما أحسن قول القائل:


تعصي الإله وأنت تزعم حبه
هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع

وثالث هذه العلامات: الإكثار من ذكر الله عز وجل والصلاة على النبي فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره.
والعلامة الرابعة من علامات محبة العبد لربه محبة كلامه وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله في كتابه القيم الداء والدواء كلاماً جميلاً أنقله بنصّه ص 344 345 يقول رحمه الله: (محبة كلام الله من علامة محبة الله، وإذا أردت أن تعلم ماعندك وعند غيرك من محبة الله، فانظر محبة القرآن من قلبك، والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعهم، فإن من المعلوم أن من أحب محبوباً كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه، كما قيل:


إن كنت تزعم حبي
فلم هجرت كتابي؟
أما تأملت مافيه
من لذيذ خطابي

وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله وكيف يشبع المحب من كلام محبوبه وهو غاية مطلوبة؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه: اقرأ عليّ فقال: اقرأ عليك، وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب أن اسمعه من غيري فاستفتح فقرأ سورة النساء، حتى إذا بلغ قوله: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً قال: حسبك فرفع رأسه فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان من البكاء.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا اجتمعوا وفيهم أبوموسى يقولون: يا أباموسى ذكرّنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون, فلمحبي القرآن من الوجد والذوق، واللذة، والحلاوة، والسرور أضعاف ما لمحبي السماع الشيطاني، فإذا رأيت الرجل ذوقه ووجده وطربه وتشوقه إلى سماع الأبيات دون سماع الآيات، وسماع الألحان دون سماع القرآن، كما قيل: تُقرأ عليك الختمة وأنت جامد كالحجر، وبيت من الشعر ينشد تميل كالسكران,فهذا من أقوى الأدلة على فراغ قلبه من محبة الله وكلامه، وتعلق بمحبة سماع الشيطان، والمغرور يعتقد أنه على شيء), أ,ه.
اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سلطان المهوس
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved